أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الأسد زاهدٌ بالسلطة..وهذه هويته.. عدنان عبدالرزاق

لم يشعر الأسد بالندم على حرب قادها بالوكالة، ودُفع لها رغم علمه بـ"المؤامرة"

يحكى، والعهدة على الراوي، أن صحافية غربية أجرت حواراً عام 2010 مع الرئيس بشار الأسد، وحينما انتهت أسئلتها الموافق عليها أصولاً، وجهت، بطريقة الخروج عن النص، ما يسمى السؤال القاتل.

سيادة الرئيس من تتوقعون سيخلفكم في رئاسة سورية؟! دون أن تنظر في وجه الرئيس المضيف، فجاءتها الإجابة غير المتوقعة "حافظ بشار الأسد طبعاً". 

ما اضطرها للنظر بوجه الرئيس، لتوقعها أنه يبتسم في طريقة رد تتخللها الدعابة، كرد على سؤال يمكن اعتبار طرحه، للرؤساء الديكتاتوريين متوارثي الكرسي على الأقل، سؤالاً فجاً.

لكن الصحافية الغربية صعقت حينما رأت الجدية وربما البدهية، مرسومة على ملامح الأخ الرئيس.

في الأمس، وبعد حوار مجلة "باري ماتش" الفرنسية، تذكرت تلك الحادثة التي نقلها لي جليس الصحافية الغربية التي استنجدت به حينذاك، لتفضي له، وتنبه من ديكتاتور بلبوس حضاري وعصري.

بداية القول: لا أعلم إن كان في حوار المجلة الفرنسية للأسد أخيراً، فك عزلة ومحاولة لنقل وجهة نظره للقراء والمجتمع الغربي، وما يمكن البناء عليه، إن استفضنا في البحث بهذا الاحتمال، وخاصة، أن غير سؤال، ركز على العلاقات وأسباب قطيعتها وإمكانية عودتها.

أم ترى لحوار "باري ماتش" العريقة، أسباب بعيدة من قبيل، هل تغيرت ذهنية الرئيس الأسد بعد كل الذي جرى من قتل وتهديم وتهجير، وهل ثمة ما يعول عليه في المؤتمرات التفاوضية السياسية التي بدأت تطرح كحلول وحيدة، للخروج بسوريا من عنق الزجاجة، رغم كل ما يشوب تلك الدعوات من شكوك وخلافات، بين الراعين حول مجد الهيمنة وتتبيع سوريا، على أقل تقدير.

قصارى القول: يمكننا القول، استناداً إلى الحوار، إن ليس ثمة جديد في طرح الأسد، رغم بعض الإشارات التي يمكن الوقوف عليها.

فمنذ السؤال الأول، لم يشعر الأسد بالندم على حرب قادها بالوكالة، ودُفع لها رغم علمه بـ"المؤامرة" التي نفذها، ولم يزل، بدقة وأمانة، رغم كل الذي جرى لسوريا من قتل وتدمير، لا يمكن تعويضها بقرون، لا بعقود كما توقع الرئيس الممانع.

أما مجافاة الحقائق وانقلابه على أحاديثه السابقة، فكانت السمة الغالبة للإجابات جميعها، فرغم تأكيده في غير حديث وخطاب، أن الأشهر الأولى كانت تظاهرات سلمية وبعضها محقة وغير مسلحة، عاود خلال حواره مع المجلة الفرنسية للإيهام، أن المتظاهرين استخدموا السلاح وقتلوا الشرطة والجيش، ولا يمكن مواجهة "الإرهابيين" بالحوار.

ولعل إشاراته المستمرة، بسبب ودونما سبب، لتركيا أولاً ومن ثم لقطر والسعودية، وتحميلهم الوزر الأكبر في كل ما حل بسوريا وأهليها، فهي الملفتة، من اعتبار الزمن وتطور الأحداث على الأقل. 

ولعل الغرابة لا تتأتى من كون هذه الدول الثلاث هي من نصح وأوفدوا رسلهم للأسد بداية الثورة، بل ولأن بعضهم من دعمه بطرائق عدة، منها إيداع مليارات بالمصرف المركزي، ليوقف زحف مد "الربيع" ويقتل "الإخوان" والثورات -التي ولدت بتونس- في عاصمة الأمويين دمشق، قبل أن تتطاير شررها لتطاول الخليج الأكثر ملاءمة وحاجة لها.

وقد يكون من الأهمية التاريخية ربما، توثيق حالة الرحمة وفيض الإنسانية التي كست إجابات الأسد، فأن يستشهد القائد الممانع الذي أفقر السوريين بحجة التوازن الاستراتيجي، ويسلم ذلك "التوازن " لتمرير جريمة الكيماوي التي أنكرها خلال الحوار، أن يستشهد بتفجير المتحف اليهودي في بلجيكا، دون سواه من التفجيرات، إن في أوروبا أو في الشوارع المجاورة لقصره، ففي ذلك غزل صريح، وخاصة إن لم نجد أي ذكر لـ"العدو الإسرائيلي " في طرح الرئيس بشار حافظ الأسد.

طبعاً، بالإضافة إلى نقاط أخرى كثيرة، سيق بعضها تلميحاً، وجاء البعض الآخر تصريحاً وفجاً، ولعل القاسم فيما بينها، تلك الذهنية التبريرية المبنية على الإنكار، والتي أوصلت سوريا، ربما بعد دراسة تركيبة صاحبها النفسية والفكرية، إلى ماهي عليه اليوم.

خلاصة القول: عود على ترفع الرئيس الأسد عن كرسي الحكم، وأنه بحسب تصريحات وخطابات سابقة، يلبي مطالب "الشعب العنيد" الذي يرى فيه الضامن والمخلص "للأقليات ولوحدة الوطن".

حيث أعاد الأسد خلال حواره الأخير، المعزوفة ذاتها، وإن ببعض نشاز "بقائي رئيساً ليس هدفاً لي قبل الأزمة ولاخلالها ولا بعدها".

وقلنا نشازاً، لأن هذا التنزه عن الكرسي، أُلحق مباشرة، بأنه أتى على نحو دستوري ويذهب بإجراءات دستورية، وكما العادة، ساق الأسد أمثلة تبسيطية، ربما لتقريب المعنى ومساعدة المتلقي على الفهم، من قبيل السفينة والقبطان والغرق، ليختم، أن القبطان لا يفكر بالموت، بل هو آخر من يغادر السفينة.

إذاً، الأسد إلى الأبد، مازال الوهم الذي يمنّي القائد النفس به، رغم نجاح الثورة في إلغاء الأبدية وما يقال عن سعيه لحلول يبقى خلالها -ليس كقبطان طبعاً– لأجل، ريثما يضمن عدم المحاكمة والهروب مع الشركاء بما تيسّر، لأنه وطهران وموسكو أيضاً، يعون يقيناً، أن لا حل في سوريا يمكن أن يحدث، إن لم يكن رحيل الرئيس الوريث أولاً.

من كتاب "زمان الوصل"
(187)    هل أعجبتك المقالة (190)

@@علي الأزرقي العراقي@@

2014-12-11

هذا ليس أنساناً ... إنه كلب مسعور يجب قتله وتطهير البلاد من قذارته وجراثيمه.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي