صور التعذيب في "زمان الوصل" فضحت الأسد وكشفت معارضيه.. د. عوض السليمان*

.
لو رأيتم، إن لم تروا، مناظر إرهابيين محترفين، على الصعيد الشخصي والدولي، وهم يحجّون إلى باريس للتعزية بضحايا "الإرهاب الأصولي". لو رأيتم نتنياهو، مجرم الحرب، وهو يتألم بسبب الإرهاب الذي ضرب شارلي إيبدو.
خمسون دولة حضرت، وأكثر منها عزّت بضحايا الهجوم الذي وقع في باريس وتم نسبه إلى مسلمَين تم قتلهما قبل أن يشهدا أمام قاض أو يمرا أمام محام. ثم تراكضت الدول بما فيها الإرهابية للتعزية بالضحايا الاثني عشر علماً أن تلك الدول قتلت ملايين المسلمين.
إلى أي حدّ يسترخصون السوري ودمه؟ أ لدرجة أن يقف العالم المتمدن إلى جانب بشار الأسد فيساعده على قتل الأطفال واغتصاب النساء؟. أ ليس عجيباً أن يستشهد عشرات السوريين كل ساعة، ولا تأتي إلينا ميركل ولا هولاند، ولا أوباما ولا حتى ملك الأردن لتعزيتنا بضحايا الإرهاب.
لماذا يكون من حق صحفيي شارلي أن يبكيهم العالم، ولا يحق هذا لأطفال سورية وأبريائها.
في اليوم الذي تم فيه الهجوم على شارلي إيبدو، كان عدد الضحايا السوريين قد تجاوز مائتي ألف شهيد ضربهم الإرهاب. ولربما في الساعة التي سقط فيها صحفيو إيبدو، كان عدد الإعلاميين الذين قتلهم الأسد قد تجاوز عدد صحفيي باريس كلها، وفي اللحظات التي دخل فيها المهاجمون مقر الأسبوعية الفرنسية، كان هناك أطفال أبرياء لا تعرف وجوههم إلا الابتسام، استشهدوا تجمداً في مخيمات اللجوء بإرهاب الأسد وإرهاب من سكت عليه.
في الوقت الذي تتجمد فيه ابتسامات أطفال سورية بسبب الإرهاب، يجتمع الزعماء في باريس ليدينوا عملاً فردياً لا ندري صدقه من كذبه، علماً أن أطفال سورية لم يستخفوا بعقيدة أحد ولا يعرفون لماذا كتب عليهم أن يموتوا في الصقيع، وما فهموا عجز أمهاتهم عن حمايتهم من الموت.
وفي الوقت الذي يتباكى فيه العالم المتمدن على حرية التعبير، يترك الشعب السوري ليموت بسبب مطالبته بحرية الحياة فقط، ولا يحرك ساكناً لمساعدته.
ليس لنا عتب على الغرب، فهؤلاء أدمنوا الإرهاب واعتادوه، إنما الطامة الكبرى في وسائل إعلام الثورة والمعارضة السورية من ائتلاف إلى مجلس إلى أسماء أخرى لم نعد نحصيها.
وإنني إذ أكتب عن هذا أشير إلى ما نشرته "زمان الوصل" من صور للتعذيب في السجون السورية، تلك الصور التي يندى لها جبين البشرية كلها في الغرب والشرق، تعذيب وتمثيل بنساء ورجال ووجوه مكشوفة للجلادين في دليل إدانة لا نقاش فيه لبشار الأسد وشبيحته، بالاعتداء على الإنسانية بطريقة حيوانية. دليل لا كدليل الأخوين كواشي الذين لم نسمع منهما شيئا، حيث قتلا برصاص الأمن الفرنسي بدل القبض عليهما ومحاكمتها.
هذه الأدلة التي تنشرها الصحيفة، أهملت من قبل الإعلام الغربي لأسباب مفهومة أحدها ما حدث في باريس، ولكنّ الفضيحة أنها أُهملت من بعض وسائل إعلام الثورة والمعارضة، وما على المتابع إلا أن يقلب في مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتأكد من ذلك.
أرجو من القارئ الكريم أن يتجول في صفحات المعارضين ابتداء من جماعة "لا للطائفية" وليس انتهاء بجماعة الدولة المدنية، مروراً "بحملة أغصان الزيتون" وأن يعرّج على ما يسمى المجلس الوطني وشقيقه الائتلاف ولا بأس بالنظر في صفحات هيئة التنسيق والبناء وغيرها، وسيتأكد أن معظم المعارضين لم ينشروا تلك الصور، مع ما في نشرها من ضغط على بشار والمجتمع الدولي.
كان على المعارضة العبقرية التي تدعي تمثيل الشعب السوري، أن تفتخر بما فعلته "زمان الوصل"، وكان عليها أن تحمل تلك الصور إلى السفارات تفضح الأسد ومَن وراءه، لا أن تتستر عليها لمواقف شخصية رخيصة.
هل أهملت المعارضة تلك الصور لفقرها السياسي؟ أم لأنها جاءت عن طريق صحيفة "زمان الوصل" التي كشفت وعرت كثيراً ممن ادعو أنهم مع المعارضة؟ أم للسببين معاً.
هل تريد بعض أطراف المعارضة التي تعرضت لهجوم "زمان الوصل" وكتابها، أن نزيل شعار "زمان الوصل" مثلاً عن الصور حتى تنشرها، أما أنها تخاف حال توزيعها من غضب الأب الأمريكي على أولاده في استنبول فيقطع عنهم المعونة.
نطالب المعارضة أن تكشف لنا لماذا أهملت تلك الصور، ولماذا أهملت أول من سربها وهو الضابط المسمى بالقيصر. نريد أن نعرف أين هو، وهل تكفل له الحياة الكريمة، وتحميه، وتستفيد من صوره تلك، أم إن إعلام المعارضة لا يعرف قيمة الصورة وأهميتها في التأثير على الرأي العام الدولي؟.
بقي أن أقول إننا ننتظر صوراً أخرى من "زمان الوصل" في القريب العاجل وننتظر أن يقوم قراء الصحيفة ومحبيها بنشر تلك المواد على أوسع نطاق، ليس لفضح الأسد والمجتمع الدولي فحسب، بل ولفضح بعض معارضيه أيضاً.
دكتوراه في الإعلام - فرنسا
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية