أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أبو يزيد البسطامي أدخل رهبان دير سمعان في الإسلام ودُفن في الرستن !

ضريح المتصوف ابي يزيد البسطامي في الرستن

ليس في قواعد الإسلام ما ينص على تحريم أو كراهية إقامة الأضرحة والمقامات، ولكن المسلمين من باب التقوى والزهد في الدنيا جَرَوا على أن لا يُقام لإنسان ضريح أو نصب تذكاري، ولذلك لم يصلنا من العصور الإسلامية الأولى أي نموذج من هذه المباني، ما عدا بعض الأضرحة مثل ضريح (الست زبيدة) وضريح آخر يعرف باسم (قبة الصليبية) قرب سامراء يعود إلى العصر العباسي.

وفي العصر السلجوقي انتشر بناء الأضرحة والمقامات على شكل أبراج اسطوانية، وهي أشبه بالمدافن المشيَّدة على هيئة أبراج بسيطة، وفي العصر المملوكي ساد بناء الأضرحة التي تعلوها القباب التي تقوم على عنق مضلع، وكان الضريح يشتمل على غرفة أو غرفتين داخل إحداهما قبر، أما في العصر الأيوبي فكان الضريح يقوم في إحدى المباني التي يشيِّدها صاحب الضريح.

انتشرت في سوريا مجموعة كبيرة من الأضرحة التي أقيمت ضمن أبنية مستقلة، وهي عبارة عن غرفة واسعة نسبياً مبنية بالحجارة المنتظمة. ومن تلك الأضرحة ضريح المتصوف الشهير الزاهد (أبو يزيد البسطامي)، وقبل الـتعرف على أوصاف وتاريخ هذا الضريح يجدر بنا أن نتعرف على ترجمة (أبو يزيد البسطامي) الذي أخذ الضريح اسمه، وهو أبو يزيد طيفور بن شروسان البسطامي، من أشهر الصوفيين المسلمين، ولد في بلدة بسطام من أعمال (قومس)، فيما عدا فترات قصيرة اضطر فيها إلى العيش بعيداً عن بلده، لعداوة المتكلمين له من أهل السنة، وتوفي في بسطام عام/ 264هـ / 874/ م وقد ذاع أن (الجايتو) محمد خدابنده الإخشيدي بنى ضريحاً فوق قبره سنة 713 هـ 1313م ولم يضع أبو يزيد شيئاً من المصنفات ولكنه كان غزير المعرفة في شتى العلوم النقلية والعقلية، ومما يدل على ذلك المحاورة التي يقال إنها دارت بين رئيس الرهبان في دير سمعان وأبي يزيد، وجاء في دائرة المعارف الإسلامية –ترجمة الأب جورج شحاتة قنواتي- أن براعة البسطامي في حل ألغاز هذه المحاورة كانت كفيلة بدخول سكان الدير في الإسلام، ويروي المؤرخون إن أبا يزيد أجاب على جميع الأسئلة التي طرحها رئيس دير الرهبان في تلك المناظرة وكل من كان حاضرا فيها أخذته الدهشة من سعة علم أبي يزيد البسطامي، وعندما جاء دور أبي يزيد في السؤال قال لرئيس الدير: ما هو مكتوب على باب الجنة؟ فعجز رئيس الدير وحارَ في الإجابة، وهنا استجاب الحاضرون من الرهبان إلى منطق المناظرة وأعلنوا إسلامهم على حد قول هؤلاء المعمرين، وإلى جانب هذه المناظرة انتهى إلينا نحو خمسمائة قول من أقوال البسطامي، بعضها جريء كل الجرأة، يُستشف منها أن الصوفي بلغ بالمجاهدة حالة الفناء في الله فأصبح (عين الجمع)، وقد جمع هذه الأقوال ورواها أهل حضرته وزوَّاره، خاصة مريده، وتابعه: أبو موسى الأول –عيسى بن آدم أكبر أبناء أخيه آدم- وقد تلقى عنه الصوفي البغدادي الشهير (الجنيد) أقوالاً من هذا القبيل باللغة العربية.

بين التكية والضريح
يقع جامع أبو يزيد البسطامي الذي يضم ضريحه في السفح الغربي لمدينة الرستن، وهو مبني من الحجر الكلسي والبازلتي ذي العقد المصلب، وفي حرم الجامع من الجهة الشرقية يوجد غرفة الحضرة الخاصة بالمتصوفة الزاهد، يفصل حرم الجامع عن الحضرة حاجز خشبي بسيط مزخرف جميل طول غرفة الحضرة /4م/ وعرضها /3/ م وفي داخل الحضرة راية نوبة للطرق الصوفية، وفوق الراية أربعة كساءات لونها أخضر، وداخل الجامع قنديل أثري ذو صبغة حمراء من الزجاج التركي الجميل وهو غاية في الروعة والإتقان. 


زار الرحالة التركي (أوليا جلبي) مقام هذا الصوفي عام/ 1058 / فكتب عنه ما يلي:"وبعد أن انتهينا من حماة أرسل الباشا (الأطواغ) إلى الأمام، ثم لحقتها القافلة في اليوم نفسه، وما زلنا نسير في سهول فسيحة حتى نزلنا على جسر الرستن وهو جسر عظيم مبني على العاصي قربه هضبة مرتفعة شُيدِّت فوقها قرية كبيرة تسمى الرستن قيل إن جامعها فيه ضريح الولي الشهير أبي يزيد البسطامي، يزوره أكثر أهل البلاد من العرب والتركمان ويتبركون به، الضريح تحت قبة عالية وفي جوار جامعها تكية يأوي إليها مئة من الدراويش والفقراء وأبناء السبيل يُطعَمُون ويُكرمون". و "يبدو أن هذه التكية أُُقيمت بعد أن شاع ذكر مزار أبي يزيد البسطامي وقصدته الناس فجاوره دراويش الصوفية، وخاصة أتباع طريقته النقشبندية، فكان لابد من إقامة بناء لهم " -كما يقول الباحث د .منذر الحايك- ومع أننا لا نعرف من بنى هذا الضريح والتكية، ولكن لابد أنه واحد من الولاة أو كبار المتنفذين، ومما نعرفه عن هذه التكية أنها كانت تكية كبيرة الحجم تتناسب مع شهرة المزار الذي تجاوره ولم يبق اليوم من أثر يدل على مكان هذه التكية. ويرى الباحث عبد الرحمن أيوب في كتابه (الرستن –دراسة تاريخية عبر العصور) أن جامع أبي يزيد كان أثناء مرور الرحالة أوليا جلبي الذي رافق الوزير (مرتضى باشا) والي الشام سنة /1058/ يقع في طرف البلدة من الغرب، وفي جنوبه عدد كبير من المقابر، أما الآن –1988 عام تأليف الكتاب المذكور- وبعد القفزة النوعية في كثافة البناء الحديث أصبح الجامع في وسط البلدة التي تحيط به إحاطة السوار بالمعصم.

الحقيقة والمجاز
بعد أوليا جلبي جاء الرحالة الدمشقي (عبد الغني النابلسي) الذي زار الرستن عام /1105 هـ 1693 م/ ولما كان النابلسي من أتباع الطريقة النقشبندية التي تُنسب إلى الشيخ (بهاء الدين نقشبند) اهتم بزيارة ضريح البسطامي وقال فيه شعراً يمدحه، ومما قاله عن الضريح في كتابه الشهير (الحقيقة والمجاز في رحلة الشام ومصر والحجاز): "فنزلنا في المزار المشهور أن فيه قبر الولي الكامل شيخنا أبي يزيد البسطامي -قدَّس الله سره- وهو مرتفع من الأرض فيه جامع بمحراب ورواقات وعمارات للخدم والمجاورين فيه وقبر أبي يزيد في قبة معقودة عليه". ويبدو أن المزار الذي تحوَّل إلى مسجد كان يتوسع ويُرَّمم باستمرار، وآخر ترميم كبير للجامع قام به (عبد الله باشا العظم) الذي جدَّد بناء الجامع كله، ووضع على مدخله لوحة رخامية نُقش عليها سبعة أبيات من الشعر تخَّلد عمله وتذكر أنه إضافة لترميم الجامع قد فتح الطريق ورمَّم الجسر، واللوحة المؤرخة عام /1211هـ 1797 م/ لا تزال في مكانها حتى الآن ويقول مطلع هذه الأبيات:
بالفتح والنصر ماثلاً بســــــــــمه بالهنى والمنى لاحت بشارات 
منها الطريق الذي عزَّت مســــــالكه والجسر فيه للشادي عبارات

تضارب الروايات
اختلف الباحثون والمؤرخون حول مكان ضريح البسطامي الحقيقي فقد ذكر الهروي في كتابه (الإشارات إلى معرفة الزيارات) أن البسطامي دفن في قريته (بسطام) عند قبر شيخه. 

وقد اشتُهر ضريح آخر للبسطامي بالقرب من دمشق في قرية (قرحتا) وهو مشهور في تلك النواحي وله كرامات كثيرة بين أهل تلك القرى، كما ذُكر أن له ضريحاً في قرية (آلاي بكلي) من أعمال (بيلان) وتقع على النهر الأسود في سهل العمق شمال سوريا، ويبدو أن تضارب الروايات حول مكان وجود ضريح البسطامي قد جال بفكر الشيخ عبد الغني النابلسي عند زيارته لضريح البسطامي في الرستن، لكنه حسم الأمر وأكد أن الضريح الحقيقي هو الذي يقف أمامه في الرستن فقال: "على قبره جلالة وهيبة يحققان حضوره هناك ويشيران إليه".

خالد عواد الاحمد - زمان الوصل
(728)    هل أعجبتك المقالة (501)

اسماعيل راعي

2014-07-10

لا تتكلموا عن موضوع ديني بدون دليل صحيح من القرآن او السنة او اجماع او قياس فموضوع بناء الاضرحة لم يعرف الا بعد الدولة العبيدية الفاطمية الرافضية و للاسف بقيت اثارها الى اليوم حيث انتشر بناؤها فالاضرحة شيء لم يقم به الرسول عليه الصلاة و السلام و لا الصحابة من بعده.


أحمد

2014-07-12

رجاء منكم أن لا تصبجوا كموقع العربية وإيلاف وأمثالهم..


2016-05-14

عندنا الضريح الحقيقي لاباييزيز البسطلمي في الجزائر وقد دل عليه ولي صالح عندن.


عمر

2018-01-03

قدس سره الشريف . جماعة الإخوان المسلمين بسورية انشالله يتعلموا من هذا الرجل الطاهر الذي خدم الإسلام بينما هم يخرجون الناس من الإسلام هم والسلفية وداعش بافعالهم الإجرامية وفسادهم.


علي

2018-02-25

مقام ابو اليزيد البسطامي في مصر بالغربية بقربه سديمه.


التعليقات (5)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي