أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

المتدينون في زمن الخلافة والقتل باسم الله! ... د.شمدين شمدين


في المكتبة المركزية بإحدى مدن السويد ,تثير إنتباهك ملامح المنكبين على المطالعة , وجوه من كل الالوان ,وألسنة من كل اللغات ,أطفال , كبار , نساء ,الكل يقرأ بشغف ما يستهويه ,أناس شرقيون ,عرب مسلمون وأفارقة قادمون من بلدان الشمس الحارقة يغرقون في بحار المعرفة وينهلون من دفق الحرية ,الآن باتوا يشعرون بالأمان ويتنفسون هواء نقيا طالما حلموا باستنشاقه في أتون عذاباتهم الطويلة (هنا في بلاد اللادين ,أو بلد الملحدين كما يسميه الكثير من الشرقيين ,لا فرق بين دين وآخر ,مذهب وآخر ,عرق وآخر ,الكل تحت مظلة القانون والكل يجب أن يتمتعوا بحرية اختيار نمط حياتهم وطريقة عيشهم وتفكيرهم) بهذه الكلمات تجيب إمرأة سويدية مسنة شابة شرقية مسيحية تتساءل عن دينها ومدى التزامها به , في بلد كالسويد وبعد أخذ الدروس والعبر من الحروب العالمية والأهلية والمذهبية في أنحاء الأرض ,استخلص الجميع أن الدين مكانه البيت والقلب ,وإن الشارع والأماكن العامة هي مشتركات يجب أن تبقى حيادية لا دينية وإن الشعارات الدينية تزرع التمييز والكراهية بين أبناء الشعب ,أما نحن الشرقييون فلا مكان للآخر عندنا ,لا مكان للقبول بآخر مختلف عنا دينيا وفكريا , في داخلنا تنمو دائما بذرة الأنا ,وتكبر في نفوسنا فلسفة القداسة والقدر الذي أوجدنا لنكون خلفاء الله على الأرض ,وقادة نشر التعاليم الدينية المقدسة والعقيدة السليمة في العالم أجمع حتى وإن كان ذلك على حساب أرواح ودماء البشر الآخرين والسؤال الملح الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا ونجد إجابة واضحة له هو : ما الذي جلبه لنا التشدد في الدين والغلو في العقيدة غير الدمار والفساد والجهل وكراهية العالم لنا ,بكل بساطة أمسينا شعوبا متخلفة تحن الى زمان السيوف والرايات السوداء والغزوات المباركة من أجل إرضاء الإله ,شعوب تعيش بعبودية تحت راية أنظمة متعفنة متخلفة تتستر بعباءة الدين وتكدس الأموال بيد فئة صغيرة من الناس يتحكم في عقولهم مجموعة من الدعاة المتشددين وشيوخ الفتاوى الذين يبيحون تجميع الأموال لصالح التيارات الجهادية عبر حملات جمع التبرعات على مواقع التواصل الإجتماعي الداعمة والداعية الى التطبيق الشديد للشريعة , أولم تصدر فتوى حز الرؤوس من فقهاء تلك الديار إبان غزو العراق لإدخال الرهبة فى قلوب الأعداء ,واليوم يقوم المتشددون بقطع الرؤوس لأجل مرضاة الله بحسب إعتقادهم ,كما كان يفعل عبدة الشيطان في طقوسهم , الذين امتهنوا التضحية بالأطفال وشرب الدماء البشرية لإستمرار حياتهم , يا ترى هل يشرب الداعشيون دماء ضحاياهم تلبية لنداء الرب .
إن الأخلاق التي هي غاية الديانات جميعاً, لا نجد لها أثراً في أجندة هؤلاء المتدينين الغلاة , لا نجد سوى نكاح الصغيرات ,ونكاح الجهاد , وسبي النساء وتطبيق مبدأ ملكات الإيمان وفرض الدروع تحت الثياب على النساء ومنعهن من قيادة السيارات خوفا عليهن من التلطيش والتحرش , أليس الأولى أن يتم تربية الشباب بدل منع النساء من القيادة, هل إرتكب اللادينيون مجازر وفظائع كما إرتكب الناطقون باسم الدين, فصدام حسين الذي خط بقطرات دمائه آيات القرآن قتل في ثوان أكثر من خمسة آلاف إنسان مسلم في حلبجة ,وكذلك فعل ومايزال النظام السوري بحق شعبه , تؤازره في مهمته داعش التي تكفر كل الناس وكل المذاهب وكل الملل , وقبلهم فعل الحجاج , وأغتيل ثلاثة من الخلفاء الراشدين على يد مسلمين وهدمت الكعبة بيد مسلم وقطع رأس الحسين بيد مسلم كذلك وكل ذلك بدعوى محاربة الكفار والسعي لإعلاء كلمة الله , هل سألنا أنفسنا ذات مرة لماذا كل الذين شاركوا في أحداث سبتمبر هم من العرب ومن الميسورين تحديداً, وكذلك الذين يقودون التنظيمات المتطرفة في العراق وأفغانستان وحتى الشيشان (خطاب) هم من العرب المتشددين والمغالين في الدين , أتكمن المشكلة في العقل العربي أم في النظرة المتشددة للدين , أم في إلتقاء الإثنين معاً.
رب قائل إن المشكلة لا تكمن في الدين وإنما في من ينطقون باسمه ويفتون باسمه فالدين جيد ومرجع للأخلاق والقيم النبيلة , والحقيقة إن كل الديانات والفلسفات والنظريات جيدة بجانبها النظري لكن العلة تكمن في التطبيق العملي لها وهنا بالذات يتبين الناجح من الفاشل والصالح من عديم الجدوى , فما الخير في نظرية لا نجد لها تطبيقاً عملياً,فأين هي الدولة الدينية التي أثبتت نجاحها ورضا شعبها عنها وحققت لهم الرفاهية والحياة الكريمة,في إيران التي تسمى بالجمهورية الإسلامية ووفق تقرير أعد للبرلمان يظهر إن ثمانين بالمئة من الإيرانيات غير المتزوجات لديهن علاقات مع الشباب ومنها الحميمية كما إن 17% من هذه العلاقات هي مثلية ,إيران التي تتبنى الشريعة الإسلامية جعلت شعبها يعاني مرارة الحصار الدولي لأكثر من ثلاثين عاماً وقمعت الأصوات المطالبة بالتغيير كالحركة الخضراء مؤخراً وهي تعيش في إنعزال تام عن العالم منتظرة قدوم الإمام الغائب ليخلص العالم من الظلم وينشر العدل !.
ألم يحن الوقت لوضع الدين في مكانه الصحيح في القلوب وبين جدران البيوت بإعتباره شأناً شخصياً وحرية ذاتية ,ألم يحن الأوان لفصل الدين عن السياسة التي تفسد الأمة وإقتصار خطب المساجد على التوعية الأخلاقية ,في كردستان نفسها التي تحارب الإرهاب اليوم وتحاول بكل ما أوتيت من قوة صد هجماتهم ضد الأقليات المسيحية والإيزيدية, كان عدد غير قليل من الشباب الكردي في مدن رئيسية من كردستان يتبنى الفكر الديني ويعده مسلكاً للحياة وكانت الإذاعات الدينية وخطب الجمعة من أكثر ما يجذب هؤلاء الشباب حتى إن بعضهم كانوا ينظرون الى أتباع الديانات اللاسماوية كمشركين , ومن الواضح إن هذا التصور قد تبلور نتيجة التربية الدينية المتشددة والتي ربما خدمت أهدافاً سياسية وحزبية .
أليس من الأسلم لنا كشعوب شرق أوسطية وإسلامية أن نعبد إلهنا في قلوبنا وبين جدران بيوتنا ونمتنع عن إطلاق صفات الإيمان والكفر على الأخرين ,لنجعل من مدارسنا وجامعاتنا ومساجدنا منابر لتلقي العلوم والقضاء على الأمية وإنتاج البحوث العلمية , لنتنازل قليلاً عن قدسية النصوص وقدرية التعاليم ولنتبع اليسر والوسطية مثلما فعل قبلنا العالم المسيحي و حموا شعوبهم من خطر وكوارث الإقتتالات الأهلية والطائفية والمذهبية ,دعونا نعلم الأخلاق في مدارسنا والصدق في مساجدنا والحب في بيوتنا ولنسمح لكل الناس أن تعبد ما تشاء وتمارس طقوسها وعقائدها بحرية بعيدة عن التكفير والتهجير والسبي والجزيات , لنعلم الأجيال الشابة آية واحدة من القرآن تكفي لبث التسامح والمودة بين الناس وهي (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )وحديثاً يزرع الأخلاق الحميدة ويبين الغاية من الدين (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ), تصوروا إن المتشددون يكفرون من يحلف بغير الله ومن ينذر لغائب ومن يتمسح بقبر ومن يذبح لغير الله ويطبقون عليه مبدأ الشرك والقتل , إنهم يضعون أنفسهم مكان الخالق فيبيحون ويحرمون ويسلمون ويكفرون وكل ذلك بحد السيف , من وكلهم الحديث باسم الله ومحاسبة العباد , فلندع الناس تمارس دينها بعيداً عن أصحاب اللحى والمفتين والفقهاء والمتفلسفين .
اليقين في هذا الحياة إن الإنسان هو الأساس المقدس , هو الذي يبني هذه الأرض وهو الذي يهدها , والوعي هو الذي يفرق بين الإنسان السوي والمجنون , والوعي لا يكتمل إلا بالحرية بمختلف أشكالها , لذا لا بد من إنهاء زمن الفتاوى في الشرق والبدء بتطبيق قوانين العدالة والحرية العقدية والتعددية الفكرية وترك المحاسبة والجزاء لله ولله وحده فهو الأعلم بكل القلوب .

(146)    هل أعجبتك المقالة (148)

ماجد

2015-01-10

لقد حان الوقت لتطهير بلاد المسلمين من أمثالك ياكافر الخلافة الإسلامية عادت يا كلاب الغرب فتحسسوا رقابكم.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي