اللبواني في إسرائيل..والخيانة لا تحتاج أي تبرير

ليس صحيحاً على الدوام، أن عدو العدو صديق، كما ليس شرطاً دائماً أن صديق الصديق صديق، أو عدو الصديق عدو أو صديق العدو عدو، لأن السياسة لا تقبل القياس بمسطرة الرياضيات ولا يخضع لأحكام المنطق.
بيد أن مسلمات ومبادئ، تبقى خارج حدود ألاعيب السياسة أياً بلغت درجة الاصطفاف والجريمة ومخاطر التحلي بالقيم، في مقابل آخر نسف كل الأعراف وأدنى درجات الإنسانية.
في سوريا، سقطت كل الأقنعة، وأولها عن وجه نظام قاتل لا يتوانى في بقائه على الكرسي، من مد يده للشيطان، فالكرسي والعصابة أولاً، وكل ماعداهما تفاصيل.
ولعل في القتل بالبراميل والكيماوي ومد العد للميلشيات النكوصية المستوردة من دول الجوار طرفا، ليأتي الطرف الآخر في السكوت عن هجمات وغارات إسرائيل، كي يحافظ نظام الأسد القومي الممانع، على اتفاقات فضحتها ثورة كرامة السوريين، كما فضحت الكثير من الارتباطات والمؤامرات، التي كانت-ربما- بحاجة لعقود، لولا أن جاء الدم السوري ليعري ساداتها، فمن إيران لروسيا مروراً بدول عربية وربما "الحبل على الجرار".
ولكن، أن يصل "معارضون" لهذا الدرك من الخيانة، بحجة التعاون مع الشيطان كي نسقط الأسد، فذلك وبأبسط التحليلات، لا يتناسب مع فكر وأهداف الثورة، ويوصف بأبسط الكلمات، خيانة لدم الشهداء، ليس الذين سقطوا خلال الثورة، بل وآباؤهم الذين رووا أرض سوريا خلال الحروب مع العدو الإسرائيلي، حتى وإن كان في تلك الحروب خدعاً قادها قادة العرب في سوريا ومصر ولبنان.
فهنا، لا يمكن قياس إسرائيل بتركيا مثلاً، فالأولى تحتل فلسطين والجولان، ولا حتى قياسها بإيران التي أعلنت عن عداوة متأصلة ونكوصية قد لاتبقي ولا تذر، على أنها تحتل جزر الإمارات العربية الثلاث، فمثل هذه المقاربة، وإضافة إلى أنها مضللة وخبيثة، فهي تضيع لحقوق لا يمتلكها أي مخادع أو مبرر.
كمال اللبواني، الطبيب المعالج للمرضى في أجسادهم، لم يستطع إخفاء مرضه النفسي وهوسه في الضوء والكرسي، فبعد حملاته على الائتلاف كي يستحوذ على شعبية وقاعدة من السوريين الذين رأوا في الائتلاف سرقة لثورتهم، ركب المناضل اللبواني، وبعد فصله من الائتلاف، على موجة الحركات المتطرفة، فلم يتوانَ في الغزل لـ"داعش" والحجة على الدوام، نريد إسقاط النظام ولو تحالفنا مع الشيطان.
ولكن، أن يبلغ به المرض والهوس حدود زيارة إسرائيل، والمجاهرة بالزيارة عبر التوسل للقناة الثانية ليظهر على شاشتها، بل ويتكلم باسم السوريين والمعارضة، فهذا تعدى دود المرض والعقد النفسية...ووصل دونما أي تبرير لدرجة الخيانة.
بالأمس ظهر من ضاق بلبس ثوب المعارضة والمتاجرة باعتقاله عام 2008 وسارع للكشف عن نواياه وأهدافه من مركز "هرتسيليا" بثوب المشاركة في المؤتمر الدولي الرابع عشر لمعهد السياسات ضد الإرهاب.
ثمة ما هو أعظم، وربما تكشفه الأيام المقبلة، فكثر ممن ركبوا على ثورة السوريين، قد يكون فتح اللبواني لهم مبرراً، ولعل في ممولين ورجال أعمال، أعتقدهم معروفون، يرون ويروجون أن الحل في تل أبيب...ويجاهرون كما اللبواني بخياناتهم...لكنهم لم يقدموا على الزيارة العلانية..وربما يفعلوها.
الآن، أعتقد فرض عين على الائتلاف والشعب في آن، الإسراع لفضح الخائنين والتبرؤ من أي صنيعة تسيء لثورة كرامتهم، صحيح أنه لا تزرو وازرة وزر أخرى، بيد أن "ريحة الخراء تغلب حتى على ريح العنبر والمسك" وثمة من سيتاجر بزيارة المظلي اللبواني ليلصق الخيانة بالثورة والثوار.
نهاية القول: لايمكن لأي معتوه مشوّه أن يمثل السوريين الذين ضحوا ..حتى بحياتهم لنيل حريتهم والعيش بمواطنة غير منقوصة، فكما أحرقت واشنطن أحمد الجلبي بعد انتهاء صلاحية خيانته، سترمي إسرائيل باللبواني ومن يخدمها سراً ليتاجر بالدم والإعلام والمصير، ويبقى السوريون الذين يتطلعون لعيش خال من أي استبداد، هم سادة الأرض الذين يعكسون صورة السوري ..حتى قبل أي صبغة قومية وروحية وسياسية.
من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية