أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أبي مات قهرا .... خليل صارم

أبي مات قهرا ً وأنا لن أجعلها تتكررولو كلفني ذلك كل شيء وانتهاء بالحياة .
مات قهرا ً وهو يشاهد الفاسدين والساقطين والجبناء يتحكمون بكل شيء وينافقون مخالفين القواعد والشرائع والمنطق ليصبح الجبان بطلا ً والفاسد شريفا ًُ والساقط سيدا ً .
كان يقول لي .. وقف جدك يحارب ( العصمللي ) ويتمرد على قوانينه وعلى كلابه من الباشوات والأغوات والأفندية الذين يتمادون في الظلم الى الحد الذي يفقد فيه العاقل عقله . طاردوه وحكموا عليه بالاعدام .. لم يتمكنوا من القبض عليه . وعندما خرج هؤلاء ..دخل المستعمر الأسوأ ( الفرنسي ) مجددا ً حروبه القديمة . ومستعينا ً بنفس خدم المستعمر السابق . وقف بوجهه ..حاربه .. خاض معارك شرسة .. وأخيرا ً وأمام القوة الكبيرة وفقدان السلاح .. توقفت الثورة .. لكنه توقف مؤقت .. لم يشهد استئنافها لأنه مات قهرا ً وهو يرى نفس المجموعات تحكم البلد .
وعندما كبرت .. خدمة في نفس الجيش الذي احتلنا .. ذلك أنه لم يكن هناك مجالا ً للاستمرار في الحياة غير ذلك كبقية أبناء الفقراء .. ولما أراد أن يضعنا بمواجهة شعبنا .. قتلنا قائدنا الفرنسي .. وتوارينا عن الانظار .. حكموني بالاعدام .. ولم يتمكنوا من القبض علي .. أرسلوا من يفاوضني عندما كنت أقود تمردا ً ضدهم .. قالوا لي بمجرد أن تضع قدمك على سلم الطائرة المغادرة الى فرنسا .. تصبح ضابطا ً برتبة كبيرة .. أرسلت مع رسولهم الجبان .. الذي يتكلم نفس لغتي كلمتان ( الله – سوريا ) .
في عز الصدامات .. دخلت مع المجموعة المتمردة التي أقودها مدينة اللاذقية ورفعت العلم السوري وسط ساحة الشيخ ضاهر .
وعندما بدأوا يتهيأون للرحيل قاموا بجرد الثكنات لتسليمنا اياها بعد أن صرنا نواة الجيش السوري الجديد .. ومن تسلمناهم مع المعدات والبغال . هؤلاء الذين خدموا المستعمر حتى اللحظات الأخيرة . فوجئنا بأنهم تسلموا مناصبا ً رفيعة .. وصاروا حكاما ً لنا .. كيف .. لاأدري . وكأني بالحكومة الجديدة تحمل لائحة من الوصايا الاستعمارية وتعمل على تنفيذها . وعاد الباشاوات والبكوات والأفندية الى الواجهة .
في حرب فلسطين .. وكنا مانزال بعد جيشا ً صغيرا ً .. ذهبت الى هناك .. كنت على رأس من قام باحتلال مستعمرات ( كعوش وسمخ ونجمة الصبح ومشمار هايردن ..) ..و..و.. وتطهيرها ورفع العلم السوري عليها .. يومها حضر قائد الجيش بنفسه وقلدني الوسام . ثم عاد ولم يكد يصل الى العاصمة حتى وصلتنا الأوامر بالانسحاب .. ثرت .. صرخت .. شتمت .. ولكن لافائدة .. وعندما أقرت الهدنة وعدنا .. فوجئت بأن الجبناء الذين فروا من المعركة وكانوا مطلوبين بسبب فرارهم .. فوجئنا بهم يتقلدون المناصب الرفيعة ويتحكمون بالبلد .
هكذا كانت الأمور تتوالى .. كان يقول وهو يتميز غيظا ً .. المشكلة أننا لانحسن القول للكلب ياسيدي .. اعتدنا أن نقول للأعور أعور .. هؤلاء كنا ومانزال نقرف من مجرد تحيتهم .. نأنف مشاهدتهم وهم يريدون اذلالنا والدفع بنا لكي نتوسلهم ..ولكن خسئوا ولم يسمعوها منا على الاطلاق .
كان يزفر الزفرة ملتهبة ..عاصفة .. أشعر بها وكأنها قد تقتلع كل شيء تصادفه .. ويتابع الآن أرى أن الأمور تتكرر .. دائما ً ..هم المنافقون .. المخادعون .. الجبناء الفاسدين .. اللصوص .. القوادون هم من يتصدر الواجهة ويتقلدون المناصب .. يتحكمون بكل شيء .. هؤلاء كلمتهم مسموعة دائما ً .. هناك سر في الأمر غير كل مايقال .. هذا السر هو غير تحليلاتنا وتوقعاتنا .. هناك قوة ما ..؟ من هناك .. من خارج الحدود تقف خلفهم .. تلمعهم .. تعبث بنا .. فتشتت تفكيرنا وتتداخل الأمور ببعضها .. تضيع الأهداف وتصبح غائمة . تلك القوة حليفة لكل فاسد ..لكل سيء حتى وان لم يكن هناك حلفا ً معلنا بينهم .. يريدون منا أن نيأس من أية بادرة اصلاح .. يريدون منا أن ننقلب على ذواتنا .. على الوطن .. والمصيبة أن كلمة هؤلاء مسموعة .. هم يلبسون شتى الألوان ليشدوا الانتباه اليهم .. أما الشرفاء .. لون واحد لايتبدل .. لاينافق .. الشرفاء وجه واحد وسحنة واحدة لايقبلون بالأقنعة . ولكن الى متى .. ؟.. الى متى .؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ .
عندما اتابع مايحصل في لبنان .. أتذكر كل كلمة قالها .. فالصورة بدأت تتضح أكثر .. ومايحدث في لبنان ينسحب على المنطقة بكاملها .. في لبنان سقطت الأقنعة .. والدرس للجميع . ولن نسكت اطلاقا ً على ممارسات الفاسدين السفلة .. سنقول كل شيء .. حتى يتحرك الشرفاء كلهم .. حتى تذهب أية غباشة عن عيون من يتصدى لقيادة البلد في هذه الظروف الصعبة ويحسم أمره نهائيا ً بمواجهة هؤلاء . لن نسكت .. لأن السكوت بات تواطؤا ً ومشاركة في جريمة مستمرة لم تتوقف لحظة واحدة . هو عهد يتوجب على كل سوري يتباهى بسوريته أن يقطعه على نفسه حتى لايبقى هناك أي احساس بالظلم في نفس أصغر طفل وأكبر المدافعين عن سوريا سنا ً . لأنها المعركة الأخطر والأهم .

(183)    هل أعجبتك المقالة (186)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي