واشنطن حشدت ضد "الدولة" وضربت "النصرة" بذريعة "الخراسانيين"

بينما كان الكثيرون من المهتمين بالشأن السوري ينتظرون ما قد تحدثه الضربات الأمريكية في تنظيم "الدولة الإسلامية"، كانت واشنطن تخطط وتجهز لضرب تنظيم آخر، ينتمي إلى الفكر الجهادي، لكنه يختلف مع تنظيم "الدولة" في سلوكه المطبّق على الأرض.

ومع إن واشنطن سخرت حملتها الإعلامية ضد تنظيم "الدولة"، فإن المستهدف الأول من الغارات كان كما أثبت الواقع لاحقا، فصيلا سمته "خراسان"، تابعا لتنظيم "القاعدة" بزعامة "أيمن الظواهري"، الذي لم تعد تخفى خلافاته مع تنظيم "الدولة" على أحد، حتى كان من تداعياتها اندلاع اقتتال مستعر بين "الدولة" وتشكيلة من الفصائل الثورية والجهادية، وعلى رأسها "جبهة النصرة"، فرع تنظيم القاعدة في "بلاد الشام".

وترى "واشنطن" أن تنظيم "خراسان" يشكل تهديدا أكثر جدية للولايات المتحدة من تنظيم "الدولة"، ولذا فلابد من استهدافه أولاً، وهو ما حصل اليوم مع تدشين غارات "التحالف الدولي" على أهداف داخل الأراضي السورية، حيث كان "خراسان" من أول وأكثر المتضررين، مع أنباء عن مقتل عدد من عناصره، وفي مقدمتهم الكويتي الجنسية "محسن الفضلي"، الذي تولى تنفيذ عمليات حساسة لصالح تنظيم القاعدة في عدد من البلدان.

وتصف الولايات المتحدة تنظيم خراسان بأنه "خليط من الجهاديين المتحدرين من أفغانستان واليمن وسوريا وأوروبا"، موضحة أنه "يمثل تهديدا وشيكاً ومباشرا للولايات المتحدة، من خلال عمله مع مصنعي متفجرات يمنيين لاستهداف الطائرات الأميركية".

والحقيقة أن تنظيم "خراسان" ليس له وجود فعلي بهذا الاسم على الأرض السورية، فـ"الخراسانيون" منتمون لجبهة النصرة، وليس لهم تنظيم منفصل، ومن هنا فإن واشنطن استهدفت في الواقع "جبهة النصرة" تحت مسمى استهداف تنظيم خراسان، الذي قالت إن أفراده لم يذهبوا إلى سوريا لمقاتلة نظام بشار الأسد، وإنما أرسلهم "الظواهري" لتجنيد أوروبيين وأميركيين تسمح لهم جوازات سفرهم بركوب طائرات متجهة إلى الولايات المتحدة وحمل قنابل ومتفجرات على متنها، من غير أن يلفتوا النظر ويواجهوا إجراءات أمنية مشددة.

ورغم أن "واشنطن" لم تقدم ما يثبت روايتها عن تنظيم "خراسان"، فقد بادرت لاستهدافه في أولى غاراتها على الأراضي السورية، بل إنها تبنت بكل وضوح استهداف التنظيم الذي لاوجود لاسمه على أرض الواقع، مشيدة بما حققته باعتباره يجنب الأمريكيين هجمات "إرهابية" محتملة.