أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

«أندروماك».. عرض مسرحي برؤية فرنسية سورية


تسعة ممثلين سوريين وخمسة فرنسيين أبدعوا في تقديم مسرحية (أندروماك) للمخرج الفرنسي (جان كريستوف ساييس) على خشبة مسرح راميتا بدمشق خلال ثلاثة أيام متواصلة، وباللغتين العربية والفرنسية.
أندروماك مسرحية تراجيدية لمؤلفها (يوريبيدس) -ولد عام 480 ق.م، وتوفي 406 قبل الميلاد- تروي قصة تراجيدية إغريقية بطلتها أندروماك الأميرة المنفية التي ينشب في داخلها صراع بين أصلها الطروادي وبين زواج جديد ومحيط جديد ينبذها ويحاول قتلها مع ابنها في مشهد رائع يعكس علاقة الشرق بالغرب ومسألة التضاد بين الجذب والنبذ، بين الانبهار وعدم الفهم، كما يقول المخرج.
عندما سقطت طروادة بيد الإغريق حوالي 1200 قبل الميلاد، عاد المنتصرون إل ى بلادهم، وتملك نيوبتوليموس على أراضي بيتيا القارية بعد أن حظي بأندروماك الجميلة أرملة هيكتور، لكن ما لبث هذا النصر أن تحول إلى حروب وغرقت البلاد في الدمار والقتل بسبب فسخ منيلاوس خطوبة ابنته الوحيدة هيرموني من ابن عمها أورستس المكيني، وتقديمها لـ نيوبتوليموس ابن أخيل. ثم يحاول منيلاوس حبك مؤامرة لقتل أندروماك وابنها الجديد مولوتس، فهرموني عاقر في حين أن الأميرة أندروماك تنجب ولدا، لكن الشيخ بيلياس يتدخل ويمنعه من تنفيذ المؤامرة.
أورستس أيضا يدبر المكائد لقتل نيوبتوليمس، كي يحظى بخطيبته هيرموني مرة أخرى، فيبدأ الصراع مجددا بين الإغريق لتتدخل الآلهة البحرية ثيتيس أم أخيل وتضفي الشرعية على أندروماك وابنها وتعلنهما مؤسسي ذرية أمراء مولوسيا.. ثم تعد عشيقها السابق بيلياس بالراحة.
الحوار بين الشخصيات هو الطابع العام للعرض الذي بدأ بمونولوج طويل أتقنته حلا عمران بطلة العرض التي جسدت شخصية أندروماك بلغة عربية ثم فرنسية استطاعت إتقانها جيدا بموازاة حركات جسدها المنسجمة مع اللغة والموقف.
وصاحبت العرض موسيقى تصويرية هادئة وجميلة، وإضاءة استطاع المخرج التحكم بها لتضفي نوعا آخر من المشاعر والأحاسيس المعبرة عن هذه التراجيديا الحزينة فعلا، أما الديكور والملابس فهي بسيطة جدا تكاد لا تلفت النظر.
عرض (أندروماك) إنتاج مشترك بين احتفالية دمشق ومحافظة الرون بفرنسا، والمركز الثقافي الفرنسي في دمشق، ومهرجان برشلونة الإغريقي بدعم من كولتورفرانس، ومهرجان أثينا.
وعن العرض يقول المخرج الفرنسي ساييس: إنها رؤية جديدة، ومناسبة للقاء بين ثقافتين وشعبين، استطاعت المسرحية مخاطبة كل منا بعمق، لأن خطابها إنساني أصلا، عندما نستمع إلى مينلاوس وأندروماك نستطيع أن نتلمس هذه الشخصيات من الداخل لأنها شخصيات إنسانية. فأندروماك تناضل لتستعيد حريتها والحفاظ على ابنها بالنهاية.
مضيفا أنه لقاء لغوي مباشر بين الفنانين، أردت من خلاله أن أستشعر البنية اللغوية العربية، كما حاول الفنانون الفرنسيون فهم منطق النص باللغة العربية.
وتابع ساييس خلال مؤتمر صحافي عقدته الأمانة العامة لاحتفالية دمشق: النص من اختياري، أردت أن أخرج مأساة إغريقية، وقدمت النص كما هو لم أحذف ولم أعدل شيئا، فهو مأساوي وغير درامي. ما قمت به هو إخراج هذه الشخصيات على المسرح بحيث يتحول المكان إلى بيئة حوار تستطيع أن تؤثر في الوجود.
وقال ساييس إنه لا يؤمن بأن عمل المسرح هو توصيل رسائل، لكنني أردت الحديث عن الحرية والنجاة من خلال هذه المسرحية، فاستعمال المسرح لتوصيل رسائل فيه إفقار للعمل المسرحي، كل إنسان قادر على تأويل العمل كما يشاء وكما يفهمه، المسرح في جوهره سياسي، ولكن يجب ألا نختزله في بعده السياسي فقط.
أما حلا عمران فقد وجدت متعة كبيرة وفائدة إنسانية وفنية في العمل مع ممثلين فرنسيين وكذلك مع ممثلين سوريين تعمل معهم لأول مرة، قائلة: إن الدور صعب وممتع بنفس الوقت فأنا أعمل مع ساييس، وهو مخرج متطلب جدا، وعنده رؤية مسرحية خاصة ليس من السهولة أن أدخل فيها ولكن عندما أدخل أجد المتعة. كان العمل مجازفة في البداية ولم أكن أعرف إلى أين سأصل.
وعن كيفية تعاملها مع اللغة أضافت عمران: يجب ألا نحمل اللغة حالات ومعاني لا تحتملها هناك صعوبة ولكني وجدت الفرنسية أسهل قليلا، بينما العربية أصعب لأنها لغتي وهي محملة كثيرا بالنسبة لي.
وتحدثت حنان قصاب حسن -أمين عام احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية- عن البعد العالمي للثقافة السورية، مشيرة إلى قدرة الفنانين السوريين على أن يكونوا في المستوى نفسه لكبار الفنانين في العالم، ويلعبوا على خشبات المسرح العالمي.
وكانت الأمانة العامة للاحتفالية قد عقدت في وقت سابق مؤتمراً صحافياً حول العرض في مقر الأمانة العامة بالعفيف شارك فيه كل من الدكتورة حنان قصاب حسن والسفير الفرنسي بدمشق ميشيل ديكلو، والمخرج جان كريستوف ساييس، والممثلة السورية حلا عمران.
أما الممثلون فهم: حلا عمران، لويز عبدالكريم، كوزيت حداد، كامل نجمة، إيمان عوده، رنا يازجي، نسرين فندي، لمى حكيم، أميرة حديفي، تييري بوسك، غايل هيرو، دانييل مارتين، ماتيو جينيه، فاليري لانغ.
يشار إلى أن مسرحية أندروماك ستعرض الصيف الجاري في مهرجان أثينا باليونان، ومهرجان ليالي فوريير بفرنسا، ومهرجان برشلونة الإغريقي بإسبانيا، ومهرجان قرطاج بتونس، كما تعمل الأمانة العامة على إنتاج أعمال مسرحية أخرى أهمها: عرض (أحلام شقية) للمخرجة نائلة الأطرش، وعرض (محاولة طيران) للمخرج وليد قوتللي.

عمر عبداللطيف - العرب - دمشق
(184)    هل أعجبتك المقالة (210)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي