
تحالف ضد داعش... تحالف لمصلحة الأسد

السؤال الذي يطرح نفسه، هل استطاع التحالف الدولي العريض الذي قادته واشنطن قبل أكثر من ثلاث عشرة سنة القضاءَ على القاعدة في أفغانستان، أم زادها ضراوة وتمدداً، ليس جغرافياً فحسب، بل وفكرياً أيضاً. فمع جبروت ذلك التحالف الذي انخرطت فيه "دول إسلامية" وغربية وشرقية، بمختلف صنوف الأسلحة الفتاكة، لم تستطع الولايات المتحدة تحجيم القاعدة على الإطلاق حتى في أفغانستان نفسها، بل ساهمت مساهمة مباشرة في انتشارها فكراً ومادة في جميع أنحاء العالم.
ليس للقاعدة مركز واضح يتم ضربه والتخلص من رواده، إنما هي فكر متحرك يستطيع أن ينتقل من نقطة إلى أخرى بمنتهى السلاسة، فمن أفغانستان إلى العراق وسورية، ناهيك عن اليمن والعراق ونيجيريا والصومال وعشرات الدول الأخرى. لم تستطع واشنطن تحجيم ذلك، بل ساهمت من خلال سياساتها العدوانية والمنحازة إلى تطويره وتدعيم ساحته الفكرية.
بالطبع فإن إدارة أوباما تعلم ذلك، وتعرف أنها لا تستطيع إنهاء القاعدة؟ فلماذا تريد أن تخسر المليارات في حرب ضد أفكار باقية وتتمدد كل يوم متحدية الحرب العسكرية والإعلامية ضدها؟
هناك نقاط مشتركة بين ما حدث في العام2001 وبين ما يحدث اليوم من هجوم على تنظيم الدولة الإسلامية، فلا شك أن واشنطن تسعى للسيطرة على العالم بسياساته وسياسييه ونفطه وثرواته. ولا فرق في هذا بين أفغانستان والعراق وسورية.
إن تحقيق ما سبق، يتطلب تدخل الولايات المتحدة للقضاء على تمرد داعش والحفاظ على عمالة بشار الأسد، فهو أقدر على حماية المصالح الأمريكية من الصهاينة أنفسهم. ولهذا نشتم اتفاقاً أمريكياً أسدياً لحماية الأخير من السقوط.
تنبع أدلتنا على ذلك من خطاب أوباما نفسه، حيث قال: إن "الولايات المتحدة ستعمل على قطع التمويل عن هذا التنظيم،.......، ووقف

تدفق المقاتلين الأجانب". وهذا يعني بالضبط أن واشنطن لم تعمل سابقاً لقطع التمويل عن التنظيم، ولم تعمل لوقف تدفق المقاتلين الأجانب إلى سورية، فلماذا لم تفعله سابقاً وهي تريده الآن؟.
تدعي واشنطن أنها تريد قتال داعش لأنها تنظيم "مجرم" قتل 3400 بريء منذ ظهوره في سورية، ونحن نريد التذكير بأن الأسد قتل منذ ثلاث سنوات فقط ما يزيد على ثلاثمائة ألف بريء، ويريد أوباما أن يثأر لصحفيين أمريكين اثنين قتلا في الرقة، ونذكره أن الأسد افتخر بقتل الصحفية الأمريكية ماري كولفن يوم 21/شباط/2012 وقتل معها آخر فرنسياً، بل وحمل أولئك الإعلاميين مسؤولية موتهم، ولم تحرك أمريكا ساكناً.
يقولون في الغرب إن الأسد تعاون مع تنظيم الدولة على الدوام، بل وساعد في إنشائه، ألا يثير هذا القول أشد السخرية، إذ كيف ينشأ تحالف دولي للقضاء على ما أنشأه الأسد وليس على الأسد نفسه.
من العبث اتهامنا بالوقوف مع تنظيم الدولة، ومن الأكثر عبثاً أن نؤيد تدخلاً ضد داعش لا ضد الأسد.
الأموال الأمريكية التي تتدفق على المالكي والحماية الكاملة التي تقدمها واشنطن للسيسي، وكل تلك الأسلحة التي تصل للأسد على مرأى الولايات المتحدة، تدل على شيء واحد، أن التحالف الدولي ضد داعش هو تحالف لمصلحة الأسد.
من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية