أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ظلال الفكر الأسدي مازال قائماً بعد أربع سنوات من الثورة السوريّة.. جوان سوز

في الكثير من الأحيان نجد أن المثقف السوري أو حتى (العامل العادي) قاب قوسين أو أدنى، يخشى سيناريو التقسيم السوري إلا أن هذا التفكير أو الموقف باتَ واضحاً إزاء الكورد السوريين أو الطائفة العلويّة التي يتهمها الكثير من هؤلاء أنهم ـ شركاء للنظام ـ دون مراعاة تاريخ العلويين والشخصيات العلويّة التي كانت معارضة للنظام السوري قبل أن يكونوا هؤلاء أنفسهم من المعارضين أو الأصح حين كانوا هؤلاء من (مسّاحي الجوخ) للأمن السوري دون أن يلتفتوا لشخصياتهم وتاريخهم ـ الأبيض بكل الأحوال وفقاً لرأيهم ـ.

فالكورد في سوريا وخلال مرحلتين من الحكم في عهد الديكتاتورين (الأسد الأب والابن) كانوا من أشد المضطهدين، فكانوا محرومين من حق اللغة كتعليم اللغة الكردية في المدارس السورية وكذلك الاحتفال بعيدهم القومي " النوروز " الذي كان يدفعون في ليلته أو الاحتفال به العشرات من الشهداءً والمعتقلين ابتداءً من نوروز عام 1986 في العاصمة دمشق وهو أول نوروز علني قبل أن يصدر الأسد الأب المرسوم رقم 104 لعام 1988 والذي يقضي باعتبار 21 آذار من كل عام عيداً رسمياً للأم في البلاد، تعطل فيه الجهات العامة في الدولة دون الإشارة للنوروز، وتعمّد بذلك تجاهل الوجود الكردي في البلاد، واقنع بعض السوريين أن الكورد يحتفلون بعيد الأم في حين لم تكن هناك أي علاقة لأمهاتكم أو أمهاتنا بهذا العيد وهو عيد قومي يحتقل به الكورد منذ 612 قبل الميلاد.

وبقي هذا السيناريو متواصلاً على مدار عقود، ولم يتغير فيه الكثير بعد وراثة الأسد الابن للحكم، ففي عشية نوروز 2008 قتل ثلاثة شبان كورد في القامشلي، وكذلك الأمر في نوروز الرقة 2009 حيث قتل العشرات من الكورد بعد أن أطلق الأمن السوري النار على المحتفلين، وقضى أيضا العشرات تحت التعذيب في الفروع الأمنية في نفس الحادثة. وكذلك الأمر في نوروز 2010 اعتُقلَ الآلاف من الكورد في حيي الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب بعد شجار بين المحتفلين ورجال الأمن السوري.

وقبل كل هذه الأمور جردت الحكومة السورية أكثر من 150 ألف كردي سوري من الجنسية السورية في ما أطلق عليها "خطة الحزام العربي"، وهو المشروع الذي أقرته الحكومة في العام 1962 الهادف إلى تفريغ منطقة الجزيرة (الحسكة) من الكورد وتوطين أسر عربية بدلاً منها، وامتد هذا الحزام بطول 300 كم وعرض 15 كم من الحدود العراقية شرقاً وصولاً لمدينة كري سبي المعروفة بتل أبيض غرباً في الريف الغربي الشمالي من مدينة الرقة بعد أن عرّب أسماء القرى والمدن الكوردية ومنع الحديث بغير العربية في دوائر الدولة وحتى استخدام الأسماء الكردية في السجلات المدنية لفترة طويلة.

وأدت هذه الخطة تلقائياً على عزم المئات من الكورد إلى الهجرة، حيث لم يتمكنوا من الدراسة في الجامعات السورية بعد أن سلبت الدولة منهم كامل الحقوق المدنية وفي حالات كثيرة كانوا يخدمون في ـ الجيش العربي الأسدي (السوري) في حين لم يكن يحق لهم العمل بشهاداتهم بعد التخرج من الجامعات السورية ممن يملكون الجنسية منهم، ولم تكن تمنحهم الدولة التوظيف إلا في حالات نادرة جداً وفقاً لشروط معينة،  مثلاُ أن ينتسب الكردي لحزب البعث العربي الاشتراكي !!!.

وكذلك قضى الكثير من السياسيين والكتّاب الكورد عشرات السنوات في أقبية الفروع الأمنية ولاسيما أن الأحزاب الكردية كانت هي أيضاً محظورة في سوريا منذ تأسيس أول حزب كردي سوري في عام 1957 وإلى الآن.

كل هذه الأسباب كانت كافية أن يقوم الكورد بانتفاضة 12 آذار قامشلو 2004 والتي راح ضحيتها المئات من الشهداء والآلاف من المعتقلين بعد أن قمعها النظام السوري آنذاك وقبل أن يقتل الشيخ العلّامة محمد معشوق الخزنوي والذي كان رمزاً وطنياً كردياً وسورياً، يتمتع بحاضنة شعبيّة في الشمال السوري من مدينة قامشلو وحتى إدلب.

كل ما سبق في الأعلى ليس مهماً والأهم أن كل هذا الاضطهاد ساعد الكورد على المشاركة في الثورة السورية في 15 آذار 2011 وخرجوا في تظاهرات علنية نصرة لدرعا قبل أن تثور حلب وإدلب وغيرها من المدن السورية والشهيد مشعل تمو الذي قُتِل من أجل وطنيته خير دليل على ذلك.

وبناءً على كل هذه المستندات ألا يحق للكردي السوري أو غيره من القوميات الأخرى أن يتحدث بلغته وأن يحتفل بعيده القومي وينال كامل حقوقه المدنية في سوريا المستقبل بعد عمرٍ طويل !!؟؟ وهذا السؤال موجه لجملة من الشخصيات السنّية المثقفة التي كانت ومازالت المستفيد الأول من النظام السوري (والتي تخشى مطالبة الكورد بالانفصال أو التقسيم) بعد اتفاق الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية مع المجلس الوطني الكردي أن سوريا هي الجمهورية السورية وليست ـ الجمهورية العربية السورية ـ.

أن الكثير من هذه الشخصيات السنية والمثقفة طبعاً، اعتبرت أن هذا القرار جاء كنوع من الاستغلال للوضع السوري الراهن ولم تلتفت لمعاناتهم طول عقود من الاستبداد مستندة بذلك على التعداد الرقمي (لا يمكن للأكثرية العربية أن تعيش تحت اسم (سوريا) وبأن الحكم يجب أن يكون لهم) !!! .

فلنتحدث إذاً على مبدأ كيلو مخلل وكيلو بندورة، أي الأكثرية والأقلية التي صدرت عن الشخصيات السنيّة التي قالت أن الكورد هم بضعة آلاف يعيشون في قرى الشمال السوري وأن الحكومة السورية رحبت بهم بعد فرارهم من جنوب تركيا وشمال العراق وهون حطنا الجمّال، أليس الأنسب أن يدعوكم الكورد إلى رعيّ الغنم والأبقار في شبه الجزيرة العربيّة، ألم تأتون من هناك !!؟؟؟.

فلنفرض جدلاً مرة أخرى أن هذا الحل غير مناسب، وأذكركم باتفاقية "سايكس بيكو" التي ألحقت جزءً كردياً إلى سوريا دون إرادة الكورد نتيجة سياسات إقليمية آنذاك، وبكل تأكيد دافع الكورد حينها عن سوريا في سبيل استقلالها عن الفرنسيين، في حين عملت الحكومة السورية بعد ذلك على اضطهادهم ومن هذه النقطة أليس الأجدر أن يتعلم الكورد من أخطائهم كما حصل سابقاً !!!؟؟؟
ألا يحق للكوردي أن يقول عن نفسه كرديٌ سوري، كما يقول الطرف الآخر عن نفسه عربي سوري (وهو يتمتع بحقوقه منذ استقلال سوريا عن الفرنسيين ولم يذق كل هذه الويلات) أم أن الفكر الأسدي مازال قائماً بعد أربعة سنوات من الثورة السوريّة !!؟.

جوان سوز - كاتب وصحفي سوري
(138)    هل أعجبتك المقالة (321)

هيتو

2014-07-21

لا أعلق إلا على نقطة واحدة فقط: هل من جاء متسللا إلى سوريا وأخذ هويته احتيالا أو آوته سوريا رعاية لحاله مثل من استوطن سوريا منذ مئات بل آلاف السنين!؟ثم أليس لسوريا أهل الأصلاء أم أنهم كلهم قدموا من الجزيرة العربية؟ ومن كان أهلها قبلهم وأين هم؟! المشكلة مع الكرد ليست في حقهم في تعلم لغتهم أو في الاحتفال بالنوروز الذي هو عيد جاهلي لا يجوز للمسلم الاحتفال به! بل في أنهم يخططون لاقتطاع دولة لهم من عدة دول ومنها سوريا ويسيرون في هذا الاتجاه خطوة خطوة ! الظلم الذي وقع عليهم وقع مثله بل ضعفه على أهل حماة وسائر سوريا فلا معنى لتخصيصه بهم والايهام أن باقي سوريا غيرهم كان ينعم بالعدل ! لو أراد الكرد الاندماج بإخوتهم السوريين لوجدوا المجال واسعا ولم يتعصب عليهم أحد بل نحن وهم متزاوجون منذ القدم وكل المناصب المتاحة لنا متاحة لهم حتى أن نسبة كبيرة من رؤساء الجمهورية والشخصيات العامة المحبوبة كانوا كردا..


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي