ما أوجع ما يجري على الأرض، وما أبسط ما يناقش في أروقة "مؤسسات المعارضة السياسية" ففي الوقت الذي تتعاظم فيه مخاطر تمدد الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" وتحريرها المناطق المحررة وتزايد أعداد العقول والشباب السوري المهاجرين بزوارق الموت وعبر الصحاري، وتفشي المخدرات بين شباب سوريا وابتعاد أطفالها عن مقاعد الدراسة، بل والخيبة لدرجة قبول الهدن في ريف دمشق بعد حمص، وتشظي المعارضة المسلحة ودب الخلافات فيما بين الفصائل، ما كسا المشهد الكلي بالإحباط والشعور بالهزيمة.
تغرق مؤسسة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة -إن جاز لنا وصفها بالمؤسسة- منذ أكثر من شهر، في من سيكلف بتشكيل الحكومة، بعد حجب الثقة عن حكومة أحمد طعمة.
إن لم ندخل في أحقية الائتلاف في حجب الثقة عن الحكومة، أي وفق أي الصيغ والحدود وعلى ماذا تبنى حجب الثقة، وسألنا عمن يمكنه حجب الثقة عن الائتلاف نفسه، وهو الآتي من خارج أي عرف ديمقراطي، بل تأسس وفق توازنات غير سورية، لنسأل عن الوعد الذي قطعته الهيئة العامة للائتلاف وقت حجبت الثقة عن حكومة طعمة، بأنه في غضون شهر ستشكل حكومة، وها هو يمر الشهر ولم يُسمَّ رئيس الحكومة بعد، بل وتأجل اجتماع الهيئة العامة الذي كان سيعقد في 27 الجاري إلى أجل غير مسمى، ومعلوم بعد تسمية رئيس الحكومة سيأخذ -ربما- شهرا أو أكثر لاختيار الوزراء، أو بصيغة أدق للتوافق على الوزراء بحسب الدول الإقليمية والتكتلات داخل الائتلاف، والتي غدت شعوباً وقبائل منذ الخلاف على رئيس الائتلاف وتمزق الكتلة الديمقراطية والتحالفات المؤقتة التي كانت على مبدأ عدو العدو ربما.
أي، سيستمر تعطيل السلطة التنفيذية للمعارضة-أيضاً إن جاز لنا الوصف- ربما لأشهر، في أدق الظروف التي تعصف بسوريا والثورة، وبعد الوعود منذ الحكومة السابقة، فإن الوزارات أو بعضها ستنتقل إلى الداخل لتعيش نبض الثوار والشعب وتعايش التبدلات على الأرض، والتي خرجت بمعظمها عما يتخيلون أو يسمعون...أو حتى عن الذي قام له وعليه الشعب السوري.
قصارى القول: سيبدأ غدا الإثنين اجتماع الهيئة السياسية الدوري، ليسمي من ضمن جدول أعماله رئيس الحكومة من بين 25 مرشحاً، بعد اعتذار اثنين قبل يومين، ما يدفع بأسئلة أخرى تتوثب على الشفاه.
وفق أي المعايير سيتم انتقاء مرشح أو اثنين من بين المرشحين الكثر، أي ما هي المعايير بعد الذي رشح عن عدم التوافق بين ممثل كتلة الجربا وممثل كتلة الصباغ، حول إياد قدسي وغسان هيتو؟!
إلى أي حد يمكن أن تنعكس الخلافات والتجاذبات بين الائتلاف نفسه على تسمية رئيس الحكومة ومن ثم الوزراء، قلنا تسمية لأن الهيئة السياسية ستنتقي وتترك الخيار الديمقراطي للهيئة العامة، التي ستجتمع في غضون أيام أو اسابيع..أو ربما أكثر؟!
وأيضاً، هل سينعكس عدم مشاركة "السيد الرئيس" أحمد الجربا، نتيجة غيابه عن "الحراك الثوري" منذ انتخاب هادي البحرة، وما قيل عن منع دخوله لتركيا رغم الذي جرى أخيراً في معركة ممثلي الأركان وإبعاد حلفائه.
خلاصة القول: قد يكون في الخمس والعشرين مرشحا مظهر ديمقراطي، وإن شكلياً، يضمن للمرشح بعض شهرة وتداول اسم، أو ربما حقيبة في الحكومة في واقع جوائز الترضية التي تغلب على الأداء السياسي الذي تغيب عنه المعايير والخبرات، بل ويُغيّب سياسيون ودبلوماسون كثر...ولا يُستأنس حتى بآرائهم رغم الكوارث الدبلوماسية والسياسية التي حدثت ومازالت تحدث.
ولكن، وجواباً على سؤال كلفة الحكومة، التي يتوقع أن يكون رئيسها ضمن وليد الزعبي وغسان هيتو وإياد قدسي وأحمد طعمة، إن كانت تكلفة اجتماع الهيئة العامة، وفق مصادر الائتلاف نفسه تقدر بمئة وخمس وعشرين ألف دولار، وكان أول اجتماع لحجب الثقة وثاني اجتماع لتسمية الرئيس وثالث اجتماع لتسمية الوزراء، وربما ما بينهما إن اقتضت الضرورة، فنحن أمام قرابة مليون دولار حتى نرى الحكومة على الورق، قبل أن تتسلم مهامها وتباشر في الدفاع عن الشعب السوري وتبنّي قضاياه...رغم أن ثمن الزمن لا يقدر إلا بدم، ولعل ما يجري دليل يا أيها السياسيون الجدد، لا يحتاج عناء الإثبات.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية