فيما تشتد وطأة الحصار على سكان الغوطة الشرقية، يزداد معها السخط الشعبي المندد بسياسة أصحاب القرار، حيث انطلقت صيحات داعية إلى تصعيد الاحتجاجات السلمية في وجه الغلاء وكل من هو مسؤول عن أمر "الرعية"، بعد ما آلت إليه الأوضاع الإنسانية في هناك.
بدأت بوادر هذه الأزمة مع إطباق النظام الحصار على الغوطة، إثر إغلاقه المعبر الإنساني الوحيد "معبر الوافدين" منذ نحو شهرين، حيث شهدت الأسواق اختفاء المواد التموينية والغذائية، في محاولة من بعض التجار احتكار هذه المواد والتحكم في أسعارها، التي قفزت أضعافا مضاعفة خلال فترة قصيرة.
يقول الإعلامي "عمار الدوماني" لـ"زمان الوصل" بأنه رغم إصدار مجلس القضاء الموحد في الغوطة تهديدا لمحتكري البضائع، وما تلاه من إصدار قوائم تموينية لمحاولة ضبط الأسعار، إلا أنه بقي حبرا على ورق، ولم يكترث أحد من التجار لهذه التهديدات، وسط تقاعس مجلس القضاء عن تنفيذ واجبه بضبط الأسعار، متهما بعض القيادات العسكرية داخل الغوطة بالتغاضي عن هؤلاء التجار لوجود مصالح مشتركة فيما بينهم حسب رأي "الدوماني".
يشكو "أبو محمد" وهو رب أسرة في "دوما" بأن موجة الغلاء آخذة بالارتفاع ليس في كل يوم فحسب، بل بين الساعة والأخرى، دون حسيب أو رقيب، فالوضع لم يعد يحتمل وليس بمقدوره تغطية نفقات أسرته، وهو دون عمل منذ أكثر من عامين.
ويضيف أنه بدأ يفكر بالخروج مع أسرته باتجاه دمشق حال استمر الوضع على ما هو عليه –ولوعن طريق التسوية مع النظام- مضيفا أنه غير مستعد للتضحية بولده نتيجة الجوع ليرضى عنه تجار الدم حسب وصف "أبو محمد".
حال دفع بالكثير من العائلات في الآونة الأخيرة للمخاطرة بحياتها، في سبيل الخروج من "جحيم الحصار" تحت مرمى قناصي النظام، حيث تتجمع كل يوم عشرات العائلات على مداخل "معبر الوافدين" على أمل سماح النظام لها بالخروج.
الأمر الذي استغلته وسائل الدعاية والإعلام الرسمي، لإظهار قادة التشكيلات العسكرية في الغوطة الشرقية على أنهم تجار أزمات وإثبات عجزهم عن تأمين مستلزمات المعيشة للقابعين تحت حكمهم، مقابل "إنسانية ورحمة" النظام، حيث حظيت مشاهد نقل آخر 30 عائلة من الغوطة باتجاه "قدسيا" برعاية النظام، بتغطية إعلامية رسمية مكثفة، حيث نقلت مشاهد لعناصر تابعة للنظام أثناء تقديمهم الطعام والدواء للأسر النازحة، في منظر رأى فيه كثيرون إهانة للثورة.
فيما يظهر جليا انسداد أفق تشكيلات المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية عن إيجاد البدائل، هذا ما يوضحه كلام الناطق باسم الجبهة الإسلامية النقيب "إسلام علوش" لـ "زمان الوصل"، حيث اكتفى بإلقاء اللوم على قوات النظام وميليشياته "النخبوية" -حسب وصفه-، معللا حصار الغوطة بأنه ناتج عن "قرار دولي" بهدف "كسر شوكتها".
وتوعد "علوش" من يتاجر بقوت الناس بعقاب شديد، مضيفا بأن "جيش الإسلام" والفصائل الأخرى تقوم بملاحقة "المحتكرين".
فيما يرد "عمار الدوماني على هذا؛ بالقول "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" فمسألة فك الحصار تقع على عاتق أمراء الغوطة، الذين لم يفكروا خلال سنتين من تحرير المنطقة بإيجاد ممر إنساني آمن تحت سيطرتهم، تاركين الأمر لمزاجية النظام من خلال معبر "الوافدين" الذي كان ولا زال تحت سيطرة قوات الأسد.
حيث هدد "الدوماني" وعدد من إعلاميي ونشطاء الغوطة الشرقية باستمرار المظاهرات والاحتجاجات الداعية لمحاسبة التجار وفتح طريق إمداد للغوطة، وتصعيد العمل السلمي، إذا لم تتحقق مطالبهم، حيث شهدت بلدات في الغوطة خلال الأيام والأسابيع الماضية احتجاجات واسعة منددة باستمرار الحصار.
اكتشاف خلية تعمل لصالح النظام في الغوطة كانت تنوي تسليم "زبدين"
أبو عبد الله الحوراني -دمشق-زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية