ها هو ينادي بأعلى صوته بأسماء الصحف أمام بيتي كعادته و يوقظني من نومي .
أخرج راسي من الشباك و أقول له : توقف و أرحمني من صوتك فاليوم جمعة و هو يوم عطلتي .
يلتفت إلي بائع الصحف لثواني معدودات و بعدها يعود للمناداة بأسماء الصحف لكي يجلب المشترين المارين في الشارع من دون أن يهتم لكلامي.
أخرج من شقتي و اتجه نحوه لكي أشتري الصحيفة فينظر إلي و يقول : لن أتوقف عن المناداة بأعلى صوتي فبيع الصحف هو مصدر رزقي فلا تتحدث بهذا الموضوع .
لم أهتم بكلام بائع الصحف مثلما فعل معي و قالت له و أنا أخرج قطع نقدية من جيبي : خذ و أعطني الصحيفة فقد تكون أخبار اليوم أفضل من صوتك .
فيعطني البائع الصحيفة و أعود أنا لشقتي لقراءتها بتمعن.
أقلب صفحات الصحيفة فأجد صورة بائع الصحف موجودة في الصفحة الثقافية ..؟؟
شعرت بالاستغراب و التعجب و كادت عيناي أن تخرج من رأسي فما الذي جلب صورة بائع الصحف إلى الصفحة الثقافية ..!!
أترك الصحيفة و أخرج رأسي من شباك شقتي باحثا عن بائع الصحف و لكنني لم أجده و يبدو أنه عاد لبيته بعدما انتهى من عمله .
عدت للصحيفة و ركزت على صورة بائع الصحف و إذ تحت الصورة خبر قصير و هو " تكريم مبدع الروايات من قبل مجموعة من الأدباء " بعدما انتهيت من قراءة الخبر بدأت بطرح عدة أسئلة و جميع أسئلتي كانت من دون إجابة..؟؟
هل بائع الصحف روائي ..؟؟
و أن كان روائيا فهل هناك روائي يعمل كبائع صحف..؟؟
مر اليوم و أنا أنتظر الغد لكي أسمع صوت بائع الصحف و اسأله بنفسي عما قراءته.
تسلل ضوء الشمس المشرقة إلى شقتي و بدأت بسماع صوت بائع الصحف وهو يذكر أسماء الصحف بصوته الذي أعرفه فاستيقظت و أمسكت بصحيفة الأمس التي تحتوي على الخبر و جريت نحو بائع الصحف و أنا بثياب نومي .
يطالعني بائع الصحف بتعجب فأنا قادم إليه بثياب نومي فقال لي : أرجوك لا تتشاجر معي و دعني أعمل .
ابتسمت لبائع الصحف فهو لم يفهم ما الموضوع و قالت له : لقد كرمت البارحة من مجموعة من الأدباء و هذا الخبر قراءته من الصحيفة التي اشتريتها منك .
ابتسم لي بائع الصحف و قال لي باختصار : شكرا لهم .
تعجبت من إجابته المختصرة و قالت له بلا تردد : هل أنت روائي و أن كنت روائيا فلماذا تعمل كبائع للصحف ...؟؟
لم يهتم بائع الصحف لكلامي لفترة قصيرة و لكنه التفت إلي و قال : يا عزيزي لا تشغل نفسك بالموضوع .
نظرة إلى بائع الصحف و كنت بحاجة لجواب شافي فقالت له : أرجوك أجبني على سؤالي ..؟؟
فرد قائلا و علامات الحزن مرسومة على وجهه : تكريم المبدعين لا يفيدني فالتكريم لا يجلب المال لي و لأبنائي فلذلك لجئت لبيع الصحف فرواياتي جلبت لي التكريم و الشهرة و الإنسان في هذه الحياة يحتاج للمال لكي يعيش .
عدت لشقتي و أنا أشعر بالحزن فلقد كان سؤالي قاسيا على بائع الصحف و جوابه ما هو إلا تجسيدا للواقع الذي يعيشه .
بائع الصحف ..... حسين علي غالب
رئيس مجموعة النخلة العراقية
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية