وقعت واحدة من أشهر الشبكات الإخبارية على مستوى العالم في عدة سقطات منها ما هو غير مبرر إطلاقا، لاسيما عندما اعتبرت أن قلعة حلب تقع تحت سيطرة "المقاتلين المعارضين" الذين يتخذونها قاعدة عسكرية لهم.
وجاءت هذه المعلومة المغلوطة في سياق تقرير مصور نشرتها شبكة "سي إن إن" الأمريكية تحت عنوان "معالم أثرية لن تراها قريبا، محتها الحرب السورية"، حيث عرض لقطات لـ10 معالم منها.
وقالت الشبكة إن عمر القلعة يبلغ 4 آلاف عام على الأقل، منوهة بـ"صمود" هذا المعلم رغم مرور القرون وتعاقب الإمبراطوريات، لتضيف الشبكة لاحقا: "لكنها (القلعة) أصبحت تستخدم اليوم كقاعدة عسكرية للمقاتلين المعارضين خلال النزاع الأخير، كما قيل بأن الجدران الخارجية لها تعرضت للقصف من قبل القوات السورية".
ورغم أن "سي إن إن" أفردت مساحة لا بأس بها من موقعها الإلكتروني لتغطية أحداث الثورة السورية مع دخولها عامها الخمس، فإن تفاصيل التغطية لم تكن موفقة –بل ربما كانت ملغومة- في بعض الأحيان، ومن ذلك السقطة المدوية حول قلعة حلب، إذ لايعقل أن معلما بهذه الضخامة يغيب من يسيطر عليه عن بال قناة كبرى، لاسميا ان "المعارضة" لم يسبق لها مطلقا أن سيطرت على القلعة، التي بقيت في قبضة النظام، ما ينفي أي مجال للشك.
ويعمق من الشعور بفداحة الهوة التي وقعت فيها "سي إن إن" اعتمادها الألفاظ المؤكدة حين تحدثت عن أن القلعة تقع تحت سيطرة "المقاتلين المعارضين" وهي "قاعدة عسكرية" لهم، بينما جنحت الشبكة نحو الألفاظ الاحتمالية معدلة لهجتها إلى كلمة "قيل" حين تحدثت عن قصف قوات النظام للقلعة!
ولم يكن التعليق المرفق بصورة لقلعة حلب هو الهفوة الوحيدة لـ"سي إن إن" في هذا التقرير، حيث لاحظت "زمان الوصل" أن الشبكة علقت على صورة جامع حلب الكبير (الجامع الأموي) بلغة مبهمة ومنسوبة إلى "مجهول" حينما تحدثت عن تدمير منارة الجامع العائدة إلى القرن 11 ميلادي، معتبرة أن المئذنة "تناثرت لحطام خلال الحرب السورية عام 2013"، دون أن تشير من قريب أو بعيد لتورط النظام في تدمير المئذنة، التي يبدو من لغة "سي إن إن" أنها سقطت من تلقاء نفسها أو أن الطرفين (النظام والمعارضة) شريكان في إسقاطها وتدميرها، رغم أن الوقائع والمقاطع المصورة تقول خلاف ذلك تماما.
وفي حديثها عن "مدينة بصرى" أشارت الشبكة إلى مدرجها الأثري، العائد للقرن الثاني الميلادي، والذي "تهدم بعد القصف" دون أن تنسب القصف لأحد، وكأن الشبكة تشبه لجنة التحقيق الكيماوية التي أرسلتها الأمم المتحدة، والتي كان عليها أن تثبت استخدام السلاح الكيماوي في سوريا، دون أن تشير ولو تلميحا إلى الطرف الذي استخدمه!
وفي استعراضها لنواعير "حماة" اكتفت الشبكة الإخبارية بالقول إن خبراء "وثقوا حرق عدد منها على يد مقاتلين عام 2014"، دون أن تقول لنا من هم هؤلاء "المقاتلون" وما هي صفتهم ولمن يتبعون، علما أن مدينة "حماة" خاضعة لسيطرة محكمة من النظام، ومكان توضع النواعير فيها يعد "خطا أحمر" يصعب اختراقه أو الاقتراب منه، لما يكتنف المدينة من إجراءات أمنية بالغة التشديد.
وبنفس العبارات المبهمة المطاطة، تحدثت "سي إن إن" عن الجسر المعلق و"جسر السياسية" مشيرة إلى انهيارهما تحت القصف، دون أن تسمي "الجهة القاصفة"، رغم أن الوقائع تدل على تورط النظام في كلتا الحادثتين، بل إن النظام اعترف صراحة بتدمير "جسر السياسية" بحجة "قطع طرق الإمداد" عن المناوئين له.
وخلافا لبقية المعالم العشرة التي تم عرضها، جاء اتهام الشبكة للنظام بقصف قلعة الحصن في ريف حمص صريحا وواضحا، لكنه جاء مبررا وفق الصيغة التالية: "ولكن جدرانها (القلعة) تضررت بعد قصف للنظام السوري بالمدفيعة عام 2013، الذي استهدف الثوار المعارضين الذين احتموا داخلها".
زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية