أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

جرِّموا سكين داعش وبرِّئوها... د عوض السليمان

عندما يتحدث المرء عن ازدواجية المعايير الغربية  والأمريكية في التعامل مع قضايا العرب والمسلمين فلا يعرف من أين يبدأ، إذ بلغت تصرفات "العالم المتمدن" حداً من الوقاحة لا تحيط بوصفه  الكلمات، وذلك من التعامل مع فصل جزيرة سومطرة عن إندونيسيا، إلى سكوت الغرب المشين عن مذابح السّنّة وحرقهم أحياء في ميانمار وإفريقيا الوسطى، مروراً بكل التآمر العالمي على الشعب الفلسطيني والعراقي ومن بعده المصري، والسوري خاصة.
 
في الشهر السابع من العام الماضي قرر الاتحاد الأوروبي، إدراج الجناح العسكري لحزب الله على قائمة المنظمات الإرهابية، مؤكدين في الوقت نفسه أن دول الاتحاد، تريد مواصلة الحوار مع كل الأحزاب اللبنانية بما فيها حزب الله. بلغة أخرى قرر الغرب أن يعتبر القذيفة التي يطلقها حزب الله إرهابية ولكن ليس الأشخاص الذين يضعون سياسات إطلاق  تلك القذيفة. وبالتالي فإن حسن نصر الله الذي دعا لحماية زينب رضي الله عنها من السبي مرتين ليس إرهابياً، والذي طلب من عناصره أن يقتلوا أطفال سورية باسم مظالم الحسين ليس إرهابياً.

الغريب في المسألة، أن معظم دول الاتحاد كانت قد سنّت منذ العام 2006 قانوناً يجرم تمجيد الإرهاب، بمعنى أنه يكفيك أن تعبر عن تأييدك لأسامة بن لادن في بعض الدول الأوروبية حتى يستطيع القاضي أن يطبق عليك القانون المذكور ويزج بك في السجن،  ويكون الأمر أصعب في دول أخرى، إذ يكفي أن تمجد صدام حسين حتى تكون إرهابياً أو في طريقك لتكون.

أعتقد أنه أصبح من الواضح معنى عدم إدراج الجناح السياسي لحزب الله على قائمة الإرهاب في أوروبا، وأصبح من الأوضح عدم إدراج بشار الأسد وشبيحته على تلك القائمة، وكذلك حوثيي اليمن وكتائب أبي الفضل العباس وغيرها. فالإرهاب سنّي بطبعه، ولك أن تمجد من شئت غير ذلك وفي أي دولة أوروبية كانت.

الأهم من ذلك أن بشار الأسد قد قتل عدة آلاف من السوريين بساعة واحدة في مجزرة الغوطة الشرقية التي وقعت في الشهر الثامن من العام الماضي، وقد فعل ذلك بالسلاح الكيماوي المحرم دولياً، فقامت الولايات المتحدة الأمريكية بمصادرة سلاح الجريمة ودمرته وطلبت من الأسد ألا يقتل بذلك السلاح مرة أخرى، بينما أعطته ضوءا أخضر ليقتل بأي طريقة شاء وكيفما يشاء.

باختصار، رأت الولايات المتحدة أن سلاح الجريمة هو المسؤول عما حدث في الغوطة وليس عميلها الذي يحكم دمشق رغماً عن إرادة السوريين ورغماً عن الديمقراطية التي تدعيها واشنطن.

في الشهر المنصرم أعدم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، الصحفي الأمريكي جيمس فولي، وأعدم في هذا الشهر صحفياً آخر هو ستيفن سوتلوف، الذي قال مؤيدو التنظيم أنه يحمل الجنسية الإسرائيلية وكان يعمل جاسوساً ضد التنظيم.

لست هنا بصدد تصديق ذلك، أو الحكم عليه، ونحن، لا شك، ننكر أي جريمة من أي طرف، ولكنني أطلب من الولايات المتحدة أن تطبق نظرياتها في مصادرة سلاح الجريمة على داعش، وتتعامل معها كما تعاملت مع الأسد، فعليها والحالة هذه أن تطلب السكين التي تم بها إعدام صحفييها في الرقة فتصادرها، وتدمرها في عرض البحر وتعلن أن مهمتها في عقاب التنظيم قد انتهت إذ تم "القبض" على أداة الجريمة والتخلص منها كلياً. 

تبدو هذه المقاربة هزلية بالطبع، ولكن سياسات الولايات المتحدة الرعناء ووقوفها إلى جانب القتلة في دمشق منحنا دائماً حق التهكم عليها. صادرتم سلاح الأسد وبرأتموه فصادروا سلاح التنظيم وبرئوه أيضاً. ولكن دماء سوتلوف وفولي أغلى عند "العالم المتمدن" من دماء مليون سوري كانوا يضجون بالحياة ويملؤون الدنيا فرحاً وابتسامات.
 
 
 
 

(204)    هل أعجبتك المقالة (183)

حوراني أصلي

2014-09-05

قلتك ما راح يناموا أسبوع كامل، وهسذع ما راح يناموا للجمعة الجاية موعد المقال الجديد..أبوك يالموت.


أبو إسحاق

2014-09-05

إذا أعلنت الولايات المتحدة رسميا أنها يتعاون مع الأسد للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية داعش فلن أندهش.


سورية حرة

2014-09-05

ازدواجية المعايير ديدن الولايات المتحدة و العالم المتمدن حربهم مفتوحة ضد المسلمين هذه حقيقة يجب علينا الاعتراف بها.


متابع

2014-09-06

كلام في محله وحسبنا الله ونعم الوكيل.


أمين تفات/الجزائر

2014-09-07

في فلسطين يا دكتور عوض، قامت إسرائيل باحتلال الأرض وتهجير كل السكان، فلم تصادر أمريكا والغرب سلاح الإسرائيلين بل زودتهم بأشد أنواع السلاح فتكاً. وسيثبت التاريخ أن معظم سلاح بشار الاسد جاء من الغرب أو باتفاق مع الغرب.


2014-09-09

اتخذت داعش ذريعة لاحتلال المنطقة من جديد والحفاظ على رئيس عميل كبشار الأسد، لكن يبقى السؤال كيف نشأ هذا التنظيم..


2014-09-10

ماحدا يبرد قلبي غيرك.


2014-09-10

وُفقتَ كثيرا في اختيار العنوان دكتورنا الغالي.


التعليقات (8)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي