أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

شهيد في غياهب السجون.. د. عبدالحفيظ شرف*

الدكتور أنس قطيفاني

ما أصعبها من لحظات تلك التي تمر على معتقل في غياهب الظلمات، يلتفت يمينا ويسارا فلا يرى إلا ظلاما دامسا، لا يرى النور إلا في قلبه وبصيرته، فينزل الله سكينته عليه ويرى من خلال هذا النور الدنيا ومافيها فيدبر عنها متجها إلى الآخرة التقيت بالدكتور أنس قطيفاني لقاء واحدا، فدخل هذا الرجل إلى قلبي بكلماته العذبة وأدبه الجم وخلقه الرائع وابتسامته التي تدل على صفاء قلبه الأبيض الذي لم يحمل لأحد إلا خيرا، ثم سألت عنه فلم أسمع عنه إلا خيرا، طبيب جراحة عظمية عالي الثقافة ورجل خير هو وأهله من تجار دمشق الطيبين، فكان من أهل العطاء والبذل للمحتاجين والمنكوبين، رجل واثق بالله تعالى يقول وبكل ثقة عندما يساعد محتاجا أو يقف إلى جانب أسرة هجرها أو قتل معيلها بشار الأسد (لن يأخذ هذه الروح إلا باريها سبحانه وتعالى)، تاجر من تجار دوما الأبرار وقف بحق إلى جانب أهله ولم يعش في قصر عاجي بعيدا عن معاناة أهله وإخوانه، حيث أكمل مسيرة والده الحاج محمد القطيفاني في مد العون لفقراء المدينة عبر الجمعية الخيرية لإغاثة المحتاجين في دوما، حيث انضم الى مجلس إدارة الجمعية وكان له اليد في تطوير مكاتب ونشاطات الجمعية، نصحته وبصوت عال يا دكتور لا ترجع إلى دمشق، فأنت مهدد فأجابني بقلب مطمئن واثق بالله سبحانه وتعالى (مثلي متل هالناس واللي بيصير عليهم بيصير علي).

أمثال هذا الرجل بنظر بشار الأسد لا يصلحون للعيش في سوريا، فهو يريد شعب جاهل غير مكترث بما يجري حوله، ولا يفكر إلا بنفسه ولقمة عيشه فأرسل رجاله وجنده فاعتقلوه منذ سنتين في صيدنايا.
واليوم خرج شهيدا من سجون المجرم... رحمك الله يا دكتور أنس وأسكنك فسيح الجنات وأسأل الله أن تكون مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا..

رجل فاضل يشهد له الجميع بالخير والصلاح وعمله سبقه، فضحى بنفسه وحياته ليساعد ضعيفا أو ليداوي مريضا أو ليسعف جريحا، وإنا لله وإنا إليه راجعون ... هذا الطبيب الطيب صاحب الابتسامة الجميلة يودعنا إلى جنات الخلد بإذن الله ... ويرسل لنا رسالة تذكير أن لا تنسوا من هم في غياهب السجون ومن هم في غرف التعذيب لأنهم أصحاب رأي أو موقف أو كلمة حق أو مساعدة لمسكين أو مداواة لمريض أو لإسعاف جريح.

الرحمة لروح الشهيد بإذن الله الدكتور أنس قطيفاني والفرج للمعتقلين.

* مدير عام قناة "سوريا الغد"
(191)    هل أعجبتك المقالة (228)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي