أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

انتخابات "الإتلاف"

خلال الأيام القادمة ستجري انتخابات الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة الذي كان بعضُ الإخوة من الأشقاء العرب يرتكبون خطأً ظريفاً أثناء لفظ اسمه، فيقولون عنه: الإتلاف!

هؤلاء الأشقاء يلفظون اسم الائتلاف خطأً عن حسن نية بالطبع، ولكن، في الوقت نفسه، يوجد سوريون كثيرون يتقصدون تسميته (الإتلاف)، لأنه، برأيهم، أتلف الثورة السورية، وآذاها، والبعض الآخر يتقدمون في عدائيتهم له خطوات إلى الأمام فيقولون: خانها.

الإخوان المسلمون يريدون أن يكون الائتلاف إخوانياً خالصاً في تركيبته وحركيته وتصرفاته بدليل أن الأستاذ علي صدر الدين البيانوني المرشد السابق للجماعة الذي كان عضواً في الائتلاف بصفة (شخصية وطنية) انسحب من الائتلاف احتجاجاً على رسالة التهنئة التي أرسلها رئيس الائتلاف الأستاذ أحمد الجربا إلى رئيس مصر الجديد عبد الفتاح السيسي الذي ينظر إليه الإخوانُ المسلمون المتواجدون في مختلف أنحاء العالم على أنه قاتل منقلب على الشرعية الدستورية في مصر، بينما يقبلُ منه آخرون انقلابيته نكاية بالإخوان المسلمين على الأقل، مع أن السياسة وبناء الأوطان لا يكون بـ (النكايات).

الديمقراطيون الذين انضموا إلى الائتلاف قبل سنة من الآن، ضمن ما عُرف بعملية (التوسعة)، يريدون للائتلاف أن يكون ديمقراطياً من بابه إلى محرابه، (فهم يعتقدون أنهم ديمقراطيون بالفعل!) وهم دائمو الاشتكاء من سيطرة الإسلاميين على المفاصل الرئيسية ليس في الائتلاف فقط، بل وتغلغلهم ضمن مفاصل الحكومة المؤقتة التي يرأسها الدكتور أحمد طعمة، واستتيلائهم على معظم الوزارات المهمة فيها.
المجالس العسكرية، الأركان، الجيش الحر، الكتائب، الفصائل، وكل ما يتعلق بالعسكر، هؤلاء هم مصيبة المصائب، وكارثة الكوارث فيما يتعلق بالثورة، وبوضع الائتلاف، وعمل الائتلاف.

إن أبناء الشعب السوري لا يعرفون الشيء الكثير عن تركيبة عسكر الثورة المنضوين تحت راية الائتلاف، ولكنهم يشاهدون في نشرات الأخبار، ويسمعون من الإذاعات، ويقرؤون في الصحف، يومياً، أن الائتلاف عين فلاناً، وأقال فلاناً، وشكل هيئة، وحَلَّ هيئة، وأن اللواء فلاناً لم يمتثل لقرار العزل، والعميد علاناً يطرح نفسه بديلاً للعميد زيد،.. وهكذا دواليك... وأما أخبار الأرض فتصل إليهم متضاربة مشوشة يحكي بعضُها عن بيع، وبعضها الآخر عن تخاذل، والثالث عن نفاد ذخيرة، والرابع عن تأخر الدعم، وفي النتيجة يتقدم النظام والميليشيات الطائفية الإرهابية التابعة لإيران في مناطق عديدة من سوريا الحبيبة، وتتقدم داعش في مناطق أخرى، ولا يوجد أحد "آكل هوا" غير هذا الشعب المسكين.

ثمة أناس من الذين يناصبون الائتلاف العداء يرون أن كل الذي جرى لنا، حتى قبل تشكل الائتلاف، سببُه الائتلاف!

فإذا انتخَبَ الائتلافُ رئيساً له وأميناً عاماً ونواباً وهيئات سياسية، وتزامن ذلك مع قصف أسدي بالبراميل على إحدى الحارات السكنية في إحدى المدن السورية يقولون: انظروا على هذا الائتلاف الذي تشغله الانتخابات بينما الشعب يذبح. أو: الشعب جائع! أو: الشعب مشرد!

برأيي المتواضع أن هذا الكلام هو قمة الخَلْط والتشوش وضياع البوصلة، فما يقع في سوريا من مآس وويلات وبَلَاوٍ زرقاء له أسبابٌ جوهرية لا تخفى على أحد، أولها كراهيةُ نظام حافظ الأسد للشعب السوري، وحقده عليه، وتعطشه لسفك دمائه، وتمسكه بالسلطة الوراثية،... وثانيها المشروعُ التوسعي الإيراني الظلامي الذي يَضَعُ ثقلَه كاملاً للاستيلاء على سوريا بعدما أنجز سيطرته على القرار السيادي العراقي وحقق إنجازات كبيرة في تخريب الاستقرار في لبنان، وثالثها القيادةُ الأمريكية الباردة التي ترى وتسمع وتعرف كل شيء، وتترك الإيرانيين والروس وبيت الأسد يدمرون سوريا فتوفر، بذلك، على إسرائيل عملية إخراج سوريا من معادلة الصراع في الشرق الأوسط لربع قرن قادم على الأقل، وتوفر عليها أيضاً ضرب المفاعل النووي الإيراني، فَمَنْ كان عنده طَبَّاخون لماذا يطبخ ويحرق يديه؟.. ورابعها أن الائتلاف، وقبله المجلس الوطني، عبارة عن مرآة صادقة للمعارضة السورية التي شتتها وبعزقها وأبطل فاعليتها حافظ الأسد قبل أن يورث البلاد لابنه المسطول، ثم جاءت الدول الصديقة لتزيد في التشتت تشتتاً وفي الطنبوري نغماً كما تعرفون.
أنا واحد من الشعب، وواحد من أعضاء الائتلاف (الإتلاف)، أقر وأعترف أن أداء ائتلافي لم يكن، في يوم من الأيام، يعجبني، أو يدهشني، ولكنني، مع ذلك، متفائل بأننا قادرون على انتخاب رئيس وهيئة رئاسية تعيد الائتلاف إلى الشعب السوري، وتجعله ينسى الأخطاء والاضطرابات والعثرات السابقة.. فإن لم نفعل ذلك فعلى الدنيا السلام... 

من كتاب "زمان الوصل"
(130)    هل أعجبتك المقالة (124)

osama

2014-07-06

الشعب امانه في اعناقكم فلاتضيعوا شعبكم.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي