أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"نساء بين نارين"... الوسط الاجتماعي شريك في بعض الجرائم في سوريا

"منذ عدة أشهر قمنا بتوثيق مقتل شابتين أختين من منطقة قدسيا بريف دمشق قام أهلهما بقتلهما بسبب قيام قوات النظام السوري باغتصابهنّ" هذه هي إحدى الحالات التي يقول السيد أمير (عضو مركز توثيق الانتهاكات السوري وأحد المشرفين رسميا على قاعدة بيانات الموقع) إنهم قاموا بتوثيقها في إطار الانتهاكات الثانوية من الوسط الاجتماعي التي تتعرض لها النساء ممن تعرضن للاغتصاب على يد قوات النظام في السجون أو خلال المداهمات المتكررة. ويضيف أمير أن هذه المعلومة أصلا لم يتمكنوا من معرفتها بسهولة بسبب التخوف الشديد والتكتم الكبير من الأهالي أو حتى من الضحايا أنفسهنّ ممن تعرضن لأي أذى من قبل وسطهن الاجتماعي على خلفية فعلة لم يكن لهنّ فيها رغبة أو إرادة.

وهو ما تؤكده الشبكة الأورو-متوسطية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر في آذار من عام 2014 حيث قالت: "في سوريا، تقع النساء اللاتي يتعرضن للاغتصاب أو الاعتداء الجنسي ضحية للوصم الاجتماعي. وفي معظم الأحيان، تفضّل النساء السكوت خوفا من نبذ العائلة أو من «جرائم الشرف». بالإضافة إلى ذلك، ثمة تداعيات خطيرة للاعتداء الجنسي ضدّ النساء، إلاّ أنّ خدمات الحماية شبه معدومة في سوريا، وعندما تتوفّر، غالبا ما تقف العائلة بوجه الضحيّة وتمنعها من الوصول إلى هذه الخدمات بغية تفادي الوصم، وفي هذه الظروف يصعب إحصاء الناجيات".

فعند الحديث مع أي شابة سورية تعرضت للتحرش العنيف أو الاغتصاب –إن قبلت بالحديث- فإنها وبعد روايتها لقصتها المؤلمة يمكنك أن تستنتج أن ما حصل معها هو فقط نصف الحكاية، وأن تتمتها اكتملت عند ارتطامها بوسطها الاجتماعي الذي لم يكن أكثر رحمة من مغتصبيها، معاملين إياها وكأنه كان لها الخيار أصلا بما حدث معها.

- (تهجير، تزويج قسري،حرمان من الإرث، التبرؤ منها عائليا، بل وقد يصل الحد إلى القتل وغيرها من الإجراءات التي تتخذها بعض العائلات بحق بناتهن ممن تعرضن لهذا الأمر دون أي وعي أو عقلانية في تعاطي المشكلة ما يزيد الواقع السوري بؤسا ومأساة. 

"التحرش والاغتصاب لم يكن من نصيبي فقط .. بل هو أمر تعاني منه الكثير من النساء في معتقلات النظام مهما كانت اثنيتهنّ أو من أي منطقة كانوا". بهذه الكلمة بدأَت ليال حديثها عن تجربتها ومعاناتها.

ليال الحمصي، شابة سورية تعرضت للضرب والتعذيب العنيف بل وللتحرش والاغتصاب الفموي عدة مرات داخل سجون النظام على يد المحققين أو الضباط الذين أشرفوا على استجوابها خلال فترة اعتقالها على خلفية مساعدتها لبعض العوائل المحتاجة إغاثيا الأمر الذي ترك لديها أثرا نفسيا سيئا.

ليال من أسرة ثورية من مدينة حمص اعتُقلت في 8/11/2012 أثناء تواجدها في الشام وتم تلفيق عدد من التهم لها من قبل النظام منها مشاركتها في تفجيرات القزاز في الشام وتفجيرات الملعب بحمص وغيرها من التهم، وخرجت من المعتقل بصفقة تبادل أسرى بين المعارضة والنظام في 9/1/2013 أفرجت فيه المعارضة عن عدد من الإيرانيين مقابل عدد من المعتقلات في سجون النظام، لتخرج بعدها ليال إلى تركيا بسبب قيام النظام بمحاولة إعادة اعتقال من أفرج عنهنّ.

تقول ليال: "بعد خروجي من المعتقل والذي دام 63 يوما، استقبلني أهلي ومجتمعي بكل فخر واعتزاز لأنني كنت معتقلة على خلفية عملي بالثورة وهو مدعاة للفخر غير أنني لم أخبر أحدا منهم بما جرى معي في الداخل، لأنني بمجرد أن أخبرت والدتي أنه تم تعريتي أثناء تفتيشي –وهو أبسط ما تعرضت له- كادت أن تُجَن وتنهار"
.
وتضيف: "حاولت بعدها أن أخبر إحدى صديقاتي بما جرى معي بسبب الانكسار والقهر الذي أعانيه جرّاء ما حدث معي في المعتقل من تعذيب وتحرش جنسي ولكنها أسكتتني وطلبت مني ألا أخبر أحدا بذلك ..فهذا كما تقول قد يضر بسمعتي ضمن مجتمعنا الشرقي، بل إن أحد أصحاب المقاهي التي حاولت العمل فيها كمحاسبة طردني بعد أن عرف أنني كنت معتقلة سابقة ... ومن وقتها وأنا صامتة أكبت ما حصل معي في ذاكرتي على الرغم من صعوبته وأتحاشى أن أظهر أي تأثر أمام أهلي كي لا يسألوني عن التفاصيل فأضطر لإجابتهم"
ليال هي ليست حالة مفردة ...هناك كمثلها الكثير، بل وممن حالتهم أسوأ منها حتى، أمثال عايدة، خلود، لمياء ولينا (وهنّ نساء تم ذكر قصصهم بتقرير للشبكة الأورو-متوسطية صدر في نوفمبر من عام 2013.
تقول باربي (ناشطة معارضة في مجال التوثيق) إن إحدى العوائل في مدينة حماة قد تبرأت من ابنتها المعتقلة لدى قوات النظام بفرع الأمن العسكري بعد أن عرف أنها قد فقدت عقلها في المعتقل جراء سوء حالتها النفسية وتعرضها –ربما- للتحرش وغيره.

هذا الأمر وغيره من شأنه أن يؤثر عل نفسية المفرج عنهنّ ... فكمية الظلم الذي تتعرضن له من النظام كان لابد أن يقابله صدر حانٍ من وسطهم الاجتماعي ..غير أن التطبيق ليس دوما كالنظرية ...ما يزيد الأمر تعقيدا ويزيد ألمهنّ النفسي بجرعات زائدة، فبالعودة إلى ليال وعند سؤالي لها عن الأثر النفسي لما حصل داخل المعتقل أو خارجه من الناس قالت: "دمار .. دمار نفسي كامل من كل الجوانب".

وأضافت "بسبب ما حصل معي داخل المعتقل من تحرش عنيف واغتصاب ضمن ظروف الاعتقال الصعبة أصلا بات لا يمكنني حاليا أن أتقبل نفسيا أي خاطب أو عريس يتقدم لي لأنني تعقدت نفسيا من الأمر ولم أعد أتقبل الحياة مع أي رجل، أما الصدمة الأخرى التي أثرت بس كثيرا هو بسبب هذا التناقض الاجتماعي الذي نعيشه.. حيث إن كثيرا من الناس يؤكدون على أهمية وضرورة مراعاة من تعرضت للتحرش والاغتصاب ومعاملتها بشكل جيد على اعتبار أن الاغتصاب هو فعل خارج عن إرادة من تعرضت له ...غير أن هؤلاء أنفسهم يتعاملون مع الأمر واقعيا بتناقض تام تماما وهو ما خلق لدي حالة من اليأس والاحباط جعلتني أتمنى الموت".

هذا وما تزال الإحصائيات التي تتناول موضوع انتهاكات الأوساط الاجتماعية بحق من تعرضن لهذه الأفعال الوحشية من تعرية، تحرش، واغتصاب غير واضحة المعالم ولا متوافرة بدقة على اختلاف مراكز التوثيق .....فيما تستمر أصلا جريمة الاغتصاب على أشكالها على يد قوات النظام والميليشيات التابعة له بصورة تزداد بشاعة وحقدا مع حالة جديدة ترضى بالبوح عما تعرضت له على يد هذه الذئاب البشرية ... ويزيد مه صمت المجتمع الدولي وركون المحاكم الدولية عن الإتيان بأي تصرف منصف بحقهم.

- جميع المقابلات الواردة ضمن التقرير قام بها الكاتب بشكل مباشر مع اصحاب العلاقة المعنيين

توثيق حالة ليال مع اشخاص اخرين بتقرير لمركز توثيق الانتهاكات التابع للمعارضة:
http://www.vdc-sy.info/index.php/ar/reports/1395194519#.U22p1PmSxJl 
تفاصيل صفقة الافراج عن ليال وباقي المعتقلات :
http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&article=712508&issueno=12462#.U15cTXqm3qA 
تقرير الشبكة الأورو متوسطية في نوفمبر 2013 تحت عنوان (العنف ضد المرأة السورية الجرح النازف في الصراع الدائر) والذي قمت بأخذ بعض الشهادات منه في التقرير:
http://www.euromedrights.org/ara/wp-content/uploads/2013/11/Report-VAW-Syria_FINAL_AR1.pdf
تقرير الشبكة الأورو متوسطية في آذار 2014 تحت عنوان ( العنف ضد النساء في سياق التحولات السياسية والأزمة الاقتصادية في المنطقة الأورو-متوسطية) والذي قمت بأخذ بعض القطع منه:
http://www.euromedrights.org/eng/wp-content/uploads/2014/03/VAW-report_final_ar.pdf

إعداد: جاسم الحموي - مشاركة لــ"زمان الوصل"
(184)    هل أعجبتك المقالة (183)

عمر الجادر

2014-07-07

نحن شعب متخلف عقلياً ومشرذم... ومن أجل ذلك تكالب علينا الحثالات وحكمنا الأرازل واللصوص.... إذا كان الأهل لم يستوعبوا مصيبة أبنتهم التي أعتقلها النظام وأغتصبت وانتهكت كرامتها... فكيف لحثالات النظام ورأسه العفن أن يرتدع من تكرار الإنتهاكات والإعتداء على شرف وكرامة الشعب. الثورة أظهرت كافة أمراضنا الإجتماعية المخزية... ولا زالت ؛ في حين حصار مطبق على بلدة ما... تجد التجار فيها يستغلون أبناء بلدتهم الذين يتضورون مع أطفالهم جوعاً ولا رحمة.... وهذا ينصب على آخر ومعارض يشفط المساعدات وآخر يشي بقريبه ويقبض من النظام....... إلخ ايه مو من قليل احترقت البلد.... يخرب بيت الجشع والأنانية والمصاري والحيونه المبتليه فيها ملتنا.... إلى كافة بطلات ثورتنا والمعتقلات والمغتصبات في سجون وبين أيادي عصابات أبن الكلب الخائن بشار الاسد.... هن الشرف والكرامة... يا أخواتي العزيزات الكريمات ياعناوين الشرف والبطولة والكرم لا تحزن.... لكن المجد والفخار رموزاً مضيئة في تاريخ سوريا وثورة شعبها الحر المجيد..


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي