أتاحت الحرب السورية رغم آثارها المدمرة طفرة فنية للأفضل، لأنها أفسحت المجال للتجارب الفنية وللغناء الثوري والتراثي بالصعود إلى الصف الأول.
والفرقة السورية لإحياء التراث والطرب والأناشيد التراثية بقيادة الفنان "سرمد شلار" هي واحدة من التجارب التي تأسست في ظروف الحرب بهدف إحياء تراث الموسيقى العربية، وتقديم الأشكال التراثية والقوالب الغنائية والموسيقية المختلفة لجمهور ومتذوقي الموسيقى العربية مثل: "الموشح، القصيدة، الدور، الموال، الطقطوقة".
ومع بداية الثورة انتقلت الفرقة من ضفاف العاصي إلى ضفاف النيل لتُنْسي اللاجئين جزءاً من معاناتهم ومأساتهم ولتشعل لهم "سراج الأمل" في ليل عتمة بدا طويلاً.
حول فكرة الفرقة وظروف تأسيسها يقول المنشد والفنان "سرمد شلار" لـ"زمان الوصل": مع بداية لجوئي إلى مصر ومكوثي في مدينة أكتوبر التي تقيم فيها النسبة الأكبر من اللاجئين، أحسست بحاجة السوريين هناك إلى شيء يجتمعون حوله".
ويضيف شلار: "فعلاً جمعت بعض الأصدقاء الفنانين ممن كانوا يعملون معي في حمص في الموالد، وتم تأسيس فرقة حمص للأناشيد الدينية واختيار الاسم كان تكريماً لعاصمة الثورة "حمص" وبدأت الفرقة –كما يقول- بإقامة بعض الحفلات في المقاهي والمطاعم السورية هنا".
ويضيف:"لاقت هذه الفكرة قبول واستحسان غالبية السوريين هنا مع بعض الانتقادات الأخرى، واستقطبت الفرقة العديد من الفنانين والعازفين على الآلات الموسيقية من كل المحافظات السورية، فكان لابد من تغيير اسم الفرقة من فرقة حمص إلى الفرقة السورية".
ويتابع الفنان سرمد شلار:"أصبح الهدف الأساسي من إنشاء الفرقة جمع السوريين وتذكيرهم بسوريا وربط الماضي بالحاضر وتربية أطفالنا الصغار على معالم سوريا ومدنها من خلال الغناء والإنشاد الديني".
وعن مصدر استقائه للأغاني يوضح الفنان شلار:"بداية اعتمدنا على تراثنا السوري والكثيرمن الأغاني، مما كنت أُنشده وأغنيه سابقاً، فأنا بالأساس منشد ومطرب وعضو في نقابة الفنانين السورية.
ونظراً لإجراء أكثر من مقابلة تلفزيونية معنا من قبل القنوات العربية وبعض القنوات السورية المعارضة بدأ الشعراء وكتاب الأغنية هنا يتصلون بي للتعاون.
ويضيف شلار: "تعرفت في مصر على الشاعر "أحمد معمار" الذي يُلقب بـ"شاعر الثورة".
وأخذت منه ثلاث أغانٍ خاصة ومنها "الصبح قريب موعده" و"إلى الأحرار في بلدي تحية" و"ياريتني بأرضك ياشام"، ولحنت وغنيت هذه الأغنيات، ولكن للأسف بسبب الضائقة المالية التي نعيشها لم أستطيع تسجيلها من خلال استديو أو فيديو كليب".
وحول أغاني الثورة التي تقدمها وتؤديها الفرقة وهل لاقت استحساناً من حضور الحفلات أكد "سرمد شلار" أن "هذه الأغاني لاقت استحساناً جيداً في البداية، ولكن الآن" الكل خائف" –حسب قوله– نظراً للأوضاع العامة في مصر، وأكثر أغنية نالت القبول لدى الناس –كما يؤكد سرمد شلار– أغنية "دوى الصوت نبض القلب قام الحر يشق الدرب"، التي تتوجه للجيش الحر، ولكن الآن نغني لسوريا بشكل عام دون التحيز لأي طرف".
وهناك أغنية "يا شام يا مسك العرب" وأغنية إلى الأحرار التي تقول كلماتها: "أحيي ما تقاطر من دماءٍ بأرضك يا حمص يا أرض الكرامة إلى الأحرار في بلدي تحية ونفس الحر تأبى أن تُضاما، أحيي كل مقدام أبيّ يلاقي الموت في فيه ابتسامه بدرعا وقع أقدام الرسول أنار الدرب وأجتاح الظلاما".
وأغنية "سوريا يا دوا العيانة اشتقنالك والأموي نادانا" و"زيّنو المرجة" التي أضفتُ إليها كلمات من عندي تذكر جمع المحافظات السورية، ومن خلال هذه الأغاني وظهورنا على قنوات المعارضة لم يعد بمقدورنا العودة إلى سوريا".
وكشف الفنان شلار أنه تعرض شخصياً لمحاولة دهس بالسيارة أكثر من مرة من أناس مجهولين.
وأضاف: "تلقيت أيضاً تهديدات بالتصفية وتنظيف شوارع القاهرة بي كما قال المهددون لي من خلال اتصالات هاتفية".
وأردف الفنان الشاب بنبرة مؤثرة:"تصور أن النظام يريدني والثوار يتهموني بأنني عميل رغم أن عائلة "شلار" قدمت أكثر من 37 شهيداً من أبناء عمومتي، ومنهم من كان قائداً لكتيبة، وزد على ذلك فالمتدينون يتهموني بالمعازف والفتنة فإلى أين المفر".
وحول الرسالة التي يود إيصالها من خلال تقديمه للأغاني التراثية في هذه الظروف التي تشهدها سوريا قال الفنان "سرمد شلار":
أولاً الغناء هو حياتي ورسالتي، وسوريا كما يعلم الجميع الآن مدمّرة بنسبة 80%، وكثير من الأطفال لا يعرفون حضارتهم ولا تراثهم الآن في بلاد الغربة لذلك –كما يقول شلار- "أريد أن يبقى التراث والحضارة والفن السوري الأصيل راسخاً في الأذهان عند الكبير والصغير وأن يصل صوت شعبي وآماله بالحرية والكرامة والعزة إلى كل شعوب العالم".
ويختم سرمد شلار حديثه قائلاً: "لدي مشروع أغنية باللغتين الفرنسية والإنكليزية لأقول للعالم من خلالها: "نحن لسنا طائفيين ولا عنصريين، نريد العيش العيش العيش فقط".
فارس الرفاعي- زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية