أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

العدو الأقرب والصديق الأبعد

نعيدها ثانية تلك المقولة التي تختصر آلام السوريين "الدين لداعش والوطن للأسد"، فمنذ البدايات اتخذ نظام الأسد من الشعب عدوا مبينا مع أول صيحة حرية، رغم أن "الحرية" واسطة عقد أهداف حزب مازال يحكم البلاد منذ ما يربو عن نصف قرن!

إلا أن ذلك لم يمنع تقييم النظام للشعب بأنه مرتبط بالعدو البعيد بندر وحمد والحريري وشلة المؤامرة الكونية العميلة المتعاملة مع العدو الأبعد أمريكا وإسرائيل!

لم يلتفت النظام لنصيحة الصديق الأقرب، والتي كانت مقابل أسد وليس جملا، عندما كتب صاحب "السفير" بقلم يحترق على ما يجري وسيجري في قلب العروبة النابض، أنِ اعترف بالأزمة وحاصرها ولا تكابر، قبل أن تمتد وتحاصرك، ولكن الغلبة كانت لملوك الغابة من أصحاب الفكر الاستراتيجي الذين اكتشفوا مؤامرة الكون على كرسي سيادته قبل أن يلامسه هدير المتظاهرين.

واقتضت أولى خطوات المواجهة ضرب عنق ورأس المؤامرة التي تقع برقبة متظاهر سلمي، أثبتت صلابة عصية على ليّها برصاصة مسبقة الدفع من جيوب أهليه، لتنطلق دبابات الصمود والتصدي نافضة عن جنازيرها صدأ 40 عاما "نزداد خرابا"، ترافقها مدفعية وصواريخ المقاومة وطائرات وبراميل الممانعة!
وجاء الدعم من الصديق القريب إيران ورجالاتها في العراق ولبنان، كما كان للصديق البعيد روسيا الدور الأهم في مواجهة العدو الأقرب من الشعب وقتل واعتقال نحو نصف مليون وتشريد أضعاف أضعافهم خارج وداخل البلاد.

نعيدها ثالثة تلك المقولة التي تختصر آلام السوريين "الدين لداعش والوطن للأسد"، فقد احتار فقهاء الجهاد وحيروا العباد بين العدو القريب والعدو البعيد، فكانت غزوة "مانهاتن" منعطفا تاريخيا لدى القاعدة نحو "العدو البعيد" أمريكا، وذلك عقب اختراق برجي التجارة العالميين بطائرات ركاب مدنية، علما أنها كانت الصديق الأقرب ضد الروس في بلاد الأفغان، بينما بقيت إسرائيل عدواً أبعد من أن يطال حتى كتابة هذه السطور!
ثم عادت نغمة العدو القريب في إشارة إلى الأنظمة العربية المدعومة غربيا التي تقف عائقا أمام خلافة أمير المؤمنين، فكان "الربيع السوري" جواً مناسبا لتفريخ أمراء لـ"مؤمنين" يُكرمون اللحى ويبخلون على ضحيتهم حتى بدفنه، ويُكرهون "أهل الذمة" على الرحيل تحت تهديد السيف أو الدخول في الإسلام أو دفع الجزية بالدولار وليس بالدرهم والدينار!

تذكرت من حقائق التاريخ أن أكثر من نصف المسلمين الحاليين أسلم أجدادهم بأخلاق التجار المسلمين ومعاملتهم، لاسيما في اندونيسيا وماليزيا والصين والهند، وإذا دققنا بمدى التزام هؤلاء وتطبيقهم لمبادئ الدين الحنيف لاكتشفنا أنهم في هذا يبزّون المسلمين من سكان بلاد مهد الأديان ومواطئ الرسل والرسائل الذين أسلم معظمهم بحد السيف!

هامش: تنصحني أمي، ونصيحتها مقابل روح، بأن أبتعد بما أكتب عن نظام الأسد وتنظيم "داعش"، وتنعتني، إن فعلت، بأني عدو لنفسي، بدوري أنا أوافقها الرأي، فنفسي من أشرس أعدائي، والكثير منا عدوه قريب جدا منه لا يفصل بينهما سوى زجاج المرآة!

(135)    هل أعجبتك المقالة (139)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي