أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

رسالة الى صديقي العربي المسلم !



صديقي العربي المسلم , أخي في الإنسانية ,يا من تقاسمت معه رغيف الخبز اليابس وبضع زيتونات صغيرات ,يا من بكينا معاً على حال الفلسطينيين ومآسيهم ,وتألمنا كثيراً لعذابات الأطفال والنساء في الأرض المقدسة, وتظاهرنا معاً من أجل أن يحصلوا على حقوقهم , يا من صرت فجأة تتهمني بالكفر تارة والردة تارة أخرى , يا من أصبحت الحقيقة في عينيك معتمة ضيقة وكإنك تنظر الى العالم من خلف نظارات سوداء دائماً , يا من إعتدت أن ترى نفسك الأفضل ,والأجدر , والأكثر ثقافة ,يا من تعتقد إنك الأحب الى الله و الأحق بنشر تعاليمه , تمهل صديقي قليلاً تمهل : وانظر حولك , هل ترى غير الصامتين , هل ترى غير الخائفين ,هل ترى غير المصفقين , انظر الى سنوات عمرك لقد ضاعت في اللاشيء , في التفكير في متاهات التاريخ وإنجازات أجدادك العظام والتساؤل في نفسك ,متى ستسترد ذلك المجد التليد؟ متى ستنتقم من هؤلاء الحضاريين الذين سرقوا تاريخ وطنك؟ متى سترفع السيف في وجه هذا و ذلك ؟متى ستنال شرف الدخول في الفردوس والإستمتاع بنهر اللذة والخمر في مجمع الحوريات ؟متى؟.
صديقي : قلبي يتقطع عليك , انظر الى بلدك منذ الاستقلال والى الآن ماذا تطور فيه, ماهي الإنجازات التي حققها مواطنوا بلدك , ففي الوقت الذي تركز كل بلدان العالم على تطوير الصناعة والدخول في المنافسة في مجال تصنيع السيارات والطائرات والبواخر وسفن الفضاء مازال أبناء بلدك يتفننون في صناعة العلكة والمعسل والصابون والبسكويت , وفي حين يتبارى الآخرون تجارياً مازال بلدك بالكاد يتاجر مع جيرانه , وفي الوقت الذي اطلق فيه الآخرون حرية صحافتهم لازالت أجهزة دولتك الأمنية تراقب الكلمة وتصادر حتى تعابير الوجوه , وفي الوقت الذي يقوم بقية قادة العالم بتدعيم شرعيتهم عن طريق التعليم مازلال قائدك وإخوانه من القادة العرب المسلمون يدعمون شرعيتهم من خلال عباءة الدين والخوف من الخروج عن الجماعة , وفي حين يبحث الآخرون عن مستثمرين للنهوض بالصناعة وتوفير فرص ووظائف للأجيال الشابة يقوم مسؤولو بلدك وعموم البلاد التي تتآخى معه بسن القوانين البيروقراطية التي تعرقل الإنفتاح والإندماج في الإقتصاد العالمي , صديقي العربي المسلم في ظل صناعة العالم لاقراص الكمبيوتر لا زال مهندسو بلادك بالكاد يعرفون تصنيع اقراص البطاطا , ومازال تفكيرعلماء بلادك منصباً على معنى هذه الآية وتلك ,صحة هذا المذهب أو ذلك , المغزى من هذه الغزوة أو تلك , مازالت قنوات بلادك التلفزيونية تحرض الشباب على الجهاد والقتال في سبيل الجنة , مازال حكام بلادك يسرقون ثرواتكم ويبددونها في شوارع لندن وباريس بينما شبابكم يهربون يوميا من واقعهم المر عبر زوارق الموت للبحث عن حياة أفضل , ولكن حتى الواصلون منهم الى أرض الأحلام يرفضون الإندماج في الحياة الغربية ويتقوقعون حول أفكارهم في تجمعات انعزالية تصبح موطناً للجريمة والمخدرات يوماً بعد يوم , في الزمن الذي تتقاسم فيه البشرية مبادئ العدالة والحرية والتضامن , هل ترضون الإله بمشاهد القتل والنحر وقطع الرقاب ؟ هل يفرح الإله حين تصبح بلاد الشرق المقدسة بحار دماء وفساد وموت ؟ إن أكثر ما يبحث عنه شباب بلادك في الإنترنيت هو الجنس والنساء , في حين يعيش ثلث المواطنين في الجهل والتخلف , قل لي صديقي متى كانت آخر مرة دخلت فيها الى مكتبة للقراءة والمطالعة ؟ ما آخر كتاب قرأته ؟ ما أكثر الأفكار التي تعلمها لأطفالك ؟ العمليات الإنتحارية أم حمل السيوف والتدرب على حز الرقاب ! إنها فعلاً لمصيبة كبيرة .
أرجو أن تفهمني صديقي , إنني أحبك , إنني لست حاقداً عليك ولن أغزو أرضك ولن أبعدك عن دينك ,فلا هم لي سوى أن أربيّ أولادي وأوفر لهم حياة كريمة ,أن أنقذهم وأحميهم من شرورالسيئين وأنير لهم درب المستقبل وأعلمهم حب الآخرين , ليس لي أية مصلحة بك سوى الأخوة والإنسانية ,أرجو أن تفهم ذلك وتدعني أعش بسلام وأن لا ترغمني على تبني أفكارك ومعتقداتك , دعنا نبقى أصدقاء لكل منا طريقته في عبادة ربه ورؤيته للعالم , صدقني لن نكون أعداء أبداً فالجميع على هذه الأرض لديهم نفس الإله ,إله لا يقبل الشر والقتل ,إله يحض على الأخلاق والمعاملة الحسنة , صدقني عزيزي هناك مجال وفرصة كبيرة لأن نتبادل تحايا السلام ونتعاون في سبيل التعايش الأخوي , لو أزلت نظاراتك السوداء وفتحت قليلاً حدقتي عينيك سترى الشمس في كل مكان وترى الحقيقة ساطعة تشع في براءة الأطفال الذين ينادون بالحب واللعب بسلام فوق أرض نقية من الدماء , صديقي سنكون حتماً أحباء وأخوة حينما تنظر بحب الى الحياة كما تنظر بحب الى الموت .
صديقك الذي اسمه :إنسان !

الدكتور شمدين شمدين
(141)    هل أعجبتك المقالة (143)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي