أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الجولاني على خطى البغدادي .. "دعشنة" النصرة... غسان ياسين*

غسان ياسين

كانت مشكلة كل الفصائل التي تقاتل نظام الأسد في سوريا مع تنظيم ما يسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام هي عدم تعاونه في أي مجال وتصرفه كدولة، ويريد من الجميع أن يكونوا أتباعا له، وبعد عدة محاولات لإيجاد حل وسطي بين تنظيم داعش وبقية الفصائل، وبعد رفض التنظيم للاحتكام إلى هيئة شرعية وقضائية مستقلة كانت المواجهة الدامية والتي كانت خسائرها كبيرة وأدت إلى إضعاف المعارضة في مواجهة النظام، حيث بلغ عدد ضحايا داعش حوالي 4 آلاف مقاتل كلهم من خيرة الجنود، ومنهم قادة أذلوا النظام وأذاقوه خسائر كبيرة.

اليوم وبعد إعلان الجولاني زعيم جبهة النصرة عن إمارته في داخل الأراضي السورية تدخل الثورة السورية في مرحلة جديدة وخطرة، وأقصد هنا الحراك المسلح تحديداً، فجبهة النصرة كانت منذ إعلانها بنظر الكثير من السوريين حتى من أصحاب التوجه المدني فصيلا شجاعا يقاتل نظام الأسد وكان مقاتلوه منتشرين على أغلب الجبهات، ويحسب لعناصره ولقياداته أنهم أحسنوا التعامل مع المدنيين في المناطق التي يسيطرون عليها، إذ لم يسبق أن تدخلوا في ممارسات الناس اليومية أو محاولة تغيير نمط حياتهم الاجتماعي كما فعل تنظيم داعش، وعلاقة النصرة مع بقية الفصائل المسلحة كانت أكثر من جيدة، حيث إنهم موجودون في معظم غرف العمليات المشتركة سواء مع الجبهة الإسلامية أو غيرها من الفصائل، وأيضاً يغلب العنصر السوري على معظم قيادات وعناصر النصرة، كل هذه الأسباب مجتمعة جعلت غالبية المجتمع السوري تنظر بنظرة إيجابية للنصرة على عكس العدائية الكبيرة التي أبداها المجتمع السوري بإسلامييه قبل بقية الأطياف ضد داعش.

بعد إعلان إمارة الجولاني بدأت بوادر مواجهة محتملة بين النصرة وبقية الفصائل، حيث إن النصرة تسير على خطى داعش في علاقتها ببقية الفصائل المسلحة.

قبل عدة أيام حصلت مواجهة كبيرة بين النصرة وبين جبهة ثوار سوريا وقامت النصرة بقتل عدة عناصر واعتقال عدد كبير، وأيضاً تمت مصادرة كل الأسلحة الموجودة، وفي ريف حلب الشمالي بدأت النصرة وتحت شعار "مكافحة اللصوص" ممن ينتمون للفصائل المسلحة، بفرض سيطرتها على عدة مناطق هناك، وقبل عدة أيام انسحبت النصرة من الهيئة الشرعية في حلب بحجة تعامل الهيئة مع مجلس المحافظة العلماني !

الحملة على اللصوص مطلوبة وبشدة خصوصا بعد تحول عدة كتائب الى قطاع طرق وتدخلهم في أرزاق الناس وشؤونهم اليومية، لكن استخدام هذا الشعار لفرض وجهة نظر فصيل واحد بالقوة أمر كارثي وينذر بحدوث مواجهة لا نتمناها بين النصرة وبقية فصائل الجبهة الإسلامية، خصوصاً بعد استخدام لغة التكفير بحق كل من يقف في وجه النصرة مؤخراً وكل من يخالف رأيها (مقاتلو النصرة اثناء هجومهم على مقاتلي جبهة ثوار سوريا كانوا يصرخون جئناكم يامرتدين !)، مواجهة إذا حدثت فإن تداعياتها ستكون أكبر من المواجهة السابقة مع تنظيم الدولة الإسلامية لأسباب عدة، أهمها التداخل الكبير بين أماكن تمركز النصرة وبقية الفصائل، وأيضا غلبة العنصر السوري على مقاتلي النصرة مما قد يؤدي إلى انشقاقات كثيرة داخل الجبهة الإسلامية وربما تفككها بالكامل، من الجيد هنا أن نتذكر ما قاله الجولاني لتيسير علوني في لقاء على قناة الجزيرة، قال في حينها إنه لا حديث الآن عن إمارة ولا عن شكل الحكم القادم في سوريا إلا بعد تحقيق أمرين أولهما إسقاط النظام والثاني بعد مشاورة بقية الفصائل التي قاتلت النظام.

لا يجب أن نقع في ذات الخطأ لمرتين متتاليتين وخلال فترة زمنية قصيرة، ويجب إتخاذ قرار واضح وحاسم من الجميع لأجل وقف حمام دم قادم إذا لم يتم تدارك الأمر...

شعارات من قبيل إخوة المنهج والعقيدة لا تكفي لأنها جربت من قبل مع تنظيم الدولة، والمطلوب من كل الأطراف، وخصوصا ممن لهم تأثير قوي سواء من مشايخ أو ممولين يدعمون جبهة النصرة، التدخل لإجبارها على التراجع عن مشروعها القادم والتفرغ حالياً لمواجهة تقدم النظام وداعش معاً.
لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين.

*صحفي سوري - مشاركة لــ"زمان الوصل"
(127)    هل أعجبتك المقالة (126)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي