أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تحية لدمشق عاصمة الثقافة العربية..

من أين تبدأ ثقافة الطفل؟ سؤال طالما طرحته على كثيرين.. وكانت الاجابات تحمل معنىً واحداً وهي: علينا أن نبدأ بتثقيف أولادنا منذ صغرهم، وحتى أن البعض يرى البدء منذ الأشهر الستة الأولى من عمره... وتدريجياً نقدم له المعلومة بشكل غير مباشر..

والمسرح المدرسي أحد الأدوات التي يمكن من خلالها تثقيف الطفل وهو في الوقت نفسه تسعده لأنه يحمل في طياته معانٍ كثيرة فهو الفن والعلم والحضارة والتربية يحقق أهدافاً ثقافية تربوية بأساليب محببة بعيداً عن التلقين والمباشرة. ‏

ونحن الآن نحتفل بعام دمشق كونها عاصمة للثقافة العربية.. فما هي دمشق؟ ‏

ولماذا اختيرت عاصمة للثقافة؟ وأسئلة كثيرة تتساءل في أذهان أطفالنا أو يطرحونها لنا.. هذه الأسئلة أجابت عنها مدرسة (القرية الصغيرة) بشكل غير مباشر في احتفالها بمناسبة نهاية العام الدراسي من خلال أوبريت «أحب دمشق» يستعرض تاريخ دمشق من مختلف جوانبه العمرانية والثقافية والفنية عبر مراحلها التاريخية وصولاً الى أيامنا الحاضرة. ‏

بين الثقافة وبين المسرح ‏

قبيل الحفل تحاورت مع المشرفة المهندسة نشوة الحاج حسين حول دور المسرح في نمو شخصية الطفل فقالت: المسرح يرسخ ثقة الطفل بنفسه ومعها تزداد جرأته في تعامله مع الآخرين خاصة وأن المسرح عمل جماعي وليس فردي، اضافة الى تعويده القراءة من خلال حفظه لدوره ومن ثم ترسيخ المعلومات في ذهنه بأسلوب غير مباشر مع ذلك فالمسرح ليس حالة تعليمية (تضيف المهندسة نشوة) وإنما حالة تثقيفية اضافة الى صقل خبراته الحياتية. ‏

وتقول: ومن أجل ذلك تحرص ادارة المدرسة في كل عام على اقامة حفل مسرحي يشارك فيه أطفالنا وفي هذا العام اخترنا أن يكون الحفل مميزاً احتفاء بدمشق عاصمة للثقافة العربية نقدم لأطفالنا شيئاً عن التراث الدمشقي، تاريخها أهم معالمها، تراثها الفلكلوري الشعبي.. باختصار كل شيء عن دمشق بحيث ضم العمل الفن مع التاريخ وبأسلوب غير مباشر قدمنا لهم المعلومة والثقافة. ‏

ـ رحلة عبر التاريخ ‏

وعلى مسرح المدرسة الذي يتسع لـ نحو 575 متفرجاً قدم 300 طفلٍ وطفلة من الصف الرابع حتى الصف الحادي عشر أوبريت «أحب دمشق» بمشاركة الفنان عباس النوري، أما فكرة العمل والاشراف فهي للمديرة المهندسة نشوة الحاج حسين..

فتحت الستارة.. لتستمع الى قصيدة نزار قباني عن دمشق يلقيها طلاب الحفل التي يقول فيها: ‏

ياشام.. ياشامة الدنيا.. ووردتها ‏

يامن بحسنك أوجعت الأزاميك ‏

وددت لو زرعوني فيك مئذنة ‏

أو علقوني على الأبواب قنديلا ‏

يابلدة السبعة أنهار.. يابلدي ‏

هواك يابردى، كالسيف يسكنني ‏

وماملكت لأمر الحب تبديلا ‏

ياشام ان كنت أخفي ماأكابده ‏

وأجمل الحب حب.. بعد.. ماقيلا

أما فكرة العمل فهي بسيطة لكنها غنية بمعلوماتها ولمدة ساعة تقريبا نحلق عاليا مع الأطفال في رحلة عبرالتاريخ للوصول الى عصرنا الحاضر نتعرف على دمشق القديمة على حاراتها وأسواقها، بعض كنائسها وجوامعها.. قلعتها.. أبوابها وبيوتها العريقة وفلكلورها الشعبي من رقصات وغناء... وصولاً الى دمشق الحديثة، كل هذا من خلال إما مشهد حواري عن تاريخ المكان ومن خلال رقصة شعبية أو دبكة أو إلقاء قصيدة شعرية، ولم ينس المشرفون على العمل أن يقدم الأطفال تحية الى نظرائهم أطفال فلسطين والتعرف على القدس الشريف، وفي نهاية الحفل يحيي الطلاب مدرستهم في نشيد جميل. ‏

أما تقنيات العمل فكما ذكرنا النص بسيط لكن له علاقة بالمسرح الغنائي الاستعراضي اضافة الى التعرف على السينما التي استعين بها عوضاً عن الديكور بما تضمنه العمل من تصوير سينمائي خارجي لبعض المواقع كمطار دمشق والجامع الأموي وكنيسة حناينا... ‏

ـ ملء أوقات الفراغ ‏

حضر الحفل عدداً كبيراً من الفنانين.. التقينا بعضهم وكانت لهم آراؤهم الجيدة في الحفلات المدرسية. ‏

يرى الفنان دريد لحام أن أهم سبب لتعويد أطفالنا على الفنون هي أنها تملأ أوقات فراغهم مهما كانت أعمارهم بشيء ثقافي انساني مفيد بدلاً من البحث عن حلول لملء هذه الأوقات، لكن هذا التعويد لابد من أن يصاحبه وجود المتخصص لقيادة الأطفال يستنبط مواهبهم الداخلية (لاأن يعلمهم الموهبة لأنها داخلية نفسية وليست تعليمية)، ومن ثم يمكن صقلها وتنميتها وتوظيفها توظيفاً صحيحاً ويتعجب الفنان دريد من الحال الذي آل إليه الوضع في المدارس العامة بعدم الاهتمام بالجانب الفني ويتساءل: أين ذهبت المبادرات والنشاطات عند المعلمين؟ ويجيب: يبدو أن اللهاث وراء تكاليف الحياة لم يعد لديه الوقت الكافي للتفكير والمبادرة ‏

ـ بداية قمة النشاط الفني ‏

أنا نفسي كانت بداياتي مدرسية ونما عندي الحس الفني من مدرستي، هذا مايقوله الفنان سليم صبري ويضيف: والهدف الرئيسي الحفلات المدرسية هو تشجيع الأطفال على نوع من النشاط الذي يعتبر بداية قمة النشاط الفني يساعد على تفتيح ذهن الطفل دون أن يجهد نفسه، لكنه ينتج شيئاً جميلاً وأنا مع هذه الاجتهادات الجماعية التي تكثف العقول. ‏

ويرى الفنان صبري أن هذه النشاطات توازي التدريس لأن التدريس ليس فقط تعليم الطفل القراءة والكتابة والعلوم وانما تثقيفه ورفع المعاني الداخلية وخلق الابتكار لديه. ‏

الرائد للأطفال ‏

وكذلك كانت بدايات الفنانة القديرة ثراء دبسي مدرسية رغم الظروف التي كانت سائدة حينذاك من حروب واستعمار ووضع اقتصادي سيء ومع ذلك كان اهتمام المدارس بالفنون ً كبيراً.. وتتساءل عن سبب ابتعاد المدارس اليوم عن تنمية الذوق الفني. ‏

وتقول: الفن يحسن من ذوق الطفل ليس فقط من حيث الرسم أو الموسيقا أو المسرح.. وإنما في مجمل حياته، ولايعود هناك خوف عليه من كل المغريات التي تحيط به والعمل المسرحي يعد الرائد لأطفالنا لأنه يحسن من أخلاقهم وعند غرس الحالة الفنية لديهم وهم صغار ينشؤون بذهن واع متفتح لديهم الجرأة والخيال على مواجهة كل ماقد يعترضهم من صعاب في المستقبل. ‏

بصمة المستقبل ‏

العمل مع الطفل ليس سهلاً فمازلت حتى اليوم أعد الى المليون قبل أن أعمل عملاًً للطفل هذا مايقوله الفنان ماهر صليبي مشيراً إلى أن الطفل حّساس دقيق يفهم مايقدم له. ‏

ويقول: أطفالنا لديهم هوايات وميول عديدة لكن عدم اكتشافها، ومن ثم تنميتها تموت مع تقادم السنوات إذا لم ينتبه لها أحد.. لذا فما نراه من احتفالات في بعض المدارس ومن خلال المسرح المدرسي يمكن اكتشاف هذه المواهب، ومن ثم تسليط الضوء عليها وتنميتها فهم القادرون على إيجاد بصمة أو اضافة للفن بشكل عام. ‏

وأخيراً ‏

ألا يجدر بنا بعد ذلك أن نعيد النظر في موضوع التربية الفنية لدى مدارسنا كلها خاصة العامة منها؟ ‏

تشرين السورية
(156)    هل أعجبتك المقالة (188)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي