أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

دي ميتسورا وبوغدانوف يوصيان "الثورة" باللعب النظيف.. عدنان عبد الرزاق

وحدهم الصادقون بوطنيتهم وثورتهم، لن يشهدوا نهاية المشهد، إذ لا دعوة للشهداء إلى المحكمة لسماع النطق بالحكم على بلد ذبحها نظامها وثورة يأكلها بنوها. 

لئلا يشعر المتفرج على مباراة قتل آخر ثورات الربيع العربي بالملل، قبل دفنها في عاصمة الأمويين، ارتأى رعاة اللعبة، زج الإثارة بين شوطي اللعبة، علهم يمسكون بالجمهور وبعض أصول وقوانين اللعبة، بعد التخلي، حتى عن مساعدات الجوعى في المخيمات، الذين تلفحهم سياط البرد، بعد طول انتظارهم على باب اللئام. واعتزال رفد اللاعبين المنهكين بما يضمن بقاءهم، ولو في حالة الدفاع عن الثكالى، رغم رضوخهم لشروط المدربين والممولين، ودخولهم الملعب، من بوابة الاعتدال ونبذ الخشونة مع الخصم.

دخل ستيفان دي ميتسورا من باب توقيف المباراة دون احتساب الوقت المستقطع، أو إعارة اهتمام للأهداف والقتلى التي تجري في مناطق التماس والجزاء، إن في إدلب ودرعا، أو في الرقة ودير الزور.

فوقف اللعب في حلب، غاية وليست وسيلة للتعادل، إذ يكفي المبعوث الدولي سحب اللاعبين من هنا، حتى وإن لعبوا بغير شروط اللعب هناك، فكاميرات العالم مسلطة اليوم على حلب، بعد برود مشاهد عين العرب (كوباني)، وفقدانها إثارة المتفرج، وربما تغييره "المحطة" لطالما ثمة مبارايات مثيرة، على الساحتين اليمنية والعراقية.

المبعوث دي ميتسورا لا يجنح للإجبار، فجميع اللاعبين مخيرون وأحرار، كما لا وقت إضافيَّا لديه، لكتابة تقرير عن "الماتش"، ليرفعه إلى "فيفا النفط والسلاح" المنشغلون بضربات جزاء على المرمى السعودي وحالات تسلل على الاقتصاد الروسي ودخول لاعبين تعاطوا المنشطات، إلى لعبة إيران النووية.

كما ولكل اللاعبين إبداء الرأي والشروط، إن في لعب الآخر أو بهتافات الجمهور، التي تبعث الحماسة هنا حيناً، وتأخذ من الاندفاع هناك، في غالب الأحايين، ومنه، أمطرت فرق المعارضة المبعوث الأممي بوابل من الشروط، تراوحت بين دبلوماسية وقانونية من كابتن الائتلاف، ووصلت التهديد "بتخريب المباراة" من ثوار حلب الذين التقاهم في غازي عنتاب، على الأراضي التركية المحايدة.

في حين لعب فريق الأسد على أوتار نظافة اللعب وعدم إيذاء اللاعبين والجمهور، فسلامة ما فاض عن صواريخه وحمم طائراته، من حضارة حلب وأموالها وآثارها، هدف يسعى إليه الفريق الممانع، ليربح جائزة "اللعب النظيف" بعد فقدانه الأمل، من "الحذاء العسكري" على أقل تقدير.

وتضمنت استراحة بين الشوطين دخول المبعوث الروسي بوغدانوف، ليوصي كلا الفريقين بالتعادل السلبي، وهدد بأسلوب النصح، أنهم لن يشاركوا بأي تصفيات لاحقة لبطولات قد تستضيفها جنيف أو موسكو، إن لم يعوا خطورة اللعبة ويغتنموا دقائق الاستراحة، ليدخلوا الملعب بأيد وأرجل غير "ملوثة " بالعناد، علّ بلاده تساعدهم، ليحققوا شرف المشاركة على الأقل، وإن يتزوير نقاط، في نهائيات موسكو أو جنيف. 

وغادر المبعوثان الملاعب، في بيروت والدوحة وتركيا، تاركين اللاعبين في برود نال من حماسهم في إكمال الشوط الختامي، وراخين على الجمهور حالة من الترقب، في شتاء يأكل من عظام الأطفال ولحم العذراوات.

نهاية القول: هي لعبة بكل معنى الكلمة، على إيلامها وتحديدها لمصير السوريين وملامح مستقبلهم، لكنها خارج الاهتمام والتصفيات والوقت المحدد للعب، بعد أن أولى كلا الفريقين أمره للمدربين والرعاة، ووضع فريق الأسد البقاء هدفاً ولو تهدمت المدرجات على الجمهور، في حين اضطرت الفرق الأخرى "الململمة" بفريق الخصم للأسد، إلى تشتيت الكرة خارج حدود الملعب، نزولا عند رغبة دعاة إحياء عصر السلف وتحقيقاً لإملاءات بائعي مستلزمات اللعب والحريصين على إيقاف الدوري في دمشق، كي لا يصل مونديال "الحرية" إلى ممالكهم المقدسة.

(179)    هل أعجبتك المقالة (170)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي