داعش تتمدد وتعلن خليفتها و"الثّوار" يثرثرون!

قد يكون العنوان مستفزاً بعض الشيء لمن يريد أن يقرأ السطر الأول، لكن من يقرأ التحليلات ويتابع الأحداث على الأرض السورية -العراقية، يجد أنّ من حق تنظيم "داعش" أن يعلن زعيمه الروحي "أبو بكر البغدادي" خليفةً، بعد أن قضم آلاف الدونمات من الأراضي في الشام والعراق وأصبحت تحت سيطرته.
بالفعل، فالتنظيم الآن يسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي السورية، وعلى أهم مناجم الثروة في البلاد من خلال سيطرته على ماء "الفرات" والنفط في حقول دير الزور وغيرها، ومن خلال تمدّد التنظيم للعراق واستطاعته قضم عدة محافظات خلال ساعات.
التنظيم نجح بما لا يدع مجالاً للشك في إتمام سيطرته على تلك المناطق التي سيطر عليها، وأراد أن يمرر مشروعه من خلال بياناته الإعلامية وأن يدحض بالحجة والبرهان أمام العامة على الأقل أحقية مشروعه وحقيقة وجوده، واستلهامه لفكر قائده الملهم "البغدادي".
قد تتسارع الأمور خلال الأيام القليلة القادمة، ويستطيع التنظيم قضم معظم الأراضي التي تُسمى مجازاً بالـ"محررة" في الشمال والجنوب، فأعلام التنظيم باتت ترفرف على أعتاب "اعزاز" المدينة التي طردوا منها قبل أشهر، وكذلك بالقرب من دمشق، دون أن يستفز ذلك تلك القوى التي تتحارب مع التنظيم وتعلن عن مشروع متكامل يرى في الدولة والأرض شكلاً ودستوراً لدولة قادمة.
يرى متابعون للشأن السوري على الأرض أن معظم الكتائب والفصائل التي تدعي المنافسة، هي متهمة بالـ"ثرثرة" ليس إلا، فهي لم تستطع قطع جذور التنظيم وعصبه وخزانه البشري من خلال الإبقاء على آلاف الشبان المؤمنين بفكر التنظيم والذين أصبحوا يجاهرون بمديح قائده الملهم صباح مساء.
ثرثرة الفصائل الّتي تدعي مقاتلة "التنظيم" تجلت من خلال تهريب قياداته وشراء ذممهم بالـ"يورو" و"الدولار" فهرب معظم قاداتهم عبر الحدود، وأطلق سراح عناصرهم غصباً، بعد أن امتلأت سجون التنظيم بالمقاتلين.
كما يتحدث البعض عن إيقاع الفصائل المحاربة للتنظيم ببعضها، وتسليم عناصر من خيرة عناصرها للتنظيم ليتم ذبحهم على مذابح التطرف والإرهاب، ومن يأتي للمناطق المحررة لن يجد حتّى الآن أي مشروع، هناك مجموعات أصبحت تتاجر باسم "الله" وتعلن عن رغبتها بتعيين مقاتلين مقابل سلة غذائية ومبلغ مالي ضئيل.
غاب الهدف عند من يدّعون "الثورة" وخفت صوت المشروع، فأصبحنا نسمع صرير المصالحات من قبل عملاء النظام حتى في "مارع" مسقط رأس "الصالح" وإن كانت على خجل.
وخلاصة الكلام إن التنظيم استطاع أن يحقق الانتصارات من خلال مشروع ايدلوجي فكري، بالإضافة لمشروعه الخدمي ومؤسساته القائمة على عناصر أكفاء بغض النظر عن الإيدلوجية الّتي يؤمنون بها، فيما اكتفت الفصائل الأخرى وإن وجد منها الصادقون المرابطون، بالثرثرة وإضاعة الوقت في الشحادة من الدول ومنظمات الإغاثة، فغاب المشروع وكثر اللصوص، فأصبحت تناجي ثوارها الأوائل وتذكرهم بكلمتهم الأولى في تلك المناطق "هي لله هي لله لا للسلطة ولا للجاه".
لكن السلطة والجاه تغلّبت على جميع المفاهيم التي خرجت الثّورة من أجلها فأصبحت لدى البعض "ثورة تهريب للمازوت" وعند الآخر"سرقة نحاس" وأضاع المحبطون والعملاء واللصوص على شرفاء الثّورة مشروعهم، وأصبح الخط المستقيم يتعرّج، في ظل تمدد تنظيم "داعش" واستهتار "الأسد".
محمد الفارس - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية