وكأن"قدر النوارس أن تبيض فراخها بين السفائن" فمن يفض عن صواريخ وبراميل النظام، لا بد أن تحصده خلافات الائتلاف وتصميم سيادة الرئيس أحمد الجربا على هزيمة من يقف دون أبديته ومشروعاته أو إهمال وفوضى حكومة سيادة الرئيس أحمد طعمة، الذي يتطلع لتجديد حكومته، حتى وإن دونما موازنة، ولعل في أطفال جرجناز وقتلهم بلقاحات السم، دليلا آخر على قدر السوريين. سبقه أمثلة لا حصر لها، إن بدأت من تفويت المستقبل على طلاب المدارس لا تنتهي عند التخلي عن المهجرين والمهاجرين، حتى أصبح السوريون في "زمن الرعيان" شبهة ووجودهم يقزز الأشقاء الذين لن يتوانوا -مشكورين- من تعذيبنا وطردنا..بل والتفنن بإذلالنا.
"وصل القيح الحنجرة" فثمة مرارات فاضت عن الاحتمال، لكن ما جرى أخيراً في ريف معرة النعمان الشرقي، وموت أطفال دون العامين، ووقوف أهليهم حيارى في شكواهم وإزاء مصيبتهم، يدفعنا للقول: كفى "سادتي المعذرة".
استقال وزير الصحة، بل لم يستقل، واكتفى بوضع استقالته ومعاونيه أمام سيادة الرئيس طعمة، ليتخذ ما يراه أصولاً، في حلول تؤكد أن السوريين أسرى ذهنية الأسد، وإن بوجوه وطرائق، تتناسب والحالة النضالية المعاصرة، فمن يطلع على "الشللية" حول رئاسة الحكومة ورواتب الوزراء ومن بخبراتهم يستأنسون، ويقارنها مع العوز والموت جوعاً في الداخل، يعرف أسباب اليأس الذي يلف السوريين.
التحقيقات أكدت أن ثمة تغييرا للمادة الأولية التي يتم الحقن بها، ووضعت مادة "أتراكوريم" المرخية والمخدرة والمميتة في معظم الأحايين، ولا من دخل لنظام الأسد القاتل هذه المرة بالقتل، رغم الشائعات التي وجدها البعض مخدراً، أو امتصاصا لغضب السوريين، بعيد قتل الأطفال بقليل.
قرأنا ردودا من أطباء وتوضيحات من مجموعة لقاح الحصبة، وعقد سيادة الرئيس مؤتمرا صحافياً تبنى وحكومته خلاله المسؤولية وأعلن عن وضع استقالة المسؤولين على الطاولة.
ولكن هل هذا كل شيء..وماذا بعد؟!
ثمة نقاط تعصف بالذهن وتتوثب للشفاه، ولعل في الوجع سببا رئيسا في تنافرها وبقائها دونما إجابة.
لعل أولها، لماذا لم يتفق جهابذة الائتلاف على حكومة حتى الآن، وأجلوا اجتماع الهيئة العامة مراراً، بعد أن آثر سيادة الرئيس الجربا على سحب الثقة من حكومة طعمة، وعقد لذلك ثلاثة اجتماعات لا تقل أكلافها عن 500 ألف دولار.
لماذا تركت حكومة طعمة تسيّر الأعمال وهي منقوصة الصلاحية وربما بلا ميزانية، ولم نر فعلا ثوريا تقلب خلاله الطاولة وتعري استهتار الائتلاف والخلاف فيما بين كتله وتياراته.
كيف يمكن للسوريين التعبير عن سخطهم وعدم رضاهم عن الحكومة والائتلاف، مادام النقد يذهب أدراج الرياح، وكأنهم أمام منصب أبدية تعيدهم لزمن الأسد.
وعود على بدء، هل فكر من سرق عنوة تمثيل السوريين وتبديد المال الذي يأتي لنجدته، بعد تركه بين متسول وميت عبر البحر أو القصف، هل فكروا بزيارة آل الأطفال القتلى وتعويضهم ولو بكلفة جزء من اجتماع الهيئة العامة للائتلاف التي قيل إنها لا تقل عن 125 ألف دولار أمريكي.
خلاصة القول: إن كان ما تمر به سوريتنا الآن لم يوحد أطياف المعارضة ولم يلغ السعي للمناصب أو السمسرة بدم السوريين ومصائرهم، فعلى ماذا يعول السوريون ومتى؟!
سوريتنا غدت ملعبا لصراعات الكبار، بعد ارتهان قرارات الثورة لممول حيناً و"للكبار" بقية الأحايين، للحد الذي جعل الأمم المتحدة ترفض تعداد قتلانا وتخفض المساعدات الإنسانية لأكثر من 40 في المائة..وتترك أهلينا بين شتاء مقبل وقذائف حلف قاتل.
التاريخ يسجل يا أيها السوريون، وكل دم، حتى الأسود لشدة الانتهاك منه، أمانة في أعناقنا، فما يتركه الدم من ثأرية، لا تمحوه عقود السنين، فماذا لو اجتمع مع تجهيل وتطرف !!
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية