أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"لاجئ" صاحب رتبتين.. هيثم أبو طالب

صخب الحرب في سوريا وضراوتها، أعاد مسلسل اللجوء مرة أخرى بحق اللاجئين الفلسطينيين، فمنهم من توجه إلى الدول العربية كـ (لبنان، مصر، غزة، الجزائر) والتي كانت تستضيفهم في بداية فترة الحرب، ومنهم من زجَّ بنفسه في قوارب الموت ليصل إلى الضفة الأخرى حيث مغريات اللجوء لا تعد ولا تحصى، وقسم آخر فضّل البقاء رغم صعوبة المعيشة في ظل الحرب، فكان حصار المخيمات والحياة التعيسة خارج الحصار والاعتقال والموت جزاءً له. 

بعد وصول الرئيس المصري المعزول محمد مرسي إلى سدة الحكم، توافد عدد كبير من اللاجئين الفلسطيين إلى دولة مصر، أملاً بفضاء واسع ورحب، بعيداً عن هول الحرب، حيث كان في تلك الأثناء معبر رفح الذي يصل بين مصر وقطاع غزة مفتوحاً على مصراعيه أمام الفلسطينيين الذين قدموا من سوريا، فاستطاعت أعدادٌ كبيرةٌ من العائلات الفلسطينيية الدخول إلى قطاع غزة (ما يقارب ٢٥٠ عائلة) رغم بعض المعاناة التي لا تغيب عن اللاجئ أينما ذهب، وبعد دخول هذه العائلات قاموا بالتسجيل لدى الحكومة السابقة (حكومة حماس)، وبمكاتب الأونوروا لكي يتم التعامل مع ظروفهم المعيشية. 

في بداية اللجوء الجديد، قامت الأونورا بتقديم مساهمة لحل مشكلة السكن لهذه العائلات، فقدمت أجرة منازل لستة أشهر مقدماً، ما يقارب (١٥٠ دولار) شهرياً، ثم بدأت المعاناة ترتسم أمامهم؛ حيث إن إيجار المنزل المتواضع في غزة يكلف العائلة ما يقارب (٢٥٠ دولار)، مما دفع بأفراد هذه العائلات ومعظمهم من الأطفال والنساء للبحث عن فرص عمل ولو بأجور زهيدة للتكفل بمتابعة حياتهم اليومية، كما أن راتب العاملِ يصلُ في اليوم الواحد إلى (٣٠ شيكل) أي ما يقرب (٩ دولار) و الذي لا يكفي كمصروف شخصي لفرد واحد، وفي محاولةٍ لتحسين أوضاع اللاجئين الجدد قامت الحكومة في بداية توافد العائلات إلى القطاع، بتقديم وظيفةِ عملٍ مؤقتةٍ لفرد واحد من كل أسرة براتب زهيد يعادل (٢٠٠ دولار) في كل شهر بمسعى منها إلى مساعدة هذه العائلات، لكنها لم تستمر على هذه الآلية في الأشهر الأربعة الأخيرة ولم يتم تسليم الرواتب لهذه العائلات مما جعل وضعهم المعيشي يزداد بؤساً وسوءاً.

أما كرتونة المساعدات الغذائية صاحبة الشهرة الواسعة على مدار حياة اللاجئ، فكانت حاضرةً بقليل من السخاء، حيث يتم توزيعها بشكلٍ دوريٍّ في كل شهرين مرة واحدة على صاحب الرتبتين، والتي تقف سنداً في زمن اللجوء الجديد.

وعودٌ كثيرةٌ وجِّهتْ من الحكومة إلى هذه العائلات منها ما يتعلق بتقديم منازل مجانية للعيش بها بسلام بعيداً عن عملية الأجار، ومنها ما يتعلق برواتب تصل إلى (٥٠٠ دولار) شهرياً لكي تتكفل هذه العائلات برعاية أفرادها وحياتهم اليومية؛ ومنها ما يتعلق بالتكفل بمصاريف الجامعات بالنسبة للطالب، والتي تعتبر كارثةٌ أخرى حيث أن الساعة الواحد في الجامعة تُكلف بين (١٥-٣٠ دولار) حسب التخصص المطلوب؛ بالرغم من هذه الوعود الكثيرة لكن شيئاً من هذا لم يحدث، باستثناء تقديم مساعدة مالية مرة واحدة كانت قيمتها (٥٠٠ دولار) لكل عائلة ويبقى السؤال هنا عن مصير هذه الوعود التي تشكل حبل أمل تتعلق به العائلات اللاجئة في القطاع؟

في ظل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة باتت تعيش هذه العائلات صاحبة (الرتبتين) أوضاعاً مأساوية كارثية، فقد قُصف عددُ كبير من المنازل التي كانت تؤويهم، وسقط منهم الشهيد والجريح، وتفاقمت أزمتهم لتتحول من معاناة إلى كارثة بحق هؤلاء اللاجئين الذين ﻓﺮﻭﺍ من هول الحرب والمعيشة الصعبة؛ ﻟﻴﺴﺗﻘﺮوا في منتصف دائرة الموت مرة أخرى على مرأى ومسمع العالم العربي والإسلامي أجمع، دون محاولة تقديم أي مساعدة تذكر لهم. 

هيثم أبو طالب- صحفي فلسطيني
(150)    هل أعجبتك المقالة (160)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي