الانتداب على سوريا قد يكون حلاً..!.. عدنان عبدالرزاق*

تعمّقت الأزمة السورية، بعد القصدية والتخطيط التي تبعت الثورة، في أسلمتها وتدويلها وتسليحها، فبلغت من الاختلاط، ما يكسو أكثر السوريين تفاؤلاً وتعطشاً للحرية، بحلة من اليأس وخيبة الأمل. إذ ما يجري اليوم على الساحة السورية داخلياً، أو ما يتاجر به على اسم الثورة في الخارج، لم يك يوماً ضمن الشروط والمطالب، ولا حتى الأهداف التي خرج إليها السوريون في آذار 2011، إثر عقود من الاستئثار بالسلطة التي ترافقت مع الظلم والاضطهاد والتمييز في توزيع الثورة وغياب العدالة الاجتماعية.
بل أخذ جله، شكل القصاص والثأرية حيناً، واسترجاع وهم "السلف الصالح" شكلانياً في معظم الأحايين، ما أغرق الثورة بتفاصيل وحرفها عن سكتها والمشتهى، بعد أن ركبها، من تم الاتفاق عليه، خارجياً في الغالب، كي يركب، لتتوه سفينة السوريين، بين نظام آثم، أكدت الأحداث والبراميل والكيماوي، خلوّه وتخلّيه عن أدنى حدود الوطنية والارتباط بالأرض أو الشعب، ومعارضة حرفتها "التكتلات" والانتماءات، لتتسع الفجوة بينها وبين الأرض، التي يقودها الفرسان الجدد، الذين وبمنتهى الاختصار، لا يشبهون السوريين، لا في دينهم ولا حتى في نظرتهم للمرأة أو الحضارة ..أو حتى للدين الحنيف.
وتبعثرت أحلام السوريين بين حرص الأشقاء من عدم انتقال عدوى الثورة لقوائم عروشهم المبنية على التخويف والتحريم والبترودولار، وبين ردهات مجلس الأمن وغرف الكبار الذين لم يتفقوا يوماً، كما اجتمعوا على استمرار الحرب والخراب في الشام، لتكون إنموذجاً لكل من تسوّل له نفسه التطلع للحرية والانعتاق من الديكتاتوريين وحكم الرعيان.
وفسح المجال على حسب الرغبات، بعد استباحة الأرض والسماء والمصير، لكل متطلع على مستقبل أو راغب في إحياء الأمجاد، فتكالب الفرس من هنا وعاث آل عثمان من هناك، ساعين لتحقيق الشروط الأمريكية ومستغلين طلب واشنطن لوكيل حصري في الشرق الأوسط، ليرعى المصالح ويجمع لها الخراج والجزية، إثر انشغالها بشرق آسيا وتطلعها لثروات القارة السمراء.
قصارى القول: كثر السؤال، بعد اليأس وتعدد مستويات الأزمة، ما هو الحل وإلى أين مآل سوريا الوطن والسوريين المهجرين، وقد تعب الجميع؟!
ربما، ليس من إجابة شافية، أو مقنعة لدى أحد، بعد خيبات السوريين المتلاحقة بالجميع، إن من حرّض وحرف الثورة عبر المال السياسي، أو الذي صادر قرار السوريين وتمثيلهم، فتاجر ولم يزل، بجوع الأطفال ودماء الشهداء والعذارى.
فخطر لي، رغم المتوقع من ردود الأفعال والسباب، في واقع غابت عنه كل الاعتبارات وركب صهوات مجده المرضى وسراق الضوء وشهوانيو الدم، أن ندعو نحن السوريين دولة عظمى، للانتداب الذي عاشه السلف في عشرينيات القرن الفائت، ليس لأننا نعيش رغد تلك الفترات ولم تعرف الحكومات المتلاحقة إيصال السوريين إلى حيث كانوا أيام الانتداب فقط، بل ولعدم وجود أي حل آخر، يضمن بقاء سوريا واحدة ويكفل عودة أهليها وبناء ما تهدم.
نهاية القول: ثمة مناضلين في عواصم العالم وفنادقها، أو حتى في حاناتها وأزقتها الرطبة، لن يروق لهم هكذا طرح "خائن" لأنهم سيقاتلون إلى آخر دم سوري وهم في بلاد الأحلام يستكملون أوراق إقاماتهم ويسعون للتجنيس والأبدية. ويخططون لديمومة ثورة -بأثمان لا يدفعونها- أكسبتهم ما كانوا يحلمون.
بيد أن واقع الحال على الأرض، وما يشهده من تحولات جلها صعب أن يقال، ونظراً لتفشي الغرباء وانتشار السلاح، والأهم بقاء نظام قاتل لا يربطه بسوريا غير كرسي وأوهام، فقايض بثرواتها وأهليها ومصيرها ليبقى على قيد الحكم، قد ليس من حل، إلا ترجي الكبار ليعودوا ويحتلوا سوريتنا ثانية، فيخلوا الحالمين من المجرمين وعلى كلا الضفتين، ويبنون سوريا وفق نهج وأمل يستحقه من خرج على ظلم الأسد واستبداده...والتوسط للمحتلين، ولا أعتقد من انهزامية وخيانة في الأمر، كي يقبلوا علنا نعيش على أمل ولو بعد الاستقلال.
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية