مبارك على السعودية احتلال اليمن.. د. عوض السليمان*

منذ بداية الثورة السورية، قلنا لحكام الخليج العربي ، إنكم إذا كنتم تريدون تحجيم إيران وغزوها الشيعي للدول الإسلامية والعربية، فعليكم أن تسقطوا بشار الأسد أولاً، إلا أن معظم دول الخليج، لم تلق بالاً لما يحدث في سورية إلا من خلال شراء الولاءات وتوزيع المال السياسي، وأخيراً الوقوف في صف الولايات المتحدة ضد الثورة السورية.
قد يكون عبثاً الحديث إلى حكام الإمارات عن الثورة السورية أو عن خطورة المد الإيراني، إذ أننا نعتقد، ومنذ زمن طويل، أن الإمارات مشاركة فعليا في مساعدة إيران وبدقة أكثر، مساعدة الشيعة للتوسع في المنطقة على حساب السنة، ويكفينا أن نتذكر موقف الإمارات في دعم السيسي، وموقفهم المخزي من حكومة العدالة والتنمية في تركيا، ووقوفهم في صف القتلة في دمشق، غير ناسين صمتهم المريب والمشبوه عن ضم إيران للجزر العربية (أبو موسى وطنب الصغرى والكبرى)، ومساندتهم للحوثيين في احتلال اليمن. ولا أعتقد أن إيران أشد فارسية وأكثر تشيعاً من حكام الإمارات الذين لا يتوقفون عن حياكة المؤامرات وخدمة العدوين الإيراني والأمريكي في المنطقة العربية.
ولا تنفع هذه المادة للحديث عن العلاقة الوطيدة بين حكام مسقط وطهران، لكن المصيبة كل المصيبة في الموقف السعودي مما جرى في سورية وما يجري اليوم في اليمن.
على الطريقة السورية بالضبط، أدانت دول الخليج وعلى رأسها السعودية ما يجري في اليمن من ابتلاع الحوثيين لدولة عربية عريقة، وتسليمها لإيران، والسيطرة التامة على عاصمتها وإقالة رئيسها. وبدل أن تقوم قوات درع الجزيرة بعمل ما لتحرير البلد المحتل، تمخض الجبل الخليجي عن فأر الإدانة. ومن يدري، أ لم تسع "المملكة الإسلامية" على الدوام لمحاربة المسلمين تحت مسميات الحرب على الإرهاب والحرب على الإخوان المسلمين، فلعل السعودية اليوم في غبطة أن تصبح إلهام شاهين منظرة الإسلام في مصر، وأن يصبح الحوثيون مراجع الدين في صنعاء بدل حزب الإصلاح.
إن على السعوديين المعتمدين على الحماية الغربية، أن يعلموا جيداً أنه سيأتي الوقت الذي ستطلب فيه أمريكا من حليفتها الفارسية احتلال السعودية نفسها، ولن ينفع الخليج العربي كله كل تلك الأموال التي تتدفق للجيش الأمريكي من ثروات المسلمين وعرقهم.
ألا يكفي السعودية أن ترى إيران وقد احتلت اليمن، وهجّرت سنة سورية، واستبدلتهم بالشيعة، ودمرت العراق، وحاربت المسلمين في أفغانستان وأفسدت بلاد السنة في أفريقيا؟. أولا تعلم السعودية أن حزب الله، أي إيران، يحتل لبنان وعطل المجلس النيابي عن انتخاب رئيس للبلاد منذ ستة أشهر تقريباً.
تعلم السعودية ذلك طبعاً، ولكنها مشغولة مع الولايات المتحدة بتقطيع أصابع المسلمين، وانتزاع شوكتهم واتهامهم بالإرهاب. والحقيقة أنه لم يشهد التاريخ بلداً كالسعودية تحتضن مكة والمدنية ولا تعمل إلا للقضاء على قوة المسلمين وإذلالهم. فمِن دعم السيسي في مصر، إلى موقفها المشين من زين العابدين بن علي، إلى استثماراتها في بورما وسكوتها عما يحدث في إفريقيا الوسطى ومالي، إلى اتهام كل أعداء أمريكا بالإرهاب.
روّجت السعودية في الآونة الأخيرة أفكاراً مريبة لا تقل في خطورتها عن الفكر الشيعي الإيراني، مثل عبارة "داعش هي الخطر الأول على المسلمين في العالم". ومع أنني هنا لا أناقش إن كان تنظيم الدولة خطراً على المسلمين أم لا، ولكنني أناقش عبارة الخطر الأول على المسلمين في العالم، والتي تعني بمنتهى الوضوح أن إسرائيل ليست الخطر الأول على المسلمين، ولا الولايات المتحدة ولا بشار الأسد، ولا الحوثيين في اليمن أو الشيعة في إيران، بل تنظيم الدولة وحسب.
إذاً طوبي للمسلمين إذ تمثلهم السعودية، حرب على الإسلام والمسلمين في تركيا ومصر وسورية واليمن وفلسطين، وصمت على الإجرام الصهيوني والأسدي، وفوق كل ذلك مهانة أمام الغرب والولايات المتحدة.
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية