الآن ربما نجد تفسيرا لفرار آلاف السوريين بمواجهة أمواج الموت في الطريق إلى إيطاليا التي تبدو على الخارطة كجزمة تمتد في عمق المتوسط باتجاه بلاد العرب أوطاني أو ما أوطاني!
سوريون لجؤوا إلى الموت بحراً بعدما خبروه براً وجواً، إثر تعاون أكثر من "نيرون" على إشعال النيران بكل المراكب التي يمكن أن تعبر بهم وبلدهم إلى بر الأمان.
الخطة -على ما يبدو- محكمة ياسادة، استمدها سيدي أمير المؤمنين الشيخ المجاهد والعابد الزاهد وقائد كتائب الدين خليفة الله بين الأرض والسماء أبو بكر القرشي الحسيني البغدادي، حفظه الله ورعاه، -استمدها عطوفته- من تاريخ الإغريق "الكفار"، ليعلن غزوة روما عقب خروجه من دوما وإعلانه دولة "الخلافة"!
خطة البغدادي "حصان طروادة" تقتضي أن تذهب جموع السوريين زحفا بحريا إلى أوروبا، ولو بمراكب عزرائيل، ويتكاثروا حول عواصم بلدانها والأمصار بدءا من بوابة تاريخ القارة العجوز "روما"، لتضرب "الدولة الإسلامية" موعدا مع المجد بهز عرش عاصمة الروم، كما وعد "أمير المؤمنين" موديل 2014 لإحياء عظمة التاريخ و"سبحان من يحيي العظام وهي رميم"!
مع تحيات فخامة "الظل العالي" الذي قصرنا في مديحه خاصة وأنه "يدعو لأندلسٍ إن حوصرت حلبُ"!!
يأتي ذلك بعد غرق الكثير من السوريين في بحور الوهم تحت لطمات أمواج الشعارات القومجية لحزب كان أول أهدافه الوحدة، فانقسم على نفسه في بلدين كان يحكمهما (سوريا والعراق)، أما الحرية ثاني الأهداف، فكانت تحت سقف الوطن الذي تعهدت تنفيذه مؤسسة الإسكان العسكري لينهار على رؤس الأشهاد والشهداء.
ولكن للأمانة ثالث الأهداف تحقق اشتراكيةً بحياة الفقر والتعتير بين معظم أفراد الشعب رغم نتوءات التفاوت الطبقي المحوري لجسم المجتمع السوري على مدى نصف قرن برعاية الرفيق الفريق المناضل الفلاح والعامل والطبيب والمهندس والمحامي والقاضي والصحفي ووووو..إلخ!
اقتضت موضة القومجية أو العلمانجية أن ننظر نحو المستقبل بعينين جامدتين إلى حد التحجر، جاعلين من التاريخ حذاءً بالياً لايستحق الالتفات إليه، في حين جاءت دولة الخلافة والمنادين بها ليكرروا نظرة القومجيين والعلمانجيين إلى التاريخ، فهو حذاء، مع اختلاف الموقع، حيث يجب ألا نتركه يغادر رؤوسنا قبل أقدامنا، فإضافة إلى أنه أهم ما يربطنا بتراب الوطن، فهو الوسيلة الوحيدة التي ستوصلنا إلى ذروة سنام الحضارة، وسيري ياسفينة الصحراء فعين الله ترعاكِ تحت شمس لن تمنع غرابيل الإسلامويين ولا القومجيين أشعة حقيقتها بأن محاسن التاريخ تاج تُرفع به الهامات والقامات لتواجه أفكارا تشبه الأحذية من حيث إنها لا تكبر ولا تصغر بل إنها تهترئ فقط تحت ضغط عوامل الحت والتعرية التاريخية!
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية