أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

اغتالوا الإمام النووي مجدداً؟.. ناصر الدين الجيلاني

ماتبقى من القبر

دائماً كان أبي يحكي لي عن قبر الإمام النووي الذي زاره أكثر من مرة وقرأ له الفاتحة، وذلك أثناء ذهابه إلى قرية نوى في حوران مهد الثورة السورية.

ارتبط الاسم في مخيلتي منذ صغري، ثم في جامع مدينتنا أعطيت كتيباً صغيراً اسمه "الأربعون النووية"، لمؤلفه الإمام الحافظ "أبو زكريا محيي الدين يحيى النووي".

لا زلت أذكر الاسم تماماً الذي على الكتيب فقد نلت بسببه جائزة بسبب حفظي له (ومن المعروف أنّه يحوي أربعين حديثاً نبوياً مهماً عن الإسلام والإيمان وفضائل الأعمال)، كانت تلك بدايات تعلقي بأسماء مهمة ولها أثرها ليس علي فحسب، بل على المحيط الإسلامي كله.

لم يخطر ببالي أنّ الإمام ذاته قد يمر معي مرات عديدة أخرى، ففي الصف التاسع مثلاً، قرأتُ ورقة من تقويم الهاشمية التي كانت تضع حكمة ما أو أثراً أو شعراً جميلاً خلف تاريخ كل يوم، فكانت الكلمات عن الإمام النووي نفسه، ولا زلت أتذكرها جيداً.


"جاء الإمام تقي الدين السبكي من القاهرة إلى دمشق حيث دار الحديث لزيارة الإمام النووي، فقيل له غادر إلى بلدته نوى ومرض أياماً ثم توفي، فقال دلوني على مكانٍ جلس فيه، فلما أشاروا إليه بدأ يمرغ لحيته فيه وقال: 

"وفي دار الحديث لطيف معنى ... على بسط لها أصبو وآوي

عسى أن أمــس بحر وجهي... مكاناً مسهُ قدم النواوي".

بعدها نصحني من أصبح شهيداً اليوم، القائد أبو مصعب القادري رحمه الله، أن احفظ كتاب "رياض الصالحين" للإمام النووي، قد كانت نصيحة ثقيلة جداً، ووفقني الله لذلك، وتقدمتُ في مسابقة في رياض الصالحين وخسرتها.

كل ما ذكر ليس مهما جداً، ولكنه من الحديث الطفولي مع الإمام، ليس مهما بحجم قتل الإمام النووي مرةً أخرى في قبره الآن، حيث أقدم مجهولون ملثمون على تفجير قبر الإمام النووي في قريته نوى بحوران في درعا، والقبر محاطٌ بأربعة جدران بلا سقف يخرج منه شجرة، هي من القبر نفسه، والقبر هو ضمن مقبرة نوى وليس مصلىً أو يحتوي على قبة.

ربما تفجير القبر هو من المزايدات الدينية المستمرة على أهل الشام اليوم، من أصحاب المناهج السلفية أو من تلامذة المدرسة النجدية، وإن كنت ضد التقوقع في تيار أو منهج محدد له رؤىً وأفكار تؤدي إلى التكفير أو إلى التفلت، نحن في سوريا لا نريد أن نكون "سلفيين" ولا "صوفيين"، نحن مسلمون كما سمانا الله في كتابه الكريم.

لا يفهم القائم بالعملية أياً كان أن مساعدتكم لنا ليس في تحديد مستوى علاقتنا مع الله، وأظن أنّ علاقتنا مع الله قوية جداً، لدرجة أننا صمدنا كل هذه المدة في وجه أعتى طغيان عرفته البشرية حديثاً، لا أظن هناك حربٌ استخدم فيها كل أنواع الأسلحة وما زال أصحابها قادرون على الوقوف، لكن الشعب السوري المؤمن بالله جل جلاله صمد وسيصمد حتى النصر بإذن الله.

من أراد أن يساعدنا، فقصر السفاح بشار الأسد أولى بالتفجير، القصر الذي تخرجُ منه الأوامر كل يوم لتدك بيوت الآمنين، وتقتل المئات من المسلمين يومياً، مع أنني على يقين أن المزاودة على السوريين في اتباع منهج محدد ما هو إلا بدعة ابتدعوها ما أنزل الله بها من سلطان.

ناهيك عن مخالفات شرعية لها مفاسد ضخمة ارتكبها الصانعون "المجرمون"، لقد بقي النظام قرب القبر سنواتٍ قبل تحرير المدينة منه، لكنه لم يفعلها، فكانت إصلاحات إحدى الفصائل المحررة لمدينة نوى هي تفجير قبره، وليس توزيع كتبه مثلاً !!.

لقد كان النبي ينوي هدم الكعبة وإعادة بنائها على هيئة ما بناها سيدنا إبراهيم عليهما الصلاة والسلام، ولكنه لم يفعل، ويقول الإمام النووي في شرح صحيح مسلم عن هذه الحادثة "إذا تعارضت المصالح، أو تعارضت مصلحةٌ ومفسدة، وتعذر الجمعُ بين فعل المصلحة وترك المفسدة، بدئ بالأهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم، أخبر أنّ نقض الكعبة وردها إلى ما كانت عليه من قواعد إبراهيم عليه السلام مصلحة، ولكن تعارضه مفسدة أعظم منه، وهي خوف فتنة من أسلم قريباً، وذلك لما كانوا يعتقدونه من فضل الكعبة فيرون تغييرها عظيماً".

فالكثيرُ من الناس متعلقون أشد التعلق بمثل هذه الأماكن، ليس عبادة لها، ولكن يرون تعظيمها من الدين، فهدمها سيزيد من التعلق بها والتعصب لها، وهذا صدٌ عن سبيل الله، فتنوير القلوب أفضل وأعظم من هدم القبور، لأن هدمها لا يعني بناء إيمان جديد بقدر ما هو تعكير للإيمان المتوارث.

ليتهم بنوا مدرسةً تعلم كتب النووي (والذي يذمه بعض أصحاب المناهج كونه أشعرياً)، ليتهم علموهم أخلاقه وعلمه بأنّ إماماً (يُدعى الشافعي الصغير) لم يصل إلى الخامسة والأربعين من عمره ألفّ 12 مؤلفا لا ينساهم أي عارف فضل بالعلم والحديث في الإسلام، وخصوصاً أنّ كتابيه "رياض الصالحين" و"الأذكار" هم في كل بيت من بيوتنا إلى جانب القرآن الكريم، حتى أن علماء المسلمين كانوا يقولون "بيعوا الدار واشتروا الأذكار".

لقد انتصر صلاح الدين الأيوبي في حطين وحرر الأقصى وهو صوفي أشعري، وانتصر ابن تيمية على التتار وهو سلفي، وفتح القسطنطينية السلطان محمد الفاتح وهو صوفي "ماتريدي"، وكذلك عمر المختار في ليبيا، والخطابي في المغرب، والأمير عبد القادر الجزائري في الجزائر، لم ينصر الله يوماً منهجاً ما، إنما نصر الإسلام، أو نصر الصادقين في الإسلام، حاولتم قتل النووي فينا فأحياه الله أكثر، ما أردتم وجه الله إنما نصرُ أهوائكم وأحزابكم، والثورة مستمرة بثوارها المخلصين جميعاً.

مشاركة لــ"زمان الوصل"
(265)    هل أعجبتك المقالة (191)

السوري الثائر

2015-01-08

لم أرى أكثر من الجهل عدواً.


طل الورد

2015-01-09

صدق الدكتور البوطي رحمه الله و ان كنت اخالفه الرأي بما يحدث في بلدي. من خوفه من هؤلاء الشمطاء العراه يريدون ان يعلمونا ديننا و هم لا يفقهون كيف الوضوء و الاسوه الحسنه لنا بحبيبنا و سيدنا و أسعدنا محمد عندما قال فيهم لا يتجاوز القران تراقيهم لهم قلوب لا يفقهون بها و لهم اعين لا يبصرون بها . صدقت اخي احمد عمار في وصفك لهؤلاء فبشار دمر جيلا كاملا و لكن هؤلاء الفسقه يدمرون اجيالا كامله بعقيدتهم الفاسده و فقهم الاعمى و بالصدأ الذي اعترى قلوبهم . كم حذرنا من هؤلاء النصره و الاجانب العرب الذين حملوا فكرهم الجاهلي و قدموا الينا ليساعدونا والله لا نريدكم و سوف تبصقكم الشام و إنا لنا لموعد و سنظل الاوفياء لاولياء الله و لكتابه و سنه رسوله و أئمته الكرام و أقطابه الاشهاد.


طل الورد

2015-01-10

شو ما عجبكون التعليق يلي بعتو مبارح شو بين كم انتم سلفيين وهابيين تضربوا انتو و هيك جريده مهو العنوان مبين من مقاله هديك يلي كتبت متفلسفه و لكن غصبا عنكم ستبقى الشام شامه الصوفيه و الاشاعره و ستبصق كل من هو سلفي وهابي لا يات الا بالغباء و الحماقه.


التعليقات (3)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي