أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حزب الله وداعش :إخوة الرضاعة

النية في (الاحتكار) كانت نواة التأسيس منذ انسلاخه عن حركة المحرومين إلى أن أصبح حزب الرب

أطرف ما جادت به علبة الشعارات المبسترة في الفترة الماضية، ما صرح به أمين عام حزب الله اللبناني الإيراني المشترك: بأن الطريق إلى فلسطين يمر عبر سوريا، لكنه نسي أن يدلنا على الشاخصات المرورية التي قادته إلى هذا الاستنتاج السوريالي الأدهم.

إذ لم أجد في القاموس الجغرافي ولا الدلالي المستنير منه والمستظلم، أن تعبيد الطرق بالدم والفوارغ من الكلمات المتسترة على الهدف، يمكن أن يضاف إلى مفردات قاموس الممانعة التي صفقنا لها يوم تحرير الجنوب، وقد كنا وقتها مسكونين بانتظار حالة انتصار لهوية مقموعة ذليلة منذ بداية الاستقلال الوهمي للكانتونات التي تسمى دول الوطن العربي.

نعم صفقنا -بتواطؤ- لميليشيا هربت من تسوية (الطائف) وغضضنا النظر قصداً عن هويتها الطائفية وسلاحها الذي قوض فكرة الدولة في لبنان من أجل حفنة زغاريد، ولم نكن ندري أن هذه الزغاريد ستكون بمثابة الخنجر الذي يغرز في صدرنا، نظراً لاكتشافنا حجم الغباء التحليلي الذي أفهمنا أن نقد الفكر اليومي لا ينتج استراتيجية قراءة للقادم، ولا يفرز إلا عماء الوهم وندم التهليل.

وانطلاقاً من (اسم الحزب) المتحرر من وزنه المادي والتاريخي ... نجد أن النية في (الاحتكار) كانت نواة التأسيس منذ انسلاخه عن حركة المحرومين إلى أن أصبح حزب الرب، وحزب الحقيقة، وحزب الفضيلة، وحزب المقاومة وحزب الأنظمة الاستبدادية القمعية بعدها.

وبحركة مدرسية صرفة، أجد أن تناقضاً عنيفاً حدث عند فئة يسارية السلوك انحازت لحزب الله وتصدت لحزب الإخوان المسلمين بشقيها الداعشي والمعتدل، معتبرة أن الأول مفخرة مقاومة، و الثاني شيطان الإقصاء.

ولا يمكن فهم هذه اللعبة التي يتوهم أصحابها أنها فكرية المنبع إلا من زاوية الكسور التي تطفو على سطح الماء حين ترتبط بمصالح لا أرجح أن تكون عقلية المنبت على الإطلاق ولا ترتبط بكرامة الباحث. 

فالفروق الفاصلة بين كلا التنظيمين من الناحية التوصيفية تكاد تتطابق في وحدة الشكل والنهج وحتى الأسلوب:
1- كلا الحزبين قام على إيديولوجيا دينية لا تقبل الآخر إلا بوصفه تابعاً 
2- تاريخهما ملوث بالدم، ونشاطهما مرتبط بتصفية الآخر المختلف والناقد، فحزب الله قتل المفكرين الكبيرين مهدي عامل وحسين مروة، والآخر قتل فرج فودة والقاضي النقراشي.
3- رفع التنظيمان راية عداء إسرائيل ...وبذلا لأجله الكثير من أجل كسب حاضنة شعبية تؤهلهما للسيطرة على مفاصل أي دولة يستطيعون التحرك ضمن فضائها بحرية ...بل وصل الأمر بالإخوان إلى اغتيال رئيس الجمهورية المصرية حين وقع معاهدة السلام مع العدو.
4- تغير الشرط المعلن للنشاط الموجه للخارج بأن توجه السلاح لكلا التنظيمين للداخل وبدأ يخسر البطانة المؤيدة.
5- انتقل نشاط الفصيلين من الاغتيال الفردي إلى المجازر الجماعية وبسرعة متماثلة.
6- بقي حزب الله محافظاً على ذات الشعارت التي تبيح للآخر التفكير والنشاط العقلي والديني بحرية تامة كما فعل شبيهه، لكن المنظومة السلوكية كانت مناقضة وبشكل فاضح لها ...وما القباحات التي أعنها الإخوان في مصر على مجموعة من الفنانين الكبار إلا ضرباً من ضروب وهم السحق السياسي الذي يريد فرض شروط سلوكية ...وعلى المقلب الآخر حين يحرم حزب الله على لسان أمينة العام الموسيقى والفن ويعتبرهما حراماً قاطعاً لا لبس فيه، فإنما يفتح الباب على مصراعيه لاحتلال عقلي لا يختلف عن الاحتلال الذي يمارسه الإسرائيلي من خلال تمدد يسعى له كل فريق لفرض وصايته تحت ذرائع يجدها مرضية لمصالحه وجمهوره.
7- الشريعة هي الفيصل عند الاثنين ...ولكن أحداً منهما لم يسأل نفسه إن كانت هناك شريعة واحدة يمكن أن تحكم الأرض بكتبها ورسلها ويومها الآخر ويومها الحالي.

في هذا السياق ...لا يعنيني البعد المذهبي لهذين التنظيمين ولا ما يعبدان ولا ولاية أي منهما لأي فقيه أو بلد ...فهذه مسائل لا يجوز المساس بها ولا مهاجمتها ولا تحقيرها أو الاستخفاف بها ...فالردود الرخيصة والشتائم التي تعيب أصحابها أكثر ممن يُشتمون هي مهنة الفراغ والفارغين ...ما يعنيني أن تتحفز شعائرك لتطال حريتي ...وأن تستخدم خصومتك السياسية لإطلاق الرصاص علي وعلى أهلي متذرعاً بصداقتك لنظام هو في الأصل خصم وقاتل ومنتهك لأي فضاء مختلف ومخالف فكيف بآلاء شعائرك تمرر فلسطينك من سوريتي.

كل ما جاء سابقاً للمرور على جملة أراها على الأقل مفتاحاً للتمييز بين حرب محددة بالزمان والمكان يسوق لها اليسار المؤيد لبشار الأسد ونظامه الفاشي متذرعاً بالقضاء على الإرهاب، وبين حرب مفتوحة الزمان -على الأقل- لعقيدة حزب الله الذي يقاتل من أجل المهدي والانتقام من يزيد ومعاوية وعمر ومن شابههما من خصوم تاريخيين مع تياره الديني، ويبذل من أجلها دماء أهلنا في سوريا تحت ذريعة حماية أماكنه المقدسة التي عجز نظامه الحليف عن حمايتها...لكن على ما يبدو نسي الأمين العام وحزبه المعتدي على حدود شعب استضاف أنصاره في حرب تموز ...أنه صرح وبشكل واضح وبشكل ترويجي سياحي للاستبداد ...بوجهه الديني والسياسي حين قال: الإمام الخميني صاحب الزمان والملزم قراره، أعلم من العلماء المجتهدين بحال لبنان بل أعلم من اللبنانيين أنفسهم بذلك، وأن الخصوم السياسيين له هم أعداء الله ولا يجوز بيعهم سلاحاً، ثم زاد بيتاً خطيراً على قصيدته مكسورة الوزن حين قال: نسعى لأن يكون لبنان ليس جمهورية إسلامية واحدة وإنما جزءاً من الجمهورية الإسلامية الكبرى التي يحكمها صاحب الزمان ...من هنا يسقط التيار اليساري المتحذلق المناصر للأسد في تأسيس جدل شالح ولابس بدلا من صاعد وهابط ...وقد مروا بمرحلتين:
شلحوا عقولهم حين أصابهم الهلع من داعش التي تريد إقامة دولة إسلامية في العراق والشام ...لكنهم لبسوا صمتاً وقحاً حين صفقوا لداعش (أقدم) من حيث التأسيس والأحلام والخطابات العلنية ... وهي تريد فرض الدولة الإسلامية المماثلة نفسها ..وإنما بشريعة مفصلة بمقاسات الاستبداد الفقيه وبمناصرة نظام يدعي علمانية الوجه.

وكلامي لا يصب في تذكية الخطاب الطائفي المقيت الذي انتشر بتجاوب مدهش مع إرادات الأنظمة التي تمت الثورة عليها، بل من باب نقد الخطاب المعلل بالموافقة هنا والاعتراض هناك ..على الخطة ذاتها والبنية الأصولية نفسها.







من كتاب "زمان الوصل"
(193)    هل أعجبتك المقالة (241)

د. فؤاد وكيل

2014-06-20

أتصور بأنه المقال الأهم الذي كتب منذ سنتين في نقد تصرفات حزب الله ، بورك عقلك الذي يدهشني ويدهش الكثيرين أستاذ سامر.


واحد سوري

2014-06-21

حزب الكذب والمتعه.


@@علي الأزرقي العراقي@@

2014-06-21

مو تافه إلا أنتي يا Samo Lamor وسيدك حنش.


التعليقات (3)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي