أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

يوم ساركوزي القصير في بيروت كان تاريخيا

كل فرنسا في كل لبنان، هذا هو شعار زيارة الساعات الخمس التي قام بها امس للبنان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.
اليوم الفرنسي القصير في بيروت كان تاريخيا بدلالاته المختلفة: مواقف الرئيس ساركوزي في مختلف المواضيع اللبنانية، لقاء جميع افرقاء النزاع في القصر الجمهوري وهذا ما يحدث للمرة الاولى ومنذ اندلاع الازمة، والاهمية النوعية للوفد الغربي الزائر.
البداية كانت من مطار بيروت الدولي، حيث حطت الطائرة الرئاسية في العاشرة وعشر دقائق اي قبل خمس دقائق من الموعد المحدد ليوزع ساركوزي كلمة اعلن فيها انه يحمل مع الوفد الفرنسي «الاستثنائي» الذي «يرافقه رسالة الى الشعب اللبناني للتعبير عن المحبة والاخوة والوحدة والروابط المتينة التي تجمع بين البلدين اكثر من اي وقت مضى».
واعتبر ساركوزي، الذي كان في استقباله رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف فؤاد السنيورة، «ان انتخاب الرئيس سليمان يعني الامل لجميع اللبنانيين من دون استثناء»، مبديا دعمه للسنيورة، ومن اجل اتاحة الفرصة للحكومة الجديدة لتحقيق الانتعاش ولحل مشكلة الاقتصاد اللبناني».
وأشار الى «ان لبنان مر في ازمة كبيرة، وقد كانت مؤسساته متوقفة ولكن مع الجهود التي بذلتها دولة قطر والجامعة العربية وفرنسا تم انجاز اتفاق الدوحة الذي سمح بتحسين الوضع وادى الى مصالحة وطنية».
ورأى ساركوزي انه امام الرئيس سليمان «مسؤولية كبيرة لإنجاح هذه المصالحة، ولا بد ان تقوم كل القوى اللبنانية بترجمة التزاماتها عبر الحوار، فلبنان مر بمآس كبيرة ولكن لا بد من ان نتطلع الى مستقبل يقوم على الحوار وتنفيذ كل بنود اتفاق الدوحة».
وجدد دعم المجتمع الاوروبي والدولي وفرنسا تحديدا للبنان على مختلف الاصعدة «اذ ان الجميع ملتزم حيال لبنان».

21 طلقة
وقد اطلقت مدفعية الجيش 21 طلقة بعدما نزل الرئيس الفرنسي من الطائرة وصافح مستقبليه، ومن ثم توجه مع سليمان الى منصة الشرف وعزفت لهما موسيقى نشيد المارسيين الفرنسي والنشيد الوطني اللبناني واستعرضا ثلة من حرس الشرف في لواء الحرس الجمهوري قبل ان يتوجها الى القصر الرئاسي في بعبدا.
وبعد خلوة قصيرة بين الرئيسين، عقد اجتماع موسع انضم اليه الوفدان الرسميان الفرنسي واللبناني، الذي ضم اقطاب الحوار اللبناني الـ 14، اضافة الى رؤساء الجمهورية والحكومة والمجلس النيابي السابقين وعدد من الشخصيات الامنية والقضائية والاقتصادية.
وقبل مأدبة الغداء التكريمية للرئيس الضيف، رحب الرئيس سليمان بزيارة ساركوزي والوفد المرافق الى لبنان، مؤكدا «التزام لبنان بقيم عمدت فرنسا الى نشرها كالحرية والديموقراطية وحقوق الانسان وسعيه الى توطيدها، اما التزامنا في محاربة الارهاب وكل اشكال التطرف فقد اثبتناه وما زلنا».
وقال: «لبنان وطن الرسالة وملتقى الحضارات وملجأ التعددية يلتزم اليوم الانطلاق في ورشة اصلاح وتطوير مؤسساته الاقتصادية والامنية والقضائية والسياسية كي يستعيد دوره ومكانته».
ولفت سليمان الى «ان الاوقات الصعبة والمأساوية التي اجتزناها اصبحت وراءنا، وان اتفاق الدوحة الذي كانت لفرنسا فيه مكانة بارزة اعاد انتاج الاستقرار السياسي المنتظر منذ فترة»، معتبرا «ان هذا الاتفاق يحصننا على اعادة احياء دور المؤسسات الدستورية، وانطلاقا من هنا بات كل خلاف سياسي يجد حلا له في قلب هذه المؤسسات وعبر الحوار».
واعرب سليمان عن امتنان لبنان لما قامت به فرنسا التي جندت المجتمع الدولي لمساعدة لبنان يوم استضافت مؤتمر باريس ـــ 3.

سابقة تاريخية
ورد ساركوزي بالقول ان اقتراحه على وزراء ورؤساء الاحزاب الفرنسية بالمجيء الى لبنان «سابقة لم تحدث من قبل»، متمنيا «ان يبقى لبنان مهد الثقافات والديانات ورمز الاندماج والتنوع، فما عاناه لبنان هو معاناة فرنسا ايضا».
واشار الى «ان الحوار هو لمصلحة اللبنانيين»، مجددا «ان فرنسا ستسعى لمساعدة الرئيس سليمان لانجاح برنامج عمله كي تتمكن الدولة من فرض نفسها على الجميع كونها دولة قوية ومستقلة، وكي يتم تثبيت السلم الاهلي وابعاد التهديدات عن لبنان».
ووجه ساركوزي تحية خاصة الى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة لأنه «اثبت الكثير من الشجاعة في الايام الماضية»، مجددا رغبة بلاده في مساعدة الجيش اللبناني من خلال التعاون والقرار الصادق من الاطراف لوضع استراتيجية دفاعية.

دعم المحكمة
كما جدد دعمه للمحكمة الدولية للنظر في جريمة اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري «كي لا يذهب موت الرئيس الحريري والاغتيالات الاخرى من دون عقاب»، مشيرا الى انه «يجب ان يدرك القتلة انه سيتوجب عليهم دفع الثمن»، مضيفا «هذا كل المغزى من انشاء المحكمة الدولية».
وبعد امضائه ساعتين ونصف ساعة في القصر الرئاسي في بعبدا، توجه ساركوزي الى قصر الصنوبر في بيروت للقاء الجالية الفرنسية، وفي كلمة القاها هناك، اعرب الرئيس الفرنسي عن سروره لوجوده في لبنان، متوجها بالتحية الى الفرنسيين الذين بقوا في لبنان «لشجاعتكم ولأنكم لم تستسلموا بالرغم من كل ما عاناه لبنان خلال السنوات الماضية وكل الصعوبات، بل استمررتم في الاعراب عن املكم بلبنان وثقتكم بمستقبله ولم تتركوه، بل استمررتم بحبه من كل قلوبكم، وفرنسا التي تحب لبنان ممتنة لكم، ممتنة لكل من يعيش في لبنان ويعمل فيه ومن قرر ان يستمر فيه لأنه يؤمن به».
ولفت ساركوزي الى انه لم يكن يعلم ما اذا كانت زيارته مبكرة او متأخرة او اذا ما كان عليه دعوة رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى فرنسا، اذ لم يكن يملك الجواب الملائم ولكنه بعد ذلك قال لنفسه، انه ها هو النور قد ظهر في لبنان وجرى انتخاب الرئيس سليمان الذي كان بمنزلة الامل.
اضاف: «طبعا ستكون هناك مشاكل اخرى في لبنان لمواجهتها، ولكن الان هناك جوا ايجابيا فيه، وكان لا بد ان آتي لاعرب عن دعمي له»، منوها بالجهود التي بذلها وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير في القضية اللبنانية.

ندعم جميع اللبنانيين
واكد ساركوزي «اننا ندعم جميع اللبنانيين على اختلاف اطيافهم وطوائفهم، فالجميع يلاحظ المحبة والعيش المشترك في لبنان وقد تكون هناك صداقة او محبة مع طرف او آخر لكننا ندعم جميع اللبنانيين، فلبنان رمز للتنوع في شرق اوسط يفتقر الى هذا التنوع، ولبنان بحاجة الى جميع ابنائه، وفرنسا ستعمل على مساعدة لبنان السيد المستقل ولجميع الدول الحق في الاستقلال بما في ذلك لبنان».
وشدد على ضرورة «قيام علاقات بين لبنان وجيرانه وسوف نواكب هذه العلاقات والروابط، اذ ان فرنسا لها علاقات مع جميع هذه الدول، شرط ان يعيش لبنان بحرية».
واكد ساركوزي «ان فرنسا ستبقي وحدتها المشاركة في عداد قوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان (يونيفيل) لخدمة السلام».
واعرب عن تقديره للبطريرك مار نصر الله بطرس صفير للجهود التي قام بها وللشجاعة التي يتحلى بها، وقال انه سيزوره للتحدث معه لاحقا.
واشار الرئيس الفرنسي الى «ان مجموعة فرنسية ستصل الى لبنان الاسبوع القادم لمواكبة موضوع المنح والمساعدات المدرسية التي قدمتها فرنسا للبنان لتطوير نحو 27 مؤسسة تعليمية من اجل تعزيز القيم الانسانية والثقافة الفرنسية في لبنان».
كما لفت الى ان رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون سيعود على رأس وفد اقتصادي مهم للمشاركة في اعادة بناء لبنان الذي عانى الكثير.
وكان ساركوزي اجرى اتصالا بالبطريرك صفير في قصر بعبدا واعدا اياه بزيارته حسب الاصول في اول زيارة يقوم بها مجددا للبنان

القبس
(103)    هل أعجبتك المقالة (99)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي