تركيا والسوريون..حك لي لأحك لك... عدنان عبدالرزاق

من المراهقة السياسية ربما، أن ننظر لحكومة العدالة والتنمية، فقط من منظور، أنها مؤيدة لثورة السوريين وأنها لن تتخلى عن اللاجئيين مهما وصلت أعباؤهم على الاقتصاد والحياة الاجتماعية التركية..أو هددت فوز الحزب بانتخابات البرلمان والرئاسة.
ومن الحلم السياسي المراهنة على بقاء رجب طيب أردوغان يتعاطف مع الثورة ويضغط لأن يبقى وجمهوره الأنصار، ويدفع الثمن ليبقى السوريون مهاجرين وضيوفاً. لأن المنطق يقول، بتقديم ما علينا كسوريين، تجاه هذا الجار الأكثر من شقيق، لنضمن بقاء أهلينا على الأرض التركية حتى يقضي الله أمرا كان مفعولاً.
نكأت الأحداث الأخيرة في مرعش كهرمان وغازي عنتاب، بعضاً من جراح الماضي وأججت بعضاً من أحقاد الحاضر، ووضعت الحكومة التركية أمام اختبار، تجاوزته بكل أخوية وحب للسوريين، بيد أن الاختبارات المقبلة، إن استمر تأجيج الخلاف بين أتراك بعض المناطق الحدودية والسوريين الضيوف فيها، فلربما يكون الاختبار، أصعب من التوقع، على حكومة أردوغان وعلى السوريين أنفسهم، وخاصة إن سالت الدماء واستمر فتح الثغرات لتسلل أتباع النظام السوري، من الجانب التركي وعبر الضيوف السوريين.
بداية القول: استمرت تركيا خلال ثلاث سنوات من عمر ظلم وتهجير السوريين، كمعطي عام، فاحتضنت المعارضة على اختلافها وتشرذمها، وآوت السوريين رغم تباين مشاربهم واحتياجاتهم، دونما أن يقدم ساسة المعارضة السورية ما يذكر، لضمان استمرار الأتراك في الاحتضان، فيما لو حدث طارئ من نوع غير المتوقع، كانقلاب على الحزب الحاكم أو انفجار في الشارع التركي..وعلى الأخص، إن كان للسوريين سببا بالانفجار.
ففي خضم التأزم الأسبوع الفائت على الحدود، استمر مسلحو المعارضة باستعراضاتهم المسلحة على الحدود والائتلاف بانشغاله بحرب الكراسي والرئاسة، في حين تركيا رمت بمزيد من التسهيلات على صعيد الإقامة والتعليم ودخول أراضيها، بل ودعت أمنيات غازي عنتاب ممثلية الإئتلاف لتطمئن وتصدر قرارات تصب جميعها في صالح اللاجئين الضيوف.
قصارى القول: ثمة عزاءان للنفس بديا عبر السوريين، ولكن من خارج المؤسسات السياسية، الأول شعبي إعلامي وصل في رقيه لبلسمة الجراح ورأب الصدع، وظهرت مبادرات من قبيل شكرا تركيا، تعيد الاعتبار للسوريين، بعد حملات التشويه المنظمة التي قادها أنصار الأحزاب المعارضة برعاية النظام السوري وحلفائه الأتراك.
والأمر الآخر ما نشره اتحاد الغرف والبورصات التركية عن زيادة الشركات السورية، أو المساهمة مع رأسمال تركي، إلى 585 شركة خلال النصف الأول من العام الجاري، وهو ما يعزز صورة السوري الصحيحة، لجهة الجدية والمساهمة في بناء الاقتصاد التركي، وبالتالي ضمان بقاء السوريين، بغير صفات اللاجئين والمتسولين.
نهاية القول: قد لا يسقط الأسد غدا أو بعد غد، في واقع المباركة الدولية والعربية لكل جرائمه، وقد لا يكون للشركات التركية من نصيب في الاستثمار وإعادة إعمار سوريا، وقد لا تقسم سوريا وتتعهد تركيا بإقليم شمالها...وقد وقد الكثير.
ما يعني ضرورة التفكير بمصالح الجار التركي، الذي قدم للسوريين مالم يقدمه أي صديق وشقيق، فالمقامرة على كارزمية أردوغان ووتوجهه الإنساني والإسلامي إلى ما لانهاية، قد يكون من الحماقة ما يصعب تحمل تبعاتها، فأكثر من مليون سوري في تركيا أمانة ليس في أعناق الأتراك فحسب، بل ثمة مسؤولية على من صار نجماً وسياسياً يتقاضى الدولارات وحجز مكانه من اللجوء في بلاد الأحلام الأوروبية...وبقي بتركيا لينهي مشروعه النضالي ليس إلا.
عدنان عبد الرزاق
من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية