أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"اللبواني".. عود على بدء.. فيكتوريوس بيان شمس

اللبواني على قناة اسرائيلية

منذ اللحظة الأولى للثورة، لم يتوانَ النظام السوري عن اتّهام الشعب بالتعامل مع "إسرائيل" بهدف رفع الشرعية الوطنية عن مطالبه، ووسم الثورة بالعمالة والمؤامرة بما هي عمل احتجاجي على القمع والنهب والاستبداد، الذي كانت الذريعة الأساس فيه، مسألة فلسطين والأراضي العربية المحتلة، بحيث اختطفت سوريا لأكثر من أربعة عقود تحت شعار "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة". هذه المعركة التي لم يأتِ أوانها طوال كل هذه العقود، إلا اللهم، باستثناء الاتّكال على بعض حركات المقاومة التي أثبتت الثورة السورية في سيرورتها، أنّها لم تكن سوى أوراق تفاوضية، تمّ تركيبها إقليمياً بشكل في غاية التعقيد، بعد أن أزيحت عن الجبهة حركات المقاومة الوطنية، وغير المرتهنة، كـ"جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية" التي تصادف هذه الأيام ذكرى انطلاقتها الـ (34)، والتي استطاعت بالفعل، إجبار العدو على مخاطبتها مستجدياً: "يا أهالي بيروت لا تطلقوا النار نحن راحلون"، بالإضافة لفصائل المقاومة الوطنية الفلسطينية، والتي تم إجبارها على مغادرة لبنان في تلك الفترة تحت أنظار جيش النظام السوري الذي كان جاثماً على صدر لبنان، يقاتل فصائل اليمين تارة، وتارة أخرى فصائل اليسار، بما يتخلّل ذلك من حصار للمخيمات الفلسطينية وتنفيذ أفظع المجازر بحق هذا الشعب الشقيق.

بعد هذا، يمكن القول، إن العداء لـ"إسرائيل"، لم يكن يوماً خيار النظام، أوي أي نظام عربي آخر. 
دليل ذلك الدول التي وقّعت "معاهدات سلام" في تواريخ قريبة وبعيدة، وهي مازالت حتى اليوم عاجزة عن التقدّم خطوة واحدة في طريق تطبيع العلاقات على المستوى الشعبي، كما هو الحال في مصر أو الأردن، التي مازالت نار العداء للكيان الصهيوني فيهما مشتعلة لم تخمد. 

مع أن "السلام" كان خيار نظام الأسد منذ زمن بعيد، وهو الذي اختار نهج التفاوض للوصول إلى تسوية، أو للدقة: لم يكن خيار البحث عن تسوية مع العدو، إلا من باب تثبيت مبدأ "اللاحرب واللاسلم" الذي يضمن للنظام استمراراً، باستمرار هذه المعادلة، ويضمن للعدو هدوءاً هو في أمسّ الحاجة إليه على الجبهة السورية. وهو ما يعني أن العلاقة مع العدو، أو إن جاز اصطلاح "آليات العداء"، لم تكن يوماً واضحة معه، لكنها كانت ضرورة، يحكم من خلالها نظام الأسد البلاد منذ العام 1962 بحالة طوارئ، تضع القضاء المدني العادل جانباً، لتفعيل القضاء الكيفي التعسّفي. جدير بالقول هنا، إن النظام تفرّد بخيار التسوية دون الرجوع للإجماع الشعبي، هذا الإجماع المسلوب بطبيعة الحال، إذ في تلك الظروف، ما كان للشعب أن يخالف رأي القيادة حول أي مسألة لغياب الديموقراطية ومصادرتها بشكل مطلق لصالح استفراد النظام بأي قرار يرتئيه.
جاءت الثورة السورية بالجديد، والجديد هذه المرّة، حرّية لا محدودة، أفسحت في المجال لكل من له مصلحة بالتدخّل كيفما اتّفق. في هذا السياق جاءت تصريحات كمال اللبواني أكثر من مرّة خلال الثورة عن ضرورة إعادة النظر بالعلاقة مع "إسرائيل"، إلا أنّه لم ينتظر قراراً شعبياً، ينتج عن مؤسّسات ديموقراطية، قامت الثورة أصلاً لإيجادها في مجتمع جديد، بعيد عن كل موروثات الاستبداد والاستعباد. ليذهب منفرداً، وبشكل حاول أن يُظهره وكأنّه أكثر من طبيعي، متناسياً ما يحمله الشعب السوري من موروثات العداء لهذا الكيان، ومن العلاقات العضوية بين الشعوب الشقيقة في المنطقة التي كابدت، ودفعت الكثير من الأثمان في سبيل تحرير أراضيها. ليس فقط في فلسطين والجولان المحتل، بل وفي سوريا بعد أن اختلط الدم السوري والفلسطيني مجدّداً على يد النظام الذي يتظاهر بالعداء لـ"إسرائيل".

إلا أن الثورة، لم تتأخّر باتّخاذ قرارها، ليطالب المكتب التفيذي "لهيئة محامي حلب الأحرار" بتحريك دعوى عامّة بحق "اللبواني" أمام محاكم الثورة بجرم التعامل مع العدو الصهيوني، واصفاً فعلته بالخيانة العظمى، ومطالباً بـ "الحكم عليه لاحقاً بعد ثبوت الجرم بأقصى عقوبة ليكون عبرة"، معتبراً أن الفيديو الذي ظهر على وسائل الإعلام "دليلاً وإقراراً منه".

بهذا تكون محاكم الثورة قد أثبتت بالملموس، أن المعادلة التي كانت قائمة على مبدأ "رضى إسرائيل عن النظام؛ سبب لبقائه" والتي توهّم "اللبواني" بأنّه قادر على إعادة انتاجها بشكل آخر بما فعل، قد انتهت. 
بقي، أنّه من الضرورة بمكان الكشف عن أسماء "المعارضين" الذين قال اللبواني بمقالته إنّهم يفعلون ما فعل "بشكل سري جبان، ولمصالح شخصية من دون مشروع وطني".

(138)    هل أعجبتك المقالة (128)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي