أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الوجه الحقيقي لباراك أوباما

لعل من أغرب مطالب المعارضة السياسية، بمن فيهم قادة التنظيمات، من مجلس وطني وائتلاف، هو ذاك الموجه للولايات المتحدة الأمريكية، لتتدخل في "القضية السورية" لتحسم الصراع في مصلحة الثورة والشعب. 

وكأن واشنطن التي بذلت عبر عقود، المال والخطط وأحياناً الهيبة، وتركت الأنموذج العراقي للقياس والاقتداء، حتى تصل سوريا لما هي فيه وعليه، من قتل ودمار وجهوزية للتقسيم، لتتدخل وتلغي كل المشاريع المعلنة وغير المعلنة، من شرق أوسط جديد وسواه، وتقدم للمعارضة السورية ما يتناسب وأحلامها السياسية، بصرف النظر عن المصالح الأمريكية وما تقتضيه مصلحة الولاية الواحدة والخمسين التي زرعت في الشرق الأوسط.

كان هكذا طرح، قبل المجريات الأخيرة، من ترك نظام بشار الأسد يعيث في سوريا كما يشاء، إن قبل الكيماوي أو بعده، وصولاً لتمرير صفقة الانتخابات وما تلاها في العراق.. كان هكذا طرح يعتبر تحليلا لا يستند إلى ربط زماني ومكاني ومعلوماتي، ولكن بعد كل الذي جرى، إن كان مازال هناك تعويل على الدور الأمريكي، فإنه طرح يدخل في باب المراهقة السياسية، إن كنا لطفاء ولم نقل نعوتاً أقسى.

قصارى القول: وفق ميزان المصالح التي لا تعترف السياسة بسواه، ما هي مصلحة واشنطن في وقف الحرب في سوريا وانتصار الشعب وتحقيق ديمقراطية، وما هي مصالحها على المقلب الآخر، في بقاء الصراع مستمراً لمزيد من توريط إيران وروسيا، وتأصيل العداء السني الشيعي بحيث توقظه أنى تشاء، اللهم إن نام بعد الذي يجري، ليكون الحل في النهاية بيدها فقط، وليس من حكم مخوّل بإطلاق صافرة النهاية، بعد دخول جميع اللاعبين على الساحة السورية.

هذا إن لم نستفض ونربط مصالح إسرائيل وترضية السعودية صاحبة الـ11 مليون برميل نفط، وتهديد الخليج العربي برمته، إن بفزاعة إيران الفارسية صاحبة المشروع الشيعي، أو بتفجير الإمارات والممالك التي تحمل عوامل الانفجار أكثر من سواها.

ما يعني نتيجة، وبعد تقليب كل عوامل وأسباب الصراع والمستفيدين، أن في مصلحة واشنطن إبقاء حالة الصراع والقتل، حتى يستوي الأمر وفق حل مناسب، وقد يكون التقسيم هو المشتهى الأمريكي بعد ما قاله البيت الأبيض اليوم" ليس لدى واشنطن القوى التي تبقي العراق موحداً".

أما على المقلب السوري، والذي لن ننسى بعد، دور الولايات المتحدة في تغيير شكل الصراع وحرفها لسكة ثورة السوريين، إن بشكل مباشر عبر تصريحات هيلاري كلنتون السباقة في "ارحل يا بشار" أو عبر الإيعاز لدول الخليج في ضخ المال السياسي والاختلاف حول دعم تيارات المعارضة السياسية والعسكرية، وهو السبب الأهم في كل ما يجنيه السوريون اليوم.

لجهة سوريا، ولأن المعركة انتقلت "إلى فوق الطاولة" أعلنها باراك أوباما أمس، بأن المعارضة السياسية السورية المعتدلة عاجزة عن تقديم بديل لسلطة الرئيس بشار الأسد.

ففي مقابلة تلفزيونية قصيرة بثتها محطة "سي بي إس" الأميركية، رفض الرئيس الأمريكي تحميل إدارته أي جزء من المسؤولية عن فراغ السلطة في أي من المناطق السورية. ورأى أن الانطباع السائد لدى البعض، بأن المعارضة السورية المعتدلة قادرة على إلحاق الهزيمة بنظام بشار الأسد، غير صحيح مطلقاً.

ولم يفت أوباما أن يعبر عن إحباطه من المعارضة السياسية السورية، أو يعبر عن تخوفه من قوى "الإرهاب والمتطرفين" لأن في تلك الثنائية، لازمة لا بد من عزفها، على الأقل، كرمى لدافع الضرائب الأمريكي.

نهاية القول: ربما لم ينتظر كثيرون تصريحات أوباما ليتأكدوا من أن مصلحة واشنطن في بقاء الصراع والديكتاتوريات، إن في سوريا أو العراق أو حتى الخليج العربي، لأنه ووفق أبسط المقاييس النفعية، قد تتأذى مصالح الولايات المتحدة ويحيق الخطر بإسرائيل، إن بلغت دول المنطقة منطقة الديمقراطية ونالت حقوقها. لذا تفعل واشنطن ما يناسبها ويحقق مصالحها، ولا تعير اهتماما لمصالح سواها التي عادة ما تسوّق عبر التسول والاسترحام والمراهقة.

ليبقى السؤال عن الخطة البديلة، بعد أن وضعت المعارضة السورية كل بيضاتها في سلة الولايات المتحدة ومن والاها، بل وقطعت الطرق جميعها المؤدية لحل عن غير طريق واشنطن.

قد لا يكون الوقت مناسبا الآن لتولي المعارضة السياسية أذناً لما قاله الرئيس الأمريكي، لأن الوصول إلى كرسي رئاسة الائتلاف يشغل الساسة المنقسمين على أنفسهم عبر تحالفات وارتباطات، يندى لسماع أخبارها الجبين، وكأنهم كانوا ينتظرون ثورة نبلاء سوريا ودم أحرارها، ليعوضوا عقد النقص في دواخلهم، إن تجاه الكراسي والضوء، أو تجاه التأكيد للجميع بأنهم ساسة دفعوا سني عمرهم في سجون الأسد.

لا أعلم يقيناً إن كان بالوقت بقية، على الأقل للتعويل على الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، ليكون قارب نجاة للسوريين، بعد أن علا الموج وتاه قادة مركبهم في إيصالهم لبر أمان، رغم ما سطروه للتاريخ، أنهم الأعظم والأحق، في ثورتهم وتصميمهم وتضحياتهم.

من كتاب "زمان الوصل"
(174)    هل أعجبتك المقالة (197)

اسماعيل كيالي

2014-06-22

الرهان منذ البداية على المملكة العربية في دعم الثورة السورية اليتيمة كان رهانا خاسرا , لأن النظام السعودي لايهمه لا من قريب ولا بعيد تحرر السوريين من نظام العصابة الطائفية الفاشية , والكل يعرف أن دخول النظام السعودي على الخط كمدافع وحامي للسنة في سوريا إنما هو كلام فارغ لاقيمة له وهو قد أتى بضرر فادح على المجتمع السوري ككل , حيث طغى الفكر الديني المتزمت والمتطرف القادم من السعودية على المشهد وطبعه بهذا الطابع المرعب والمخيف وقدم للنظام دعاية مجانية ليستخدمه ليس لكسب الغرب فحسب بل حتى لجعل قسم لايستهان به من السوريين مترددين في تأييدهم للثورة . ويجب أن لاننسى الدور المضاد لثورات الربيع العربي المتمثل في دعم النظام السعودي للانقلاب العسكري في مصر والأثر السلبي لذلك على الثورة السورية..


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي