دمشق محتلة و النجدة لعين العرب..د. عوض السليمان

بدأ "التحالف الدولي" غاراته ضد تنظيم الدولة الإسلامية، فتنفس بشار الصعداء. فقد أشارت صحيفة واشنطن بوست في افتتاحيتها إلى "حيادية أوباما من الأسد"، في الوقت الذي تسهل فيه واشنطن لعميلها استعادة السيطرة على المناطق التي غادرها التنظيم بسبب القصف الأمريكي.
صحيفة وول ستريت جورنال، ذكّرت بأن الإدارة الأمريكية تركت الثوار السوريين يقاتلون عدوين في وقت واحد، ولم تقدم لهم مساعدة حقيقية على الإطلاق.
نتفق مع الصحيفتين بشكل جزئي، ونختلف معهما بأن يكون الرئيس أوباما حيادياً من جرائم بشار الأسد، فالقرائن كلها تشير إلى أن الرجلين تعاونا معاً وعملا سوياً، ليس لهزيمة الإرهاب كما يدعيان، وإنما لهزيمة السّنّة من جهة، ولتدمير سوريا بشكل نهائي من جهة أخرى.
لا نريد أن نسأل لماذا تدخلت الولايات المتحدة في العراق دون موافقة مجلس الأمن، بل واحتلته وأعدمت رئيسه صدام حسين، ولا نريد أن نسأل عن تدخلها والغرب في ليبيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا. بل نريد أن نسأل سؤالين اثنين، الأول لماذا تستطيع واشنطن التدخل عسكرياً ضد تنظيم الدولة في شمال سورية، ودون موافقة مجلس الأمن، بينما يحتاج إنشاء منطقة عازلة محدودة لحماية المدنيين إلى اجتماعات وموافقات من مجالس الدنيا كلها.
السؤال الثاني، كيف تصل الأسلحة الأمريكية إلى عين العرب بهذه السرعة الجنونية، بينما يتطلب وصول البنادق الخفيفة إلى الثوار وبعض "علب السردين" أربعَ سنوات من الدراسة وموافقة الكونغرس، وتحرٍ استخباراتي عن هوية كل ثائر سيحمل تلك البندقية؟ وليتها وصلت! أ ليس الجواب واضحاً؟.
في الجانب الأوروبي، يفتخر الرئيس الفرنسي هولاند بمساعدته العاجلة ليزيدي العراق وأكراد سورية، وشياطين الإنس والجن، بينما يصمت دهراً عن تقتيل المدنيين في سورية. ولماذا تقدم ألمانيا نصف مليار أورو لبناء مخيمات للاجئين السوريين بدل أن تقدم ربع هذا المبلغ لإسقاط بشار الأسد وإعادة اللاجئين جميعهم إلى المناطق التي خرجوا منها.
الأربعاء، قامت قوات بشار الأسد، بقصف مخيم للاجئين الفارين من إدلب، فقتلت ستين على الفور وجرحت ما يزيد على مائتين، ومع أن المستهدف أطفال ونساء وعزل، إلا إن "المجتمع الدولي" لم يجد الوقت الكافي للرد على هذا العمل الإرهابي، ولم يرَ حتى اليوم أي ضرورة لمساعدة الشعب السوري على إسقاط نظام الأسد. إذ كشفت واشنطن وحلفاؤها إرهاب تنظيم الدولة إثر قتل الأخير لصحفيين أمريكيين اثنين، ولكنها لم تكتشف إرهاب بشار الذي قتل نصف مليون بريء وهجر أكثر من عشرة ملايين شخص حتى اليوم.
الحقيقة أن هناك مساعدة أمريكية مباشرة لنظام دمشق، من خلال إشغال الثوار في حرب بينية وصرفهم عن قتال عدوهم الحقيقي، وهذا بالضبط ما شجع الأسد على أن يستخدم السلاح الكيماوي من جديد فيقتل عشرة أشخاص في جوبر، وهذا ما شجعه أيضاً على قتل أربعين في حمص، وشن أعنف الهجمات على درعا وعلى كفر زيتا بحماة.
أمريكا وحلفاؤها يقصفون الشمال، والأسد يضرب باقي المناطق، ونعلم كما يعلم الأمريكان أن الحرب على تنظيم الدولة لن تؤتي أكلها، فبعد ثلاثة أسابيع من الغارات العبثية، سيطر مقاتلو التنظيم على حقول جديدة للنفط والغاز، ودخلوا عين العرب، بل ونفذوا طلعات جوية فوق بعض المدن.
أ ليس من أشد العجب أن يترك الغرب مدينة كدمشق لتسقط بيد إرهاب الأسد وحزب الله والحرس الثوري الإيراني بينما يهب لنجدة عين العرب.
بقي أن أقول إنه في ظل كل هذه التطورات والأحداث التي لم يشهد مثلها التاريخ، جهة واحدة لا تزال تغط في نوم عميق، ائتلاف هادي البحرة حفظه الله.
من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية