أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حرب مشتعلة.. معارضة متفرجة.. فأي وطن ننتظر؟ ..بشار عبود*

لا جديد إذاً، بأن ثورة الشباب السوري، كشفت بكل يقينية، سلبية هذه المعارضة وزيفها

ونحن نعيش حالة الترقّب الحذر lu هجوم قوات التحالف الدولية والعربية على تنظيم داعش الإرهابي ضمن الأراضي السورية، لا أستطيع أن أخمّن ما إذا كان أعضاء الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، يشعرون بأنهم يعيشون أزمة أخلاقية ووجودية ووطنية لا مثيل لها في تاريخ الحياة السياسية والثقافية في سوريا.

فبينما المزاج الشعبي للسوريين سبق بمراحل هذه المعارضة بالسؤال الصادم والبديهي، عن سبب تأخر الغرب في إسقاط نظام بشار الأسد، فيما لم يتردد بتشكيل تحالف لمحاربة داعش، تزيد قواه عن تحالف الحرب العالمية الثانية ضد النازية، يعيش أعضاء هذا الائتلاف في وادٍ آخر، في حالة من التخبط والشرذمة والتفتت وكأن الأمر لا يعنيهم.

لكن لا عجب في ذلك، إذ طالما كان لنا مع هذه المعارضة تاريخٌ من السلبية، تجلّت ـولا تزال ـ بوضوح في مأساة اللجوء والنزوح السوري على مدى ثلاث سنوات ونصف من عمر الثورة، دون أية محاولة لتغيير بوصلة وآلية العمل باتجاهات أكثر شجاعة أو حتى أكثر إنسانية على الأقل.

لا جديد إذاً، بأن ثورة الشباب السوري، كشفت بكل يقينية، سلبية هذه المعارضة وزيفها وعدم قدرتها على أداء دورها التاريخي في توجيه مسار الثورة.. ولا جديد أيضاً عندما نتحدث عن عجزها المطلق في رسم معالم واضحة لحياة ثقافية وسياسية واقتصادية واجتماعية، وحتى إغاثية لشعب انتفض من أجل حياة كريمة في وطن حر وكريم.

لقد بيّنت أحداث الثورة، أن هذه المعارضة التي كنّا نعول عليها، تسيطر عليها ليس فقط الأمية السياسية، التي توارثتها من زمن حافظ الأسد.. وإنما تبين أنها تعاني كذلك من فقر مدقع لأبسط درجات الانتماء الوطني، فكل ما شاهدناه منها وحتى الآن لا يزيد عن صراع شرس بين أفراد تنحصر همومهم في مكاسب شخصية وسلطوية، بعيدة كل البعد عن تطلعات الشعب، ومتخلفة كل التخلف في رؤيتها، ومعالجتها للأمور وعاجزة كل العجز عن ممارسة أي دور تاريخي ووطني لها.

فكيف لهذه المعارضة التي لم تتمكن من مواكبة حرارة الثورة، ولم تتجاوب مع متطلبات ومقتضيات النهوض الحضاري لثورة هذا الشعب اليتيمة، أن تصل بنا إلى وطن كريم يتسع لكل السوريين.
ألا يفسر سلوك هذه المعارضة، سبب إسقاط الشارع السوري لها من كل حساباته، وسحب ثقته منها.. ألا يفسر فسادها، عدم نيل ثقة المجتمع الدولي بها وبقدرتها على تعبئة فراغ سقوط نظام الأسد، فيما لو حصل!!.. ألا تشير فردانية وتسلط رؤساء الائتلاف في اتخاذ القرارات، وسكوت أعضاء الجمعية العمومية للائتلاف عليهم، إلى أن هذه المعارضة لعبت دوراً أصيلاً في استمرار نظام الأسد ــحتى الآن ـ، رغم سقوطه الأخلاقي والمعنوي والعسكري.

لا شك أن الأوضاع المتخلفة التي رسخها نظام الأسد الأب في سوريا ومن بعده ابنه، ساهمت في خلق مجتمع سوري قاصر متخلف، غير أن هذا لم يمنع من بروز شباب قابضين على حريتهم كالقابضين على الجمر، استطاعوا إشعال ثورة بهذه العظمة، وهددوا استقرار أعتى الأنظمة الديكتاتورية في المنطقة كلها.. لكن مثلما برز هؤلاء الأحرار، أظهرت هذه الثورة أيضاً مدى هشاشة وبؤس هذه المعارضة التي نشأت وترعرعت في بيت الطاعة الأسدي، فجاءت ليس فقط نتيجة لذلك التخلف والعجز الذي فرضه آل الأسد على السوريين، وإنما أمعنت في إغراقنا أكثر، وأودت بنا إلى ما هو أبعد من الطائفية والاستسلام والسلاح المافيوي القذر!!.

ما الذي ينتظره الشعب السوري من هكذا معارضة دخلت الحياة السياسية السورية فارغة من أي مشروع وكل فرصة حقيقية للتغيير، ولا تحمل خطة أو رؤية لحاضر الثورة ومستقبل البلد.

إنه لمن المؤسف حقاً أن أحداً من السوريين لن يراهن على أي دور لهذه المعارضة الموجودة بعد اليوم، خصوصاً وأن قوات التحالف التي تشن حرباً مصيرية داخل الأراضي السورية المحررة من النظام!، لم تقبل بهذه المعارضة إلا بالجلوس على مقاعد المتفرجين كأي مواطن سوري لا حول له ولا قوة ولا رأي حتى فيما يحدث!.

وإزاء هذه الواقعة الواقعية الموجعة.. أليس من واجبنا أن نسأل عن الوطن الذي ينتظره السوريون لاحقاً في ظل هكذا معارضة.. أليس من حقنا أن لا نقبل إلا بإعلان أعضائها فشلهم والاعتذار من الشعب السوري على أدائهم السيئ وإخلالهم بالثقة الممنوحة لهم.. أليس من حقنا أن نطالبهم بترك المكان لسوريين أكثر ذكاءً في العمل والرؤية.. وأكثر مصداقية.. والأهم أكثر رغبة في عمل جماعي وطني حقيقي..؟.

*كاتب وإعلامي سوري - مشاركة لــ"زمان الوصل"
(155)    هل أعجبتك المقالة (151)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي