يسرد الكاتب السوري "قيس الدمشقي" في روايته (ياسمين في الحرب) قصة فتاة جامعية اختارت أن تواجه جبروت النظام وتنخرط في الحراك الشعبي منذ بدايات الثورة السورية لتكون نموذجاً مشرّفاً لعشرات الفتيات اللواتي ساهمن في هذه الثورة بوسائل مختلفة، وتستند الرواية إلى أحداث واقعية عايشها الكاتب في أتون هذه الثورة ونقل يومياتها بدقة وأمانة وموضوعية ليعيش القارىء من خلالها تفاصيل من قصص الحب والثورة والموت والاعتقال.
حول عوالم روايته "ياسمين في الحرب" وعلاقتها بالواقع يقول الكاتب قيس الدمشقي لـ"زمان الوصل" إن جميع القصص الموجود داخل الرواية هي قصص حقيقية، ولكن الشخصيات البطولية هي شخصيات من أفكاري، وبطلة الرواية فتاة اسمها ياسمين وهي الشخصية التي جمعت فيها أكثر من ناشطة قابلتهم في الثورة ومنهم ناشطات مشهورات ولكن تعمدت عدم ذكر الأسماء لكي لا يكون هناك تقديس لأشخاص محددين. وياسمين في الحقيقة شخصيتان في شخصية واحدة فهي من جهة تجسد العديد من الناشطات الحقيقيات، ومن جهة أخرى تمثل ياسمين مدينة دمشق تلك المدينة التي قدمت بصمت ما لا يعرفه الكثيرون.
ويوضح الكاتب الدمشقي كيفية مقاربته للتفاصيل التي تضمنتها روايته ونقلها في عمل أدبي بامتياز قائلاً:
كانت الثورة السورية هي مشروعنا الأول الذي سبق مشاريع كثيرة في حياتنا كشباب، ويمكن القول إن هذه التفاصيل كانت هي حياتنا التي لا نستطيع التخلي عنها، مثل أول مظاهرة خرجنا فيها والشعور الذي كنا نحس به يمكن أن نشبّه هذا الشعور بلحظة الحصول على شهادة البكالوريا بكل أحداثها الجميلة والسيئة.
وحول بداية تخطيطه لنقل مشاهداته على شكل رواية وكيف تطورت الفكرة يقول الكاتب الدمشقي:
لم أكن أخطط على المدى المنظور لكتابة رواية ولكن القصة بدأت بعد عطل تقني في المولدة عندي فتوقف عملي على اللابتوب لعدة أيام كنت خلالها ساهرا، وفي غاية الضيق من الوضع الحالي الذي وصلنا إليه. وخطرت بذهني قصة إحدى الفتيات في المعتقل، ورجعت ذاكرتي لبداية الثورة مروراً بمعركة دمشق الشهيرة بحي الميدان.
ويردف الكاتب الدمشقي قائلاً: يمكن القول إن تفاصيل الرواية مرّت أمامي كفيلم أمام عينيّ وقررت أن أكتبها على شكل رواية أخذت من وقتي حوالي ثلاثة أسابيع.
معركة الميدان الأمل الذي لم يكتمل !
ويستعيد كاتب "ياسمين" في الحرب جوانب من معركة دمشق الشهيرة في الميدان كما عايشها قائلاً:
معركة دمشق من وجهة نظري هي معركة قلب الموازين عارضها أناس كثر، ووقف معها كثر أيضاً، ولكن هذه المعركة غرست في داخلنا شعور النصر داخل دمشق لأيام متتالية، وكان المفترض أن تنتشر المعركة على نطاق أوسع ولكن حصل هناك نوع من التخاذل السياسي العسكري الداخلي، وخوفاً من انتهاء الثورة منع بسببها شباب بعض الألوية من الانضمام للمعركة وإكمالها، وكان النظام متخبطاً بشكل فظيع.
ويروي الكاتب "قيس الدمشقي" إن الشوارع داخل دمشق كانت آنذاك خالية من أي عنصر أمن أو حتى شرطة مرور، وجرت حالات انشقاق كبيرة في قطع الجيش بين العناصر والضباط وكان هذا الأمر بشارة خير، وبمثابة أمل كبير بالنسبة لنا، حتى أن أحد الضباط وهو من حماة دخل إلى قطعته العسكرية أثناء المعركة فلم يجد أي عسكري واقفاً على باب الثكنة فكلهم انشقوا عنها وأحد الضباط الذين انشقوا أخبر صديقاً لي كان يخدم لديه قائلاً: "روح على بيتك النظام خلص"، وعاش الناس آنذاك نشوة النصر لخمسة أيام، وصرفت المعركة أنظار النظام عن مهاجمة الريف إلى حماية المدن، ما أعطى فرصة كبيرة لتحرير معظم الأرياف السورية.
عصر الجنون !
ياسمين في الحرب هي أول رواية للمرأة السورية تتضمن آلام الفتاة السورية ونضالها كما جاء في التعريف بها، وحول اعتقاد المؤلف بأن هذه الرواية يمكن أن تختزل تجربة الثورة خلال ثلاث سنوات وهل في نيته استكمال المشروع بروايات أخرى يقول:
ليست هناك أية رواية يمكن أن تختزل ما قدمه السوريون والسوريات في هذه الثورة وهذا ما ذكرته في مقدمتها.
أما بالنسبة لإنجاز أعمال أخرى مكمّلة، سأقوم بعد نهاية الثورة بكتابة عمل بعنوان (عصر الجنون) سيضم تفاصيل واسعة على لسان مراقب محايد، لم يأخذ أي موقف مسبق بل سيشرح بدايات الحراك في سوريا، مروراً ببداية تشكيل الجيش الحر وانتهاء بدخول المال السياسي وبشرح مفصل لطريقة تفكير كل فصيل عسكري من عمومي وإسلامي على أنواعه وعسكري وعلماني، وذكر تفاصيل مخفية من الحراك العسكري وما يجري بعيداً عن شاشات الإعلام، ولذلك سأنتظر حتى نهاية الثورة لأنني سأذكر تفاصيل لا أن تذكر الآن.
وحول صدى روايته ومدى تفاعل الناس يؤكد الكاتب "قيس الدمشقي" أنه لم يكن يتوقع أن تأخذ الرواية هذا التفاعل نظراً للأوضاع الحرجة التي تعيشها سوريا، ورغم أن الرواية لم تنتشر بالشكل المطلوب مثل أي رواية أخرى لأنها تحتاج لجهد في القراءة، فإنني شعرت بالسرور عندما أخبرني أحدهم أنه قرأها ولم يعرف أنني من كتبها، وهناك طلاب في جامعة بفرنسا وماليزيا كانوا يتداولونها بين بعضهم البعض عن طريق الفلاشة، وإن شاء الله عندما تتاح لي الفرصة سأقوم بطباعتها ورقياً لأعرف الانتشار الحقيقي من عدمه.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية