أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

المنطقة العازلة...لعزل من؟.. د. عوض السليمان

منذ أربعة أعوام ونحن نطالب بإنشاء منطقة عازلة أو منطقة حظر جوي لحماية السوريين من قصف طائرات الأسد، دونما فائدة، وتذرعت الولايات المتحدة بعدم وجود تخويل من مجلس الأمن مرة، وبتكلفة إنشاء المنطقة مرة أخرى وقد كذبَت في المرتين، إذ قدر الاقتصاديون أن تدمير أمريكا لشمال سورية وشرقها تحت حجة محاربة تنظيم الدولة يكلف خمسة عشر مليار دولار، وبالنسبة لمجلس الأمن فقد هاجمت أمريكا الآمنين في الرقة وإدلب قبل اجتماع المجلس أصلاً، تماماً كما فعلت في العراق من قبل.

تفرج العالم مستمتعاً على طائرات الأسد وهي تلقي البراميل المتفجرة على الآمنين في المدن السورية كلها دون أن يحرك ساكناً، ومع وجود قرار دولي صريح بوضع حد لاستخدام الطائرات والصواريخ والمدفعية في الأماكن المأهولة، وهو القرار 2139، إلا أن العالم كله غض الطرف عن إجرام بشار الأسد بحق العزل، بل وبذلت الولايات المتحدة، جهدها كله في منع إنشاء المنطقة العازلة، تثبيتاً لحكم الأسد وانتقاماً من الثورة السورية، التي قد تطيح بدكتاتورية أسستها أمريكا وسعت للحفاظ عليها على مدى خمسين عاماً.

اليوم يتقدم تنظيم الدولة الإسلامية في عين العرب تقدماً ملحوظاً، بالرغم مما تدعيه واشنطن، من تحقيق إصابات مباشرة في صفوف التنظيم. هذا التقدم يؤدي بلا شك إلى تزايد أعداد المهجرين، خاصة الأكراد منهم، وتتوقع بعض المصادر أن يصل عدد المهجرين من تلك المنطقة إلى مليون شخص أو أكثر لا وجهة لهم إلا الأراضي التركية.

هنا بالضبط ينتفض "العالم المتمدن"، ويعيد ليذكر بحماية المدنيين والشعب الأعزل وحقوق الإنسان وإرهاب الأسد، وأنه بالتالي مع إنشاء منطقة عازلة، وما يريد بذلك إلا حرف المبادرة التركية عن مسارها وتسخيرها في حماية مجموعة محددة فحسب وتحريضها على إنشاء دولة في الشمال. 

أين كان ذلك العالم وأين هو اليوم، من الحرائق التي يشعلها الأسد على طول سورية وعرضها، وأين كان، عندما قام الشبيحة بتدمير حمص كلها ثم أتبعوها بحلب ريفاً ومدينة. ولماذا لم يقم الغرب "المتمدن" وأمريكا "الديمقراطية الراعية لحقوق الإنسان"، بإنشاء منطقة عازلة في محافظة حوران. بل ما حدث هو العكس تماماً، إذ أعلنت الولايات المتحدة عن مساعدات قتالية للثوار في درعا، وما كان ذلك إلا إشارة للأسد الذي هجم على المحافظة بعشرات الغارات الجوية يومياً فدمر المدينة ومعظم القرى الجنوبية، وبالطبع لم تصل المساعدات الأمريكية إلى ثوار درعا إلى الآن.

ليس فحسب، بل منع "المجتمع الدولي" وواشنطن على وجه الخصوص، الثوارَ السوريين من إنشاء منطقة عازلة بأنفسهم، من خلال حجب الأسلحة النوعية عنهم، وتدخلت مخابرات دولية لمنع المقاتلين من استخدام الصواريخ المحمولة التي غنمها الثوار في عدة مدن سورية.

نرحب من حيث المبدأ بالخطوة التركية في السعي لإنشاء المنطقة العازلة، ونستغرب في الوقت نفسه أن تسعى تركيا إلى تطبيق الفكرة اليوم فقط، وهي الجار الذي رأى بأم عينه ما فعلته طائرات الأسد بالشعب السوري على مدار أربع سنوات تقريباً. ويدفعنا هذا إلى الريبة في الهدف الدقيق من إنشاء تلك المنطقة. 

بالطبع لا نستغرب المناورة الأمريكية في الرد على الفكرة التركية، من حيث التباينات التي خلفتها في واشنطن، بين مؤيد ومعارض، إذ تخشى الولايات المتحدة من إسقاط الأسد، في الوقت الذي تتحقق فيه مصالحها بقطع الشمال السوري عن وطنه الأم.

ونفهم تماماً الموقف الإيراني الرافض لإنشاء المنطقة العازلة، لأن طهران تخشى أن تكون هذه المبادرة بداية لإسقاط الأسد بل وإسقاط المشروع الصفوي برمته في المنطقة.





من كتاب "زمان الوصل"
(140)    هل أعجبتك المقالة (153)

jerendak loicic

2014-10-10

خلصنا من متزلفي البلاط وأاالقصور ليش ما تتهم خادم الحرمين؟.


بشير الزعبي

2014-10-10

دون أي مجاملة او لف أو دوران فإن المسألة تتلخص بأن تركيا خائفة من وصول الأكراد إليها، فتريد أن تنشئ هذه المنطقة حتى يبقى الاأكراد بعيدين عن أراضيها. وهذا يناسب بشدة موقف الولايات المتحدة التي ستشجع الاكراد على الانفصال بدولة هي أشبه بإسرائيل. شئنا ام أبينا تلك هي الحقيقة.


سورية الاصل

2014-10-11

سؤال وجيه لماذا تركوا الشعب السوري أربع سنوات تحت القتل و التدمير و البراميل المتفجرة و لماذا تذكروا الآن فقط المنطقة العازلة ....أجيبوا الشهداء الذين قضوا وهم ينتظرون الإجابة..


أمين تفات

2014-10-11

لعنة الله على خبث السياسة يا دكتور عوض، تركيا طلبت تفعيل المادة الرابعة من القواعد العسكرية لحف الناتو، للرد على اعتدائت بشار الأسد، ورفض الحلف ونحن نعرف لماذا، فتراجعت تركيا وقتها خوفاً من العلويين في داخل تركيا، لو أصرت تركيا على طلبها لانتهى بشار الاسد منذ أكثر من سنتين. لا اخلاق في السياسة هي المصالح والمصالح فقط.


أمين تفات

2014-10-11

لعنة الله على خبث السياسة يا دكتور عوض، تركيا طلبت تفعيل المادة الرابعة من القواعد العسكرية لحف الناتو، للرد على اعتدائت بشار الأسد، ورفض الحلف ونحن نعرف لماذا، فتراجعت تركيا وقتها خوفاً من العلويين في داخل تركيا، لو أصرت تركيا على طلبها لانتهى بشار الاسد منذ أكثر من سنتين. لا اخلاق في السياسة هي المصالح والمصالح فقط.


أبو إسحاق

2014-10-12

أما تركيا فمعظم المسلمين السنة يرونها أعظم بلد إسلامي سني و أقواها. و إذا كان أمركم صحيحا فأعظم بلدان إسلامية و أقواها ما استطاعت منع القتل في سورية منذ أربع سنوات و تجرب فقط أن تستفيد من الأمور الحديثة للتخلص من بشار. تريد تركيا مع المنطقة العازلة أن تبدأ التدخل العسكري لحماية الشعب السوري من بشار و الفرصة موجودة بالنسبة لها مع الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية. و ليست هذا تعريف البلد القوي ! يخاف تركيا حاليا من الحرب ضد إيران و يخاف من روسيا و يخاف من الأكراد و لذلك تريد التدخل مع بعض الغربيين على الأقل إن لم يكن مع معظمه. و هكذا تقول دخلت الغرب و دخلنا معهم ، لسنا أصحاب الأمر بل نساعد الغرب، لا نريد التحكم على منطقة جديدة و خاصة إذا كانت كردية. أما إيران فنبه نائب وزير الخارجية الإيراني أمس الولايات المتحدة من إذا سقت بشار أصبح أمن إسرائيل في خطر شديد... فمن السنة من يقول إن إيران عدو الأمريكان و صاحبة للسنة..


التعليقات (6)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي