حيثيات حل مجلس القيادة العسكرية العليا... عمر المرادي

أصدر رئيس الحكومة المؤقتة أحمد طعمة قرار رقم (31) بتاريخ 26/ 6 / 2014, والذي يقضي بـ"حل مجلس القيادة العسكرية العليا وإحالة أعضائه إلى هيئة الرقابة الإدارية والمالية في الحكومة السورية المؤقتة للتحقيق, وإقالة رئيس الأركان العميد عبد الإله البشير وتكليف العميد عادل إسماعيل بتسيير شؤون هيئة الأركان العامة, ودعوة القوى الثورية الأساسية الفاعلة على الأرض في سوريا لتشكيل مجلس الدفاع العسكري وإعادة هيكلة شاملة للأركان خلال شهر من تاريخه".
وردّ مجلس القيادة العسكرية العليا (هيئة الأركان) –تأسس بنهاية عام 2012- ببيان يعلن فيه رفضه للقرار واعتبره "خطأ قانوني جسيم", كونه صادرا عن جهة لا صلاحية لقرارتها على المجلس, لا بحله ولا بطلب الدعوة لتشكيل غيره أو إقالة واستبدال رئيسه, واصفا المجلس القرار بـ "التصرف غير المسؤول", داعيا الائتلاف "لاتخاذ الإجراء المناسب تجاه رئيس الحكومة".
* * * * *
حيثيات وتبعات القرار:
- جاء قرار الحكومة المؤقتة بعد تقديم تسعة من قادة الجبهات ورؤساء المجالس العسكرية المنضوية في مجلس القيادة العسكرية العليا (هيئة الأركان) استقالتهم بتاريخ 14 / 6 / 2014.
- منذ 6 أشهر وحتى تاريخه, تعرض عمل مجلس القيادة العسكرية العليا لشلل كامل, وذلك جراء توقف الدول الداعمة عن دعمه, وتحويل الدعم -على ندرته- مباشرة إلى فصائل عسكرية دون الرجوع لهيئة الأركان.
- قرار الحكومة المؤقتة جاء قبيل انعقاد اجتماع الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري بتاريخ 4و5 / 7 / 2014 لاختيار رئيس جديد للائتلاف.
- مع التأكيد على أنه لا صلاحيات للحكومة المؤقتة لإصدار قرارات مشابهة, ومع ذلك يفتقر القرار لإعلان أسماء اللجنة التحضيرية لعقد هذا الاجتماع خلال شهر, إلا إن تم استدراك ذلك, وإعلان الأسماء في غضون 24 ساعة.
- قد يكون لطلب الرئيس الأميركي من الكونغرس مبلغ 500 مليون دولار "لدعم المعارضة المعتدلة" دافعا مبكرا للحكومة المؤقتة لترتيب البيت الداخلي العسكري, لكن سيكون من (الغباء المُطلق المُكرر) إن تم أخذ مثل هذا الطلب الأوبامي -الوهم الجديد- بعين الاعتبار.
- يعتبر القرار خطوة استباقية من القوى السياسية (ظاهرها الحكومة المؤقتة), خصوصا في ظل التحركات الحثيثة لأحمد الجربا رئيس الائتلاف الحالي لتولي منصب القائد الأعلى لمجلس القيادة العسكرية العليا, بعد تركه لمنصب رئيس الائتلاف, وصولا إلى تشكيل ما يُسمى بالجيش الوطني.
- من غير المستبعد أن (يهدد) رئيس الائتلاف أحمد الجربا بإصدار قرار يقضي بإقالة رئيس الحكومة المؤقتة أحمد طعمة ردا على قرار الأخير بحل الأركان, وهذا ما يعني حل الحكومة, وذلك لدفع كافة الأطراف للقبول بصفقة –هذا ما يحصل غالبا– بين الكتل الرئيسية للائتلاف, يأخذ الجربا بموجبها حق التصرف بهيئة الأركان ويعيد هيكلتها وتحت إشرافه الخاص, على أن تبقى هيئة الأركان مستقلة عن الائتلاف والحكومة, وفق قواعد اللعبة السابقة, في مقابل عدم إقالة الحكومة المؤقتة.
- من الجدير بالذكر أن قرار تشكيل مجلس القيادة العسكرية العليا الحالي كان باجتماع لقادة الجبهات والمجالس العسكرية في نهاية عام 2012, وقرار حله واستبداله يكون باجتماع مماثل كما يُفترض في وضعه الراهن, ولكن لا يُعرف حتّى الساعة من سيدعو لمثل هذا الاجتماع, ولا أعتقد برغبة أعضاء المجلس للدعوة لعقده حتى تاريخ صدور قرار الحكومة المؤقتة.
- كما أنه لا يوجد حتى الآن لوائح تنظم العلاقة بين الائتلاف الوطني والحكومة من جهة وبين مجلس القيادة العسكرية العليا (هيئة الأركان) من جهة أخرى, مع كون الأخيرة ممثلة بـ15 عضواً بالائتلاف, وهذا ما يعيدنا إلى نقطة الصفر.
- لا أحد ينكر ضرورة اعادة هيكلة هيئة الأركان, ومأسستها, وتنظيم العلاقة بينها وبين الائتلاف وبين المؤسسة الجديدة أي الحكومة المؤقتة, وجعل هيئة الأركان تابعة للحكومة وليس العكس أو مستقلة عنها, لكنه أمر غير ممكن في ظل التجاذب العنيف وغير المسؤول من كل كتل الائتلاف.
- لا يخلو قرار الحكومة المؤقتة من إعادة الصراع الإقليمي (القطري -السعودي) للواجهة, ومحاولة إعادة ترتيب (وتقاسم) النفوذ على مؤسسات المعارضة السورية مع انتهاء ولاية الجربا, هو جزء من ذلك الصراع.
- يؤكد قرار الحكومة المؤقتة مجددا الانقسامات الخطيرة الحاصلة بين أجنحة الائتلاف, ومضي تلك القوى وراء سراب وأوهام الدول الداعمة, ما يستدعي ضرورة تدخل الحكماء والعقلاء لوقف التدهور الحاصل على أكثر من صعيد.
مشاركة لــ"زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية