فماذا بقي للأسد من دمشق إذاً؟!

من باب أن لكلٍ من اسمه نصيبا ومن باب المعارضة أو التعريض، فإن للأسد من اسمه نصيبا كبيرا فهو أكثر القوم جبناً ومهانة.
لا أتكلم فقط، عن حق الرد الذي احتفظ به بشار الأسد إلى يوم القيامة، علماً أن الطائرات الصهيونية حلقت فوق قصره فغدت وراحت. ولا أتكلم حصراً عن اختبائه تحت الأرض، هو و"جنوده البواسل"، وإرسال الطائرات عِوضاً، لتقصف البيوت وتقتل العزل من الأطفال والنساء. فهو لم يرسل جيشه"أبو شحاطة" لمواجهة الثوار في أي معركة، وإنما هي براميل الموت وصواريخ سكود التي تقتل حيث سقطت.
صلى الأسد صلاة العيد الأول بعد الثورة في الرقة خوفاً من ثوار دمشق وريفها، أم الثاني فقد صلاه تحت حراسة شديدة، في أقرب مسجد إلى قصره، حيث فُرغت الشوارع من المارة، ومنعت السيارات من الحركة، وأغلقت نوافذ البيوت على أصحابها، وصلى الرجل على بعد أمتار من جُحره. ومع ذلك ولشدة الرعب الذي يتملكه فقد سلّم قبل الإمام، و"فــزّ" من مصلاه على الفور، ولم يترك زاوية إلا والتفت إليها، وكانت رقبته الطويلة تتحرك إلى كل الأرجاء تماماً كشخصيات الرسوم المتحركة.
في الأعياد الأخرى حدثنا أصحاب الحواسيب والمصورات عن "أسد" يصلى في حجرته، بالأحرى لا يصلي على الإطلاق، بينما "يُمنتج" عبيده في التلفزيون مصورات تظهره في المسجد.
اليوم أقسم "الرئيس" بمناسبة فرض نفسه على الشعب السوري ولايةً جديدةً مفعمة بالحقد الطائفي ومحاولةً في تمكين إيران وميلشيات حزب الله والصدر والحوثيين من عاصمة الأمويين وبلادهم. فأين أقسم "الرجل المنتصر"؟.
لم يكن لبشار الذي تحدث عن الانتصار على الإرهاب إلا أن يقسم ويخطب في قصر الشعب، فالرجل الذي "سحق الثورة ووحدّ سورية" لم يكن يملك الجرأة ليقسم يمينه في مجلس الشعب كما ينص على ذلك الدستور السوري الذي ألفه الأسد نفسه. ولنقرب الصورة للقارئ غير السوري، فإن مجلس الشعب هذا لا يبعد أكثر من خمس دقائق عن بيت الأسد، لكن "زعيم المقاومة" يعلم أنها خمس دقائق قد تكلفه حياته، فهو لا يتحكم بهذه الأمتار القليلة بين بيته والمجلس. ولهذا فقد جمّع أتباعه وعبيده في القصر، وفتشهم أدقّ التفتيش من الأحذية إلى الملابس الداخلية، ثم خطب بهم عن انتصاره على الثورة! ولم يكتف بذلك، بل فقد استنجد بعلي مملوك الذي حضر خطاب القسم في سابقة عالمية لم تحدث تاريخياً، وبدل أن يحضر أعضاء مجلس الشعب وحسب، استدعى الأسد بعض عبيده من الفنانين، والحاشية في إشارات تدل على اضطرابه وقلقه من كل مَن هم حوله.
لا أشك أن الأسد لا يسيطر على عشرة بالمائة من دمشق، ولا حتى على عشرة بالمائة من القصر نفسه، ولكن الإعلام الغربي المعادي للثورة السورية، يحاول على الدوام إيجاد التوازن بين الثوار وبين جيش الأسد، لإطالة عمر الصراع في سورية، إذ يخشى هذا الإعلام أن يخسر الغرب والكيان الصهيوني على وجه الخصوص عميلاً كبشار الأسد لا يرعوي عن خدمة العدو من خلال تقتيل الشعب السوري وتهجيره.
هل يستطيع "الرئيس المنتخب شعبياً" زيارة المدن السورية؟ بالطبع لا. كيف يستطيع وقد نقل عنه مراسل صحيفة كلارين الأرجنتينية العام الماضي أنه لا يتوقف عن التلفت مذعوراً، علماً أن المقابلة جرت داخل قصره وتحت حرابه.
لا يحكم الأسد جيشه وعبيده فضلاً عن أن يحكم سورية وشعبها، فهو لا يسيطر على بشر ولا حجر، حتى إن أتباعه أنفسهم يتلقون الأوامر مباشرة من إيران وروسيا، بل إن الأسد نفسه يتلقى التعليمات من هناك، ولئن اختبأ الأسد في القصور وحصنته الحصون إلى حين، فإن القتل سيدركه حتى لو اختفى مذعوراً في أنبوب الصرف الصحي ولعله قريباً يكون.
من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية