جائزة نوبل لبشار الأسد؟!

قبل أيام من موعد الانتخابات الرئاسية السورية الموافق لليوم الثالث من حزيران (يونيو) 2014، صرح الرفيق المناضل الجنرال ميشيل عون، بأن الرفيق المناضل الدكتور الفريق الركن بشار الأسد يستحق جائزة نوبل للسلام! ليس بسبب إقدامه على قتل ربع مليون سوري، وسجن ربع مليون سوري آخر، وتشريد ثلث الباقين على قيد الحياة من أبناء المجتمع السوري في المخيمات ضمن البلاد السورية ودول الجوار، وتَمَكُّن طويلي العمر منهم أن يعبروا إلى أوروبا دون أن يغرقوا في بحار الله متلاطمةِ الأمواج، وتحقيقه خسائر للاقتصاد السوري والثروة القومية السورية قدرت بـ 144 مليار دولار حتى الآن،... وإنما لأنه- كما أوضح سيادة الجنرال عون- يحارب الإرهاب!
المشكلة ليست هنا أعزائي القراء. المشكلة هي أن الرفيق الجنرال ميشيل عون تحدثَ عن الرفيق الفريق الدكتور بشار الأسد كما لو أنه رجل موجود على رأس هرم السلطة السورية بالـ“مصادفة”!... أو أنه “مقطوع من شجرة”! أو كما لو أنه- حاشاكم- “لقيط”! أو أن “شرشه على البلاط”! وكأن هذا “الجنرال العوني” لا يعرف أن “هذا الشبل من ذياك الأسد”، وأن بشار منحدر من سلالة كلها مختصة بمحاربة “الإرهاب”! فوالده، القائد التاريخي الخالد، الرمز، الضرورة، الفريق، الركن، حافظ بن سليمان الأسد، كان أشدَّ منه بأساً وشكيمة في هذا المجال بالذات، بدليل أنه، وبعدما قتل في أوائل الثمانينات مئتي ألف سوري، في حماه، وفي سجن تدمر، وفي حلب، وفي جسر الشغور، أعطى لنفسه بضع سنوات تَمَكَّنَ خلالها من تمشيط البلاد السورية بالطول والعرض والورب، لم يترك خلالها على الأرض من الإرهابيين “دَيَّارا”، وبعدها، وبالتحديد في سنة 1990، سَيَّرَ حملةً عسكرية كبرى، برعاية أمريكية فاخرة، وهاجم الجنرالَ ميشيل عون في عقر داره في “جونيه”، وطفق يدكُّه بالمدفعية والطيران وراجمات الصواريخ، حتى لعن “أبا” العون الكبير، وأجدادَه، وسنسفيلَه، وأجبره، بالحذاء العتيق، على اللجوء إلى السفارة الفرنسية ببيروت، تمهيداً لإذلاله، وإخراجه من دياره صاغراً.
إذا كان الجنرال ميشيل عون الذي أذله حافظُ الأسد، (هو نفسه وليس ثمة تشابه في الأسماء) الذي يدعو الأكاديميةَ السويدية لأن تمنح بشار الأسد جائزةَ نوبل للسلام، فلا شك بأن الأسد يقدر هذه المبادرة الكريمة حق قدرها، بدليل أنه صرح، في اليوم الحادي عشر من حزيران (بعد فوزه الكاسح، في الانتخابات الرئاسية، على منافسيه الشرسين ماهر حجار وحسان النوري) أنه يرحب بترشيح الرفيق العماد ميشيل عون لرئاسة لبنان، لأنه، باختصار: رجل وطني، غير طائفي، مؤمن بالعروبة!
لقد اعتاد الناس في بلادنا، عبر العصور، على استخدام أوصاف مبتكرة للأشخاص الذين يتحدثون عنهم.. وهذا- لعمري- دليلُ بلاغة وعبقرية.. فحينما يسمعون تصريحاً كتصريح الأسد لا يقولون إن قائله شخص ذكي ولماح بل يقولون إن تصريحاً فذاً كهذا لا يمكن أن يصدر إلا عن رجل “نوبليّ”!... فالرفيق العماد عون رجل “وطني”، فعلاً، لأنه كان من أوائل اللبنانيين الذين قاوموا الاحتلال السوري الأسدي للبنان، ومن أشرس المطالبين برحيل عصابة آل الأسد...، ولكنه اكتشف، بعد لأي، أن “الوطنية” تقتضي أن توضع بلادُهُ تحت سيطرة الدولة الكبرى التي يَتْبَعُ لها الأسدُ نفسه، والنظامُ السوري نفسه، ألا وهي “إيران”، فلم يكن لديه مانع من إحكام هذه السيطرة على بلاده، ومنع أبناء بلده اللبنانيين من اتخاذ أي قرار وطني مستقل يخص بلادهم.. وهو، من دون أدنى شك، رجل غير طائفي، بدليل أنه يتخلى عن تعاليم المسيحية التي تدعو إلى الإخاء والمحبة والتسامح، ومعظم تياراتها تدعو إلى فصل الدين عن الدولة، ويمشي وراء حزب طائفي إرهابي متخلف يعتدي على الشعبين السوري واللبناني تحت راية الانتقام لأشخاص عاشوا على هذه الأراضي قبل 1400 سنة.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية