مذبحة السارين.. عندما يتحول الخط الأحمر إلى ضوء أخضر..!

لم يكن من قبيل المصادفة أن تعلن الولايات المتحدة هذا اليوم الانتهاء من عملية تدمير 600 طن من المواد الخاصة بإنتاج وتصنيع الأسلحة الكيميائية والتي تخلى عنها النظام المجرم طوعا بعد تهديد الغرب له بضربات جوية من نوع كلام بكلام، حيث قالت وزارة الدفاع الأمريكية إن السفينة "كيب راي" المجهزة بنظام طورته الولايات المتحدة لتقنية التحليل المائي، قامت بتحييد تلك الكمية بالكامل في عرض البحر المتوسط.
الولايات المتحدة ورغم يقيني بأنها لم تكمل بعد عملية تدمير هذه المواد لصعوبة المهمة المتمثلة في التخلص من المخلفات السامة لهذه المواد، إلا أنها أرادت أن تستبق ذكرى مذبحة السارين في الغوطتين بإعلان تظن أنه قد يعفيها من المسؤولية الأخلاقية والإنسانية عما حدث لأهالي الغوطتين.
تعود الحادثة إلى يوم 21/08/2014 مابين الساعة الثانية والنصف إلى الساعة الخامسة فجر هذا اليوم المشهود والمشؤوم عندما بدأت صواريخ الجيش السوري الخائن بالانطلاق باتجاه مدن وبلدات الغوطتين الشرقية والغربية المحيطة بالعاصمة المحتلة دمشق.
التوقيت كان مهما لأن برودة الجو صباحا تدفع الغاز إلى الأسفل والهدف قتل أكبر عدد ممكن وذلك بعدم إعطائهم فرصة النجاة، كون أغلبهم نياما.
فكان لهم ما أرادوا حيث قضى 1429 شخصا معظمهم من الأطفال والنساء الذين رحلت أرواحهم إلى بارئها دون أن تعلم حقيقة ما جرى حتى رحلت لترتاح من شرور الإنسان وإجرامه بحق أخيه، زاغت عيون وانطفأ نورها بينما اختلجت أجساد وارتجفت مودعة أرواحا بريئة سكنتها، فسال زبد وكست الزرقة أجسادا بلا أرواح.
عام مضى ولاتزال حقيقة ما حدث مجهولة في حين أن القاتل المفترض لايزال ينعم بحريته معربدا وممارسا لهوايته في قتل السوريين وبكل ما توفر له من سلاح، لِمَ لا، ألم يقم بمبادلة الكيميائي بالتقليدي، ألم يكن عبدا مطيعا أثبت أنه لايخالف لهم أمرا وينفذ مايطلبون..!
حمورية، عربين، سقبا، كفر بطنا، حرستا، زملكا، عين ترما، جوبر والمعظمية جميعها مناطق ضربت بغاز السارين الذي يستهدف الأعصاب، لكن زملكا كانت الأكثر تأثرا حيث قدمت لوحدها أكثر من 400 شهيد وشهيدة، أما الذين أصيبوا وكتبت لهم النجاة فقد عانوا من الهلوسة والغياب عن الوعي، ووخز في أجسادهم وبعضهم لازال يعاني من شلل جزئي نتيجة تضرر جهازهم العصبي. يحدث هذا بينما يقوم مناصرو النظام وأتباعه وفي مشهد عهر واضح بتوزيع الحلوى في أكثر من مدينة ومنطقة محتفلين بموت أطفالنا، هاتفين بحياة قائدهم في مشهد لايمكن نسبته إلى بشر أو حيوان، فأي حقد هذا الذي ملأ القلوب، فأباح لبشر أن يبتهجوا بموت أطفال نيام ... هل هؤلاء بشر..؟
مأساة سبقها مأساة وتلاها أخرى شهدت عليها السماوات والأرض، جرائم تطهير عرقي وطائفي بحق شعب طالب ببعض الحرية والكرامة والعدالة الإنسانية، وعلى مدى ثلاثة اعوام ونصف قوبلت بتآمر وتخاذل وتسويف رغم كل ما ارتكبه النظام السوري الخائن من جرائم يندى لها جبين البشرية.
لقد كانت هذه الحادثة مدخلا لعلاقة جديدة بين نظام مجرم وعالم متأمر يدعي الحرية والإنسانية ويتباهى بتوفيره الحقوق حتى للحيوان ولكن ليس لطفل سوري مسلم، فتمت المقايضة، الكيميائي مقابل الاستمرار بالقتل التقليدي، وهي المعادلة التي سيذكرها التاريخ للرئيس الأمريكي باراك أوباما، كما سيذكر لحظات احتضار المئات من الأطفال والنساء والرجال السوريين الأبرياء النائمين وعلى مسمع ومرأى من العالم الذي اكتفى بالتنديد والإدانة.
لن ننسى صوت الطفلة السورية ذات الأربعة اعوام والتي لم تصدق انها لاتزال على قيد الحياة فصاحت وبطريقة شبه هستيرية أنا عايشة أنا عايشة بينما كان آخرون إلى جوارها قد ماتوا أو يحشرجون موتا.
عام مضى على المذبحة وعامان على خط أوباما الأحمر الذي تحول إلى ضوء أخضر، فكانت مذبحة الغوطتين حيث بشر يقتلون وآخرون يحتفلون.
الرحمة للشهداء الأبرار والشفاء للجرحى والحرية للمعتقلين ... عاشت سورية حرة أبية بلا سفاح او ديكتاتور خائن وعميل.
خليل المقداد - هيئة الإنقاذ السورية / المكتب الثوري
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية