أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ايلاف : فوضى وعدم استقرار ينتظران مصر اثناء انتقال السلطة

 ان اميركا ستدفع الثمن غاليا بسبب تراجعها عن  اجندة الديمقراطية والاصلاح فى مصر"، كما ان استراتيجية "الرجال الاقوياء يفرضون الاستقرار" التى تنتهجها سرعان ما ستتجرع اخطارها السلبية،  فالحكام المسنين سيموتون ، وفى غالب الاحيان سيحل محلهم حكام ضعفاء، ومن المتوقع ان يصاحب انتقال السلطة تفجر في الاوضاع ، ومن ثم تكون النتيجة الحتمية حالة من عدم الاستقرار تلوح فى الافق ".
 
هذا ما خلصت اليه نتائج دراسات كثيرة سواء داخلية او خارجية واخرها دراسة لمعهد انتربرايز الاميركى اجرتها كارولين سيفير مديرة برنامج دراسات سياسات الدفاع والشؤون الخارجية بمعهد انتربرايز الاميركى للاوضاع التى  يمكن ان تكون عليها مصر اثناء انتقال السلطة الى الخليفة القادم بعد الرئيس مبارك والمرشح لها بقوة نجله جمال مبارك.

وبحسب كارولين فان "التحديات خطيرة سواء من الداخل او الخارج، ولا شك ان عدم وجود آليات شفافة للخلافة تحظى بموافقة الجماهير ستكون تلك اللحظة مصحوبة بأزمات خطيرة تتحدى القائد الجديد".

فمصر الحليف الرئيسى  للولايات المتحدة في الشرق الاوسط و ثالث أكبر مستفيد من المساعدات الخارجية الاميركية بعد اسرائيل والعراق ،والبالغ عدد سكانها 80 مليون نسمة تتركز معظم ان لم يكن كل تكهنات الخلافة حول جمال  نجل الرئيس  مبارك الذي يعد الشخصية المفضلة بين الدبلوماسيين الغربيين .

وقد تلقى جمال تعليمه في الجامعة الاميركية في القاهرة ، كما عمل في وقت لاحق في الاستثمار المصرفي ما بين لندن والقاهرة لدى بنك اوف اميركا . وفي عام 1998 انشأ مؤسسة جيل المستقبل ، وهي منظمة غير حكومية توفر التدريب المهني لاصحاب المشاريع من الشباب . وفي ابريل 2007 تزوج من خديجة الجمال ابنة احد ابرز رجال الاعمال المصريين.

صعود جمال في صفوف الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم كان بسرعة النيازك . ففي عام 2000  عينه والده في الامانة العامة للحزب الوطني. وفي سبتمبر 2002 وتحديدا في المؤتمر السنوي الثامن للحزب ، اصبح رئيسا لامانة السياسات التي انشئت حديثا وتتألف من مجموعة من  الاقتصاديين الشبان ممن تلقوا تعليمهم في الغرب ، ورجال الأعمال والاكاديميين . و بعد مرور ست سنوات في الحزب الحاكم اصبح جمال مساعد الامين العام للحزب. وقامت الصحافة القومية المملوكة للدولة بوضعه هو و مشروعاته في بؤرة الضوء. وفي عام 2003 وهو رئيسا لامانة السياسات  قدم ومرر تشريعات  لالغاء محاكم أمن الدولة  وإلغاء نصوص في قانون العقوبات وانشاء المجلس القومي لحقوق الإنسان .وفي السنوات الاخيرة ظهر جمال مع والده  معا امام الجمهور وعلى شاشات التلفزيون في احداث ومناسبات شتى ، وهو ما لعب دورا في تأجيج التكهنات في الشارع المصري عن الدور المقبل للجمال.

خلافة جمال ليست محل رضا في الشارع المصري وكانت سببا في استياء السياسيين من ما يمكن تسميته بالتلاعب السياسي الذي مكن جمال من الصعود. وتقول احدى وثائق حزب التجمع بشكل محتقر ان هناك  " محاولات خفية لتوريث النظام السلطة الى جمال ابن الرئيس مبارك والذي يبلغ من العمر 39 عاما " .  وكان البرلمان قد اجرى في 26 مارس  2007  تعديلا على الدستور المصري لتمكين  نائب الرئيس من تولي المهمة بعد موت الرئيس او اصابته بالعجز. وادى ذلك الى زيادة التكهنات بأن جمال مبارك قد يصبح نائب الرئيس وهو الكرسي الذي ترك شاغرا منذ ان صعد مبارك من منصب  النائب الى سدة الرئاسة بعد اغتيال الرئيس الراحل  أنور السادات  في عام 1981.

ومن وجهة نظر جورج اسحاق منسق الحركة المصرية من اجل التغيير كفايه  "  ابن الرئيس ، اقوى رجل في الفريق. قل لي  شخص واحد يستطيع ان يقول انه سيرشح نفسه امامه ". 

ولا يحظى جمال بدعم العسكريين ، فالعديد من الضباط يرونه صغير السن ، قليل الخبرة ، ولا يمثل صفوفهم لانه لم يكن قط عسكريا. فمنذ انقلاب الجيش بقيادة عبد الناصر على النظام الملكي عام 1952 ، خرج الرؤساء الثلاثة  من صفوف العسكريين  ومن بعد الثورة يلعب الجيش دورا كبيرا في الدولة والمجتمع . وجمال ليس من خلفية عسكرية وقد اعرب ضباط سابقون عن القلق بشأن مسألة خلافته حيث يقول امين هويدى وزير الدفاع الاسبق   " ستكون غلطة عمر الرئيس مبارك اذا حدث توريث للسلطة ".  وإذا حاول جمال ان يصبح حتى  مصلح اقتصادي فلن يسلم ايضا من المعارضة العسكرية لان اي خطوة يقوم بها جمال في هذا الاتجاه سينظر اليها الجيش بانها مخطط لتقويض نفوذ الجيش ، فالمعروف ان الجيش يتمتع بامتيازات كثيرة في عهد مبارك لا يتمتع بها قطاع اخر في الدولة. 

ورغم تمرير التعديلات الدستورية التي تبدو ظاهريا انها ترمي الى تعزيز الديمقراطية الا ان  الحكومة المصرية لا تزال تستخدم كالمعتاد تكتيكاتها لمنع اي مجموعات معارضة او ليبرالية او غير ذلك ، من الصعود الى السلطة. وهذه الفئات ولا سيما  تنظيم الاخوان المسلمين قد يسعى الى استغلال الفترة الانتقالية للسلطة . ففي مارس 2005  نزلت  الجماعة الى الشوارع لتعرب عن سخطها من الاعتقالات الجماعية لاعضائها. وتظاهر اعضاء كفاية واشتبكوا مع الشرطة. ومن المحتمل ان يصعد حزب الغد ويعود مره اخرى بقوة على الساحة مرة اخرى تحت قيادة ايمن نور . والجيش المصري على الجانب الاخر ربما يستخدم ما لديه لاعادة تأكيد دوره المتميز على الساحتين السياسية والاقتصادية .

دبلوماسيون اميركيون  تبنوا جمال على امل ان صورته كمصلح قد تتحقق ويكون قادرا على دفع عجلة الاقتصاد المصري المتخلف في القرن الحالي. ففي عام 2006  سافر الى واشنطن للقاء موظفين على مستوى عال في الادارة الاميركية بمن فيهم نائب الرئيس ديك تشيني  ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس  ومستشار الامن القومي ستيفن هادلي  مما اوحى للرأي العام المصري ان جمال يتمتع بتأييد الولايات المتحدة. وهذا تسبب في ازدراء عددا كبيرا من المحافظين القوميين الذين يساورهم القلق من دوافع الولايات المتحدة.

نهاية ، من يخلف مبارك سيكون عليه مواجهة تحديات كبيرة من قبل الاسلاميين والمحافظين الدينيين.  فالعديد ينظر الى اصلاحات مبارك الدستورية 2007  كمحاولة زائفة  للحفاظ على السلطة لحزبه الحاكم ضد تحديات المحافظين الدينيين. وتنص المادة 5 من الدستور المعدل على سبيل المثال، بحظر تشكيل الاحزاب السياسية التي تقوم على اساس ديني. وبالرغم ان حكومة مبارك نجحت في سحق الارهاب الاسلامي المتطرف في التسعينات ، الا ان خلايا المتمردين يمكن ان تنشأ مرة اخرى بعد وفاة الرئيس. ويقول خبير استراتيجي طلب عدم كشف هويته  "بسبب سياسة الخنق هاجر بعض المتطرفين المحليين الى اماكن اخرى للانضمام الى صفوف القاعدة والمنظمات الارهابية الاخرى وهؤلاء ينتظرون اللحظة المناسبة للعودة مرة اخرى ولن يكون انسب من لحظة انتقال السلطة وبالنسبة لهم" ان الخلافة المجهولة التي تفتقد للتأييد الشعبي حتما ستؤدي الى محاولات احزاب المعارضة والمتطرفين للتأكيد انفسهم بقوة اكبر.  و مصر  مثال الاستقرار في الشرق الأوسط قد تنقلب رأسا على عقب وحينها لن يكون جمال او غيره قادرا على توطيد السيطرة.

(114)    هل أعجبتك المقالة (102)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي