أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

سامر رضوان وأحمد الجربا

الجربا

رغم جواز التضليل في العنوان، من قبيل التشويق على الأقل، إلا أني أعي وأقصد العنوان، وليس من تضليل البتة.

بل ثمة قاسم مشترك وكبير، بين السيناريست الجميل سامر وبين سيادة الرئيس الذي يسعى للأبدية الجربا، وبين"ترويسة " مقالتي التي اقترب عمرها من السنتين في زمان الوصل "لماذا انتفض السوريون"؟!.

لنبدأ بهذا السؤال، فعلاً لماذا انتفض السوريون وهم على يقين، أن دولة الأسد الأب العميقة، ليس من البساطة اقتلاع جذورها الضاربة في الأنفس، عبر ذهنيات وعادات، غدا خرقها أصعب من خرق القوانين.

هل انتفضوا فقط ليبدلوا الحكم الوراثي الاستبدادي، ومن ثم يحارون فيما سينتهون إليه؟

في معنى آخر، ما هو شكل الحكم وطرائق التعاطي، بما فيها الحريات، التي يتشهاها السوريون بعد عقود من القمع والمصادرة والعبودية.

قد يقول البعض نريد دولة إسلامية تعيد أمجاد عمر وعلي وخالد، رضوان الله عليهم طبعاً، كي لا يخرج عليّ مغال كما خرجوا على سامر، دولة تعيد نشر الإسلام وتصل لأسوار الصين وبرلين.

وقد يقول آخر نريد دولة ديمقراطية تحفظ حقوق الجميع، يكون فيصلها الكفاءة ومظلتها القانون.
ويتمنى ثالث دولة علمانية تبعد الدين عن الدولة دونما مساس بأي معتقد.

ويطمح رابع بكذا وخامس بكذا لطالما الأحلام كما الكلام، لا ضريبة عليها ولا وصاية.

بيد أن السؤال الأهم على ما نحسب، أليس حريٌّ بكل الحالمين بكسر جدران الصمت والذل الأسدي، أن يتخلصوا من هذا الحكم الاستبدادي أولاً، قبل أن يتمادوا في أحلامهم، وهم العالمون أن الخلاف على جلد الضبع قبل اصطياده سيحوله إلى أسد ويحوّل الصيادين إلى كلاب.

مرة ثانية بمعنى آخر، كيف لشعب قام على الاستبداد والقمع والوصاية أن ينعت كاتبا بأقذع النعوت لمجرد أن استشهد بفتوى خلافية أراد عبرها التوطئة لمقولة على غاية من الأهمية، بل وربما تكون سبباً رئيس في حالة الاستلاب الذي تعيشه الشعوب الإسلامية، من خلال "عدم الخروج على رأي أولي الأمر" وتجيير كل صنائعهم لما فيه خير الدين والبلاد والعباد.

ولنفرض أن سامر رضوان أخطأ، بل تجنّى وأراد أن يدس السم في عسل الأئمة، ولم تعتبروا ذلك من حقه، إذ ليس لكم بابن حنبل أو مالك أكثر منه، لأنه لا يستأثر بجعفر الصادق ويقصيكم، فهل الرد كان ضمن المنطق الرشيق والهادف الذي استخدمه.

وأيضاً، أليس السبب الأهم لكل ما يجري من خلاف كلل بالدم والثأرية، يعود لخلافات تاريخية، سخرها بعض النكوصيين من الطوائف الأخرى، وإلا كيف نعيب على من يأتي من دول الجوار كي لا تُسبى زينب مرتين، وننهال على سامر رضوان لتوطئته مقولته ببعض خلاف فتاوى.

أما سيادة الرئيس المناضل أحمد الجربا، والذي أطرب لكلام الأخ جون كيري، أن له امتدادا عشائريا يخوّله ويمكنه ويسمح له أن يقطع دابر "داعش" أكثر من غيره، على حدود العراق وسوريا، طبعاً بعد ربط المعونة "نصف مليار دولار" بمحاربة داعش والمتطرفين، وليس بمحاربة ميليشيات المرتزقة وجيش الأسد.

فهو الآخر خرج عن مقولات الثورة والثوار، ليس في مد يده للشيطان كي يتخلص من الأسد فحسب، وهذا موضوع طويل، إذ لا يمكن تبرئة ساسة المعارضة مما آلت إليه الثورة والجنوح الذي رميت به وإليه، فإن غضضنا الطرف عن المال السياسي والتبعية لهذه الدولة أو تلك، لا يمكننا السكوت- أمام التاريخ على الأقل– أنهم كانوا يعلمون بدخول غير السوريين الذين لا ينتمون للروح السورية ولا لثورتها، ليحاربوا على أراضيها...هذا إن لم نقل إن بعض المعارضة سهّلت وأدخلت وربما موّلت وعوّلت.

وأيضاً، الأخ الجربا الذي انقلب على رئيس حكومته، وأيضاً هذا الموضوع جدلي وخلافي، يحاول البقاء على رأس سلطة المعارضة، إن عبر من يمثله في الائتلاف، أو المجيء لرئاسة الحكومة، بعد تعديل الصلاحيات ليتمتع بما يحرم منه أحمد طعمة اليوم.

هذه السلوكيات والاستئثار والتعاطي مع المناصب للأبد، هي أهم أسباب ثورة السوريين، فكيف لهذه الثورة اليتيمة أن تصل مبتغاها، إن كان أهلوها أول من يخرق سفينتها لتغرق، فالتعبير عن الرأي ممنوع والسعي للمناصب ولو على دماء الشهداء وعذرية الصبابا هو الهدف.

لنفكر قليلاً بما آلت إليه سوريتنا جميعاً، وليعمل كل منا وفق تخصصه، لأن ثورة آذار إن وئدت فلن تقوم للسوريين والحرية قائمة وستتعمق دولة القمع ونبكي كما أبي عبدالله كالنساء، وقت لا ينفع البكاء والندم على ثورة لم نحافظ عليها كالرجال.

اللهم هل بلغت اللهم فاشهد..وكل عام وكل قراء الرائعة "زمان الوصل" بحلول شهر الصوم والرحمة، بألف خير.

من كتاب "زمان الوصل"
(191)    هل أعجبتك المقالة (178)

د. فؤاد وكيل

2014-06-29

الحقيقة لقد أجدت وأجزت نعم نريد التخلص من عفن الاستبداد.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي