أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الائتلاف... الغائب الوحيد عن المشهد العراقي

أياً كان سيناريو سقوط المدن العراقية، إن عبر "داعش" كما تسوّق بعض وسائل إعلام الممانعة والإعلام السعودي، بهدف "شيطنة الحالة" وتغييب حقوق العراقيين بعد إقصائهم من حكومة نوري المالكي، أو –السقوط - من خلال وقوف الشعب العراقي الذي قُمع ببداية ربيعه عام 2012 كما تقول الحقائق على الأرض، أو كما تسوّق وسائل أخرى، في مصلحتها تعويم الثورة العراقية، وإن عبر "داعش".

أياً كانت الأسباب، فالخطر لا يتغيّر لجهة سوريا، إن لما يتعلق بالثورة أوالحدود. ومن ثم، الخطر لاحقاً على الجيش الحر، ما يدعو لاستنفار يوازي حجم الحدث الذي رأينا وقرأنا ردود أفعال إزاءه، من واشنطن فموسكو فلندن وباريس، ولمس المتابع التدخل الإيراني الذي بلغ حدود وصول قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إلى بغداد، ودعوة الرئيس حسن روحاني للتشارك عسكرياً مع "الشيطان الأكبر" وخليجي يدعو لاجتماع طارئ لمجلس التعاون.

في حين كلل موقف" ممثل الثورة السورية" بالصمت، وكأن ذهنية الأسد الأب التي كانت تنتظر "جلاء الضباب" هي المسيطرة على ردود أفعال الائتلاف، أو ربما لم يوحَ له كما أوحيَ بمباركته بفوز المصري عبد الفتاح السيسي برئاسة مصر. 

بداية القول: لاشك أن تحديد موقف جدي مما جرى في العراق، أمر فيه من المقامرة، ما قد لا تحمد عقباها، وذلك نظراً للحالة المركبة، فداعش التي تجهض الثورة السورية، هي ذاتها التي تحارب ممولي الأسد، وقد تعود قريباً إلى سوريا -رغم أنها لم تخرج ولم توقف حربها في قرى دير الزور- ولكن بعتاد وعديد، يغيّر ربما من المشهد السوري برمته.

وقد يتمخض عما سيجري على تخوم بغداد، بداية لتأسيس جيش شيعي، بعد دعوة رئيس الوزراء العراقي لجيش رديف، والفتاوى التي أتبعها رجال الدين حول "الحرب المقدسة"، مدعوم وممول دولياً، ليكمل مشهد الحرب الطائفية التي أول ما ستأكل الثورة السورية، وتدخل المنطقة برمتها في الحرب على الإرهاب، وربما لأمد طويل.

وقد يكون غير ذلك، أو ربما عكسه، فقادمات الأيام ستكشف ملامح كل المفاجآت، إن لما يتعلق منها بالتوقيت، أو بانهيار الجيش العراقي، المدرب والمسلح أمريكياً، أو حتى التعمية والصمت الدوليين..حتى اليوم على الأقل.

وسيكشف لا محالة، دور إيران بكل تفاصيل الحرب الجديدة، سواء كانت صنيعتها بالتشارك مع المالكي المنتهية ولايته، وفي هذه الحالة، أستسيطر طهران وبغداد على "اللعبة" أم سينقلب السحر على الساحر...أم خرج الاجتياح "عن شورهما" ، بحسب المثل الدمشقي القديم.

لكن كل تلك الاحتمالات والتخوف منها، إن برر الضبابية في السياسة والمواقف الدولية عامة، قد لا يكون له مبرر لما يتعلق بسوريا وموقف الائتلاف، فنحن الأكثر تأذياً، ربما وأكثر من العراقيين أنفسهم.

قصارى القول: ما يحدث في العراق اليوم، بداية لخطر داهم، ولمرحلة مختلفة لجهة العمق والتوجه، وعلى الأرجح ستحرف مسار الربيع العربي برمته، لتأكل ثورة العراقيين التي دفنت في مهدها قبل عامين، ومن ثم تهدد حلم ومصير السوريين.

ما يعني، وهو مربط الفرس، ضرورة وجود رجالات سياسة من عيار وطراز مختلفين، رجالات تكون فاعلة في رسم حركة النار اليوم، ليأمنوا من ألسنتها غداً، لا متفرجين يعولون على واشنطن التي رمت بعود الثقاب، بعد أن هيأت كل أسباب الاشتعال والانفجار.

نهاية القول: بحرقة نسأل عن دور الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، ففي الوقت الذي تتغير خلاله خريطة المنطقة، كانت هيئته السياسية تخضع لدورة دبلوماسية، كما لم يوقف الحدث العراقي على جسامته، التنازع والتجاذب بين كتل الائتلاف، وانشغالهم بالرئاسة المقبلة، بعد انتهاء فترة أحمد الجربا بنهاية الشهر الحالي.

فهل ما يمنع لدعوة الهيئة العامة لاجتماع طارئ، يتم خلالها توزيع الأدوار، وإن على المقلبين، لضمان عدم الاحتراق بنار وقودها الشعب والحلم، ولو بفعل سياسي يمسك العصا من المنتصف، بدل من رمي بعض رموز الائتلاف ببوز المدفع، عبر مقالات رأي وزوايا صحفية، ليتهم الائتلاف وربما المعارضة برمتها، بما يعطي مبررا للقوى المقبلة، للقصاص والحرب وقتل الأمل السوري اليتيم.

من كتاب "زمان الوصل"
(220)    هل أعجبتك المقالة (193)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي