أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تحديات ميشال سليمان الكبرى

اخلى ميشال سليمان مكتبه في مقر وزارة الدفاع في اليرزة السبت استعدادا للانتقال الى القصر الرئاسي في بعبدا.

وعلى اية حال، لم يكن بجانب كمبيوتره سوى صورة واحدة، هي لمدير عملياته السابق اللواء الركن فرانسوا الحاج الذي اغتيل في 12 ديسمبر كانون الاول من العام الماضي في انفجار بينما كان متوجها الى العمل في اليرزة.

ولم يتضح لحد الآن من اغتال فرانسوا الحاج، لكن ممثلين من الاغلبية والمعارضة حضروا جنازته، كما يساند كلا الفريقين سليمان اليوم كرئيس للبلاد.

لكن تفجير سيارة الحاج ترك رسالة واضحة، مفادها ان لا احد آمن من العنف والاغتيالات التي خلفت ما لا يحصى من الضحايا في لبنان منذ السبعينيات.

وللذكر، فان اثنين من سلف سليمان في الرئاسة لقيا ميتة عنيفة بعد انتخابهما بفترة وجيزة، ففي 1982، دفن البشير جميل، الذي اعطاه الغزو الاسرائيلي دفعة قوية، في حطام مقر حزب الكتائب الذي اتى عليه انفجار هائل.

وفي 1989، استهدفت سيارة ملغومة موكب الرئيس رينيه معوض ومزقته اربا اربا. وكان معوض قد انتخب اثر التوصل الى اتفاق الطائف المدعوم عربيا، كما الشأن بالنسبة لانتخاب سليمان.

اذن فميشال سليمان يتولى منصبه وهو على علم بالواقع المر في لبنان، ودقة الخط الفاصل بين الحياة والموت، كما انه واع بحدود "سلطته".

وكما كان الشأن بالنسبة لسلفه في الرئاسة اميل لحود، ياتي سليمان الى بعبدا من جيش يحضى باحترام اللبنانيين، لكنه مع ذلك يعكس تجزؤ البلاد الطائفي بشكل يستحيل معه لعب دور سياسي حاسم وموحد كما وقع في العديد من دول المنطقة كتركيا ومصر.

وان كان اللبنانيون يبحثون لرئاسة الحكومة عن مسيحي ماروني مناسب من الجيش، فلان القادة السياسيين لم يتمكنوا من طرح اسم تقبله كل الاطياف السياسية.

ووقع الاختيار على ميشال سليمان بفضل البراعة التي تمكن بها من الحفاظ على حياد الجيش خلال كل الفترات العصيبة التي مرت بها البلاد مؤخرا.

ففي اوائل العام الماضي، رفض سليمان اوامر الحكومة المدعومة من الغرب بالتدخل وازالة الحواجز التي اقامتها المعارضة على الطرقات احتجاجا على سياساتها، معتبرا ذلك شكلا من اشكال الانحياز.

كما لقي الجيش الاشادة على دوره في دحر مسلحي فتح الاسلام في مخيم نهر البارد في الشمال، وهو ما تطلب عدة اشهر العام الماضي.

لكن عندما سيطر حزب الله وحلفاؤه على شوارع بيروت هذا الشهر، اعطى ميشال سليمان امرا لقواته بعدم التدخل حتى لو تعرضت لاطلاق النار، وبذلك، حافظ على الجيش من الانقسام كما وقع خلال الحرب الاهلية.

لكن الحفاظ على وحدة الجيش جاء مقابل الاعتراف بعجزه عن مواجهة حزب الله، والذي يعرف عنه الجميع انه اقوى من الجيش واكثر التحاما.

وكما جاء على لسان احد المحللين السياسيين في بيروت، فان الرئيس الجديد "في مأزق حتى قبل استلام مهامه". كما ان سلطة الرئيس السياسية ستكون محدودة اكثر بالاتفاق الذي تم التوصل اليه في قطر حول تكوين حكومة الوحدة الوطنية، فمقاعده الثلاثة لن تجدي نفعا في اعطاء الاغلبية المطلقة لاي من الموالاة او المعارضة.

وقال ميشال سليمان انه يرى في الفترة المقبلة "فترة مصالحة وتفاهم." ولانه ابرز شخصية محايدة في البنية السياسية اللبنانية، فقد يتحتم عليه لعب دور كبير في تفعيل هذه الفكرة.

لكن في الواقع، فان سليمان يتسلم منصبه دون خبرة سياسية تذكر، وسيتعين عليه التعامل مع قادة محنكين في جعبتهم عقود من الدهاء السياسي.

وتساءل احد كبار المسؤولين، وهو يعرف سليمان معرفة جيدة: "اتساءل كيف سيتمكن من التعامل مع اسماك القرش تلك!"


bbc
(92)    هل أعجبتك المقالة (99)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي