لم يعد غريباً أن ترى المواطنين في العاصمة دمشق يراجعون الفروع الأمنية من أجل استصدار ورقة أمنية يسمح لهم النظام بموجبها بإصلاح أنابيب الصرف الصحي داخل منازلهم أو بنقل أنقاض الحفريات منها، ولكن الغريب أن ترى هؤلاء المواطنين يفضلون إبقاء الأعطال في شبكة الصرف الصحي داخل منازلهم على الدخول في دوامة التحقيقات والملاحقات الأمنية المتعلقة بالحفريات.
* نفق جوبر -القصور
التقى مراسل "زمان الوصل" عددا من الأهالي داخل العاصمة ومن أحياء مختلفة، حيث أكد بعضهم أن النظام قد قام مؤخراً بحملة جديدة على أغطية "ريغارات" الصرف الصحي، وأغلقها وعمد إلى تلحيمها بشكل كامل وخصوصاً في مناطق "الميدان" و"الزاهرة".
وتأتي هذه الحملة على "الريغارات" بعد أيام قليلة من اختراق مجموعة من الثوار أحد خطوط الجبهة في منطقة "الزاهرة القديمة" وتمكنهم من قتل عدد جنود للنظام على الحواجز العسكرية المنتشرة في منطقتي "الزاهرة القديمة والميدان".
تقول أم محمد: "منذ أيام فوجئنا بورشات حدادة تحت إمرة رجال عسكريين يقومون بإغلاق فتحات الصرف الصحي في الشوارع بشكل تام ونهائي، ونحن على أبواب فصل الشتاء، وأي زخة مطر ستغرق شوارعنا بالمياه، ولكننا لا نستطيع التفوّه بحرف مع عناصر الأمن، فالجواب سيكون الاعتقال أو الضرب في أبسط الأحوال".
أما أبو وائل وهو يقيم في حي "القصور" القريب من جبهة جوبر المشتعلة فيقول "أنا أقيم في شقة أرضية مع عائلتي واضطررنا منذ فترة لإجراء عمليات صيانة لشبكة الصرف الصحي داخل حديقة المنزل، وقد حصلت على موافقة أمنية من الفرع المسؤول عن المنطقة، وإضافة إلى ذلك تقدمت بطلب لمؤسسة الصرف الصحي ليرسلوا لي ورشة حفر وإصلاح، وهكذا ضمنت عدم الخروج عن دائرة النظام أبدا".
ولكن حسابات "أبو وائل" لم تتطابق مع الواقع المرير لتسلط النظام البوليسي حيث يوضح أبو وائل "فوجئنا أثناء قيامنا بالحفر بدورية أمنية مسلحة تقتحم المنزل وتعتقل ابني البالغ من العمر 29 عاماً، وتقوم بتفتيش المنزل والحفرة وسرقة مبلغ 200 ألف ليرة من المنزل، ليغيب ولدي داخل أقبية المخابرات لمدة ثلاثة أشهر والتهمة جاهزة ومعروفة وهي أننا كنا بصدد حفر نفق يصل بين حي جوبر وحي القصور".
* فوبيا الأنفاق
أما الطامة الأخرى التي يواجهها من يقوم بعمليات حفر وإصلاح داخل منزله من أهالي دمشق، هو كيفية التخلص من الأنقاض ومخلفات عملية الحفر، فهي تحتاج إلى موافقة أمنية جديدة يوضح بموجبها المواطن مصدر هذه الأنقاض ووجهة نقلها إلى "مثواها الأخير"، حيث يجب على المواطن أن يقدم الأدلة والبراهين الكافية على أن هذه الأنقاض ناجمة عن عمليات حفر عادية، وليس عمليات حفر لأنفاق داخل المدينة.
كما أن حواجز النظام المنتشرة في كافة أرجاء المدينة تقوم بالتدقيق أثناء تفتيش سيارات الأنقاض، والتأكد من صحة الموافقة الأمنية التي يحملها سائق السيارة قبل السماح له بمغادرة الحاجز.
ولا يتوانى بعض الحواجز وخصوصاً على مداخل دمشق عن إفراغ محتوى السيارة من الأنقاض للتأكد من عدم وجود أسلحة أو ذخائر بداخلها وذلك حسب ما أكد عدد من سائقي السيارات الشاحنة.
عمر الأتاسي - دمشق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية