أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الصراع الدامي ودور إيران التدميري في سوريا.. د. ناصر النقري*

لو نظرنا نظرة محايدة على وضع إيران قبل الثورة السورية ووضعها الآن، من حيث قدرتها وقوتها في السيطرة على مفاصل الأزمة السورية لوصلنا بسرعة إلى نتيجة عمليا لا تحتاج لبرهان، وهي أن إيران استطاعت بسياستها الثابتة والمتسارعة أن تجني ثمار الكارثة السورية، نفس الأمر بالنسبة لذيولها في المنطقة بدءا باليمن وانتهاء بلبنان وحتى بالعراق أيضا.


بالتأكيد اقتصاديا إيران خسرت الكثير وستخسر المزيد أيضا، لكن بالنسبة لها لا مشكلة في ذلك خاصة أن أموال إيران لم تكن يوما مخصصة لرخاء الشعب الإيراني!، إنما لتصدير الثورة ونشر الفكر الشيعي المتطرف وبعد ذلك يمكن التفكير بالجدوى الاقتصادية.


الملفت للنظر ليس فقط إقحام إيران نفسها في الحرب الداخلية عبر الحرس الثوري مباشرة أو عبر خطوط الإمداد العسكرية للنظام، بل وإشراك ذيولها المختلفة بدء من حزب الله وكتائب الشيعة العراقية وحتى اليمنية ووصل الأمر حتى إلى أفغانستان.


إيران الآن ليس فقط لاعبا أساسيا في الحرب السورية الداخلية، بل وفي أحيانا كثيرة وسيطا بين النظام وبين بعض فصائل المعارضة، حيث إن معظم ما يسمى الهدنات أو اتفاقات وقف إطلاق النار لا تمر إلا بمشاركة ومباركة إيران لها.


إيران تتميز عن كل اللاعبين الإقليميين أو الدوليين بميزة فريدة وغريبة بآن واحد تتمثل في أن الشيعة بغض النظر عن هوياتهم الوطنية هم بالمحصلة مواطنون صالحون إيرانيون أولا ومن ثم وطنيون ثانيا..ولاء أي شيعي هو لإيران ثم لوطنه الأم، أي تعارض في الولاء محسوم سلفا لصالح إيران.


السؤال كيف إستطاعت إيران أن تفرض نفسها بهذه الصورة على الساحة الداخلية السورية؟ ما الأساليب والأسس التي استخدمتها وارتكزت عليها لتصل إلى ما وصلت إليه؟ خاصة أن دولا كثيرة حاولت وتمنت أن تلعب نفس الدور الإيراني وفشلت كليا أو جزئيا.


الجواب يكمن في نشر الطائفية وتعميمها ونشر الكره والحقد بين الطوائف المكونة للنسيج السوري...ناهيك طبعا عن دعم النظام عسكريا واقتصاديا سياسيا حتى لتخال سوريا مقاطعة إيرانية عندما يتحدث الساسة الإيرانيون عن الوضع السوري.


للأسف الشديد لم يخطر ببال أحد منذ بداية الثورة أن يفتش عن الفاعل الحقيقي لمجازر عديدة وقعت ومازالت تحصل في سوريا، المعارضة كانت تلصق التهمة مباشرة بالنظام لأنه المسؤول أمنيا عن سوريا ولديه القدرات والأسباب من وجهة نظر المعارضة، النظام بدوره وصل إلى درجة من الفجور السياسي والإعلامي بأنه كان دائما يتهم المعارضة بتلك الجرائم!!.


مجزرة "بابا عمرو" الأولى والثانية ومجازر مروعة وقعت في حمص، حالات خطف وقتل للعلويين مازالت للساعة مجهولة الفاعل، هنا نتحدث عن أرقام مخيفة، فقط لمنتصف عام 2012 كانت هناك 8600 جثة مجهولة الهوية قد وصلت إلى المشفى الوطني في حمص، معظمها ذبحا، بالتأكيد ليس كل حالات الخطف والقتل قام بها الشيعة، لأن كل الأطراف بدأت عمليا تنساق إلى تلك اللعبة القاتلة التي أفرغت الثورة من مضمونها الأساسي وحولتها إلى حرب طائفية بامتياز، الأنكى أن النظام وقتها كان متفرجا على مسلسل الخطف والقتل والذبح في حمص دون أن يتدخل وكان معلوما لدى الجميع أن الأجهزة الأمنية لا تغادر مقراتها أساسا ولا تقدم أي حماية حتى للمناصرين للنظام.


بالتأكيد هنا لا أبرر أجهزة الأمن المجرمة من الاشتراك في تلك المجازر سواء عبر توفير الدعم للمجموعات الشيعية أو عبر اشتراكها مباشرة في تنفيذ تلك المجازر. كل حالات الخطف والقتل تلك كانت تولد ردات أفعال لدى الطرف الآخر ساهمت بتحول الصراع إلى مايشبه الحرب الأهلية، وبات الاستقطاب الطائفي السمة المميزة للصراع. العلويين وجدوا أنفسهم في حمص تحديدا دون حماية مطلقا وهنا أيضا تدخلت المجموعات الشيعية المنظمة وبدأت حملة تسليح للعلويين عبر بعض رموز العلويين وخاصة في حي الزهراء في حمص!.


بحجة تدريب الشباب العلوي على السلاح بدأت إيران باستقبال دفعات شبه يومية كانت تنقل جوا من مطار الشعيرات العسكري إلى إيران، فعلا دربتهم إيران خاصة على القناصات وبالأخص على حب "الحسين"، وتلك المجموعات عمليا هي التي شكلت النواة الأولى لحزب الله السوري.


مع تطور الصراع باتت المجموعات الشيعية في حمص تحديدا هي الذراع العسكري الفاعل والمؤثر لجمعية "البستان الخيرية"، التي تولت بعقد مع الدولة مسؤولية حماية حقل "شاعر" للغاز شرقي حمص، كذلك كانت النواة الأولى المؤسسة لجيش الدفاع الوطني التابع للص حمص وقاتل أطفالها "صقر رستم".
خلال تواجدي في سوريا تلك الفترة كنت أسمع يوميا عن مشاكل وصلت في أحيانا كثيرة إلى إطلاق النار بين شباب علويين وشيعة والسبب دائما هو احتقار المجموعات الشيعية للعلويين بحجة أنهم ليسوا رجالا بما يكفي، أي كانوا يتجنبون فعلا حالات القتل المروعة وتعذيب الضحايا، خاصة نزعة القتل لأجل القتل لم تكن منتشرة بين الشباب العلوي بصورة عامة خاصة في حمص.


للأسف الشديد لم ينتبه أحد من العلويين أو من المعارضة إلى دور المجموعات الشيعية الذي هدفه أساسا تحطيم بنية المجتمع ونشر ثقافة الكره والفرقة النهائية بين العلويين والسنة.


أعود إلى حمص مجددا لأنها مثال صارخ عن همجية وبربرية المجموعات الشيعية التي تفتك بالوعر الآن، أي مضطلع على مجريات محادثات الهدنة المفترضة بين الثوار والنظام في حمص يعلم أن الشيعة تحديدا من أفشل ويفشل أي محاولة للاتفاق، مجموعات العقيد "أبو الزين" الشيعية من المزرعة أساسا لا ترد حتى على الأجهزة الأمنية، وقد قامت سابقا بحالات خطف لأشخاص يعملون أساسا في الدولة ورفضت مناشدة الأجهزة الأمنية لإطلاق سراحهم!.


الكل في حمص يعلم بخبر القبض على مجموعة شيعية من قبل الدفاع الوطني كانت تطلق الصواريخ من دير بعلبة على الأحياء العلوية وتحديدا القريبة كالزهراء والأرمن.


الشيعة في سوريا يعلمون جيدا أن دورهم سيندحر إن توقفت الآن الأعمال القتالية، ولذلك لن يسمحوا بذلك خاصة وأنهم لم يتفرغوا بعد لإنشاء الحسينيات في مناطق العلويين والسنة على حد سواء.

*سياسي سوري
(154)    هل أعجبتك المقالة (143)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي